“المحافظات المحررة” تحت سيطرة المافيات: جهات متنفّذة تتلاعب بأراضي الدولة والمواطنين في ديالى العراقية

“المحافظات المحررة” تحت سيطرة المافيات: جهات متنفّذة تتلاعب بأراضي الدولة والمواطنين في ديالى العراقية

ما زالت المحافظات الغربية في العراق، التي تسمى بـ”المحافظات المحررة”، تعاني من آثار سيطرة تنظيم #داعش عليها، رغم مرور أربع سنوات على طرد التنظيم المتطرف منها.

إلا أن معاناة سكان هذه المحافظات لا تقتصر على قتل وتهجير وتغييب آلاف من أبنائها، أثناء معارك التحرير وبعدها، ودمار البنية التحتية والأبنية السكنية، بل أيضاً حالة الفوضى والفساد في الدولة العراقية، فضلاً عن ممارسات بعض القوى، التي تعتبر نفسها من حرّر تلك المحافظات من سيطرة الإرهاب.

في محافظة #ديالى، إحدى المحافظات المحررة، تبرز بقوة عمليات نصب واحتيال وتزوير في الأوراق الرسمية، الخاصة بعدد كبير من الأراضي الزراعية العائدة للدولة العراقية وسكان المحافظة، ما جعل كثيرين مهم يخسرون مصدر رزقهم الوحيد، متهمين ما يسمونها «مافيات الأراضي»، المدعومة من جهات متنفّذة في السلطة، بالمسؤولية عن ذلك.

 

نصب واحتيال

«كان لايعلم أن الأرض التي اشتراها تابعة للدولة»، بهذه الجملة يبدأ “أحمد جواد”، أحد مزارعي ديالى، سرد قصة والده، الذي وقع ضحية لخداع مافيا محلية، تزّور سندات أراضي زراعية، تعود ملكيتها للدولة، ولا يمكن لأحد التصرّف بها، ثم تبيعها للمواطنين، الذين يكتشفون فيهما بعد أنه لا حق لهم في الأراضي التي دفعوا ثمنها.

ويقول “جواد” لـ«الحل نت»: «هربت عائلتنا من المحافظة خلال فترة سيطرة داعش، وبعد التحرير اشترى والدي، من خلال بيع ما  تمتلكه والدتي من مصوغات ذهبية، أرضاً صغيرة قرب مدينة #بعقوبة، مركز محافظة ديالى، وبعد فترة جاءت جرافات تابعة لجهات رسمية، لتهدم وتمسح كل ما بناه أبي على أرضنا الجديدة. فملكية الأرض لم تكن للمافيا التي اشتريناها منها، بل للحكومة العراقية، التي اعتبرت وجودنا على أرضها تعدياً على أملاك الدولة».

ويتابع سرده بالقول: «أقنعت والدي بالتقدم بدعوى قضائية، إلا أننا لا نعلم ضد مَن سنرفعها، فمَن يمارس النصب والتزوير في وضح النهار، ويتلاعب بأراضٍ تابعة للدولة، لن يخاف منّا، أو حتى من سلطة المحاكم».

 

في انتظار تدخّل الدولة

“عبد الله الحيالي”، قائممقام قضاء بعقوبة، يقول إن «مافيات الأراضي برزت في بعقوبة بعد عام 2014، وهي تستولي على الأراضي عبر وثائق مزورة، بتواطؤ وتسهيل بعض الموظفين، سواء المرتشين، أو الخائفين على حياتهم، إن لم ينفذوا طلبات المافيات. وتعمد المافيات إلى تقسيم الأراضي، وبيعها بمبالغ كبيرة، تصل إلى عشرات ملايين الدينارات».

ويؤكد المسؤول المحلي، في حديثه لـ«الحل نت»، أن «بلدية بعقوبة أحبطت مؤخراً الاستيلاء على أكثر من مئة دونم من الأراضي الزراعية، ونشرت مفارز من الشرطة، لمنع عودة سيطرة الجهات المتنفذة على تلك الأراضي من جديد».

مضيفاً: «وزارة المالية العراقية هي أكثر الجهات التي تقع تجاوزات على أراضيها، خاصة في أطراف بعقوبة. وقد كان من المنتظر أن تتحول أراضي الوزارة إلى مناطق ذات فائدة اقتصادية، لو جرى استثمارها، إلا أنها صارت عشوائيات سكنية، ربح بفضلها المزورون مئات ملايين الدنانير».

ويختتم “الحيالي” حديثه بالقول: «فاتحنا محكمة تحقيق بعقوبة والادعاء العام لتحريك القضاء ضد تلك المافيات، كما طالبنا محافظ ديالى “مثنى التميمي” بتجهيز قوة أمنية، لمنع التعديات على الأراضي، ومازلنا ننتظر الرد على مطالبنا حتى الآن».

وكان “مثنى التميمي”، محافظ ديالى، قد اكتفى سابقاً بنصيحة الأهالي بـ«عدم شراء أراضٍ دون التأكد من الجهة التي تملكها، خاصة في بعقوبة ومحيطها، لتفادي الوقوع في فخ الاستغلال، ومحاولات البعض جني الأموال دون وجه حق، وبطرق ملتوية».

 

ملف خطر

مسؤول محلي من ديالى أكد لـ«الحل نت» أن «حجم التجاوزات على أملاك الدولة في ديالى ضخم للغاية، وتصل قيمته إلى عشرات مليارات الدنانير، وبسبب هذه التجاوزات ضاعت أراضٍ كثيرة، خاصة في مناطق “العظيم” و”العيثة” وأطراف “المقدادية”».

المصدر، الذي رفض كشف هويته خوفاً من الاستهداف، بيّن أن «عدد المتضررين كبير جداً، فقد خسر ربع أهالي ديالى أراضيهم نتيجة ممارسات المافيات، ومع عدم جدية #الحكومة_العراقية في حل الموضوع، فمن المتوقع أن تستمر عصابات سرقة الأراضي بمزاولة نشاطاتها، معتمدة على الجهات المتنفّذة، التي تدعمها وتحميها في #بغداد، وخوف الأهالي من مواجهتها، نظراً لارتباطها بقوى حزبية وميلشياوية».

مضيفاً: «هناك جهات في السلطة تعتبر هذه الأراضي مصادر تمويل لها، وهناك حالات نصب، يقوم بها أشخاص يعملون لحسابهم الشخصي، يمتلكون النفوذ والسلاح، ولديهم ارتباطات وعلاقات واسعة بتلك الجهات».

أما عن آلية النصب فيشرح المصدر: «يستغلّ المحتالون غياب كثير من أصحاب الأراضي، ويزوّرون أوراقها الرسمية، ثم يعيدون بيعها لأكثر من شخص في آن واحد، وهناك من يزّور أوراقاً لأراضٍ تابعة لوزارات الدولة، ويعيد بيعها من جديد».

ويستدرك المسؤول المحلي بالقول: «هناك طرق اخرى للاعتداء على الأراضي، لا يمكن تصنيفها في خانة النصب والاحتيال، بل الهجوم العنيف على أرزاق الناس، مثل أن يجبر رجال المافيات، بقوة السلاح، أصاحب الأرضي على الزراعة، ثم يقاسمونهم ربع المحصول».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.