رغم التوقعات العديدة بتوقف عمل #المصارف الخاصة في #سوريا، بفعل تأثرها بالحرب داخل البلاد، وتدهور الأوضاع #الاقتصادية وانخفاض قيمة العملة المحلية بشكل كبير على مر السنوات الماضية، إلا أن أغلب تلك المصارف خالفت التوقعات وحافظت على وجودها ولكن ضمن نطاقات عمل محدودة.

إضافة إلى ما سبق فإن بدء إقرار عقوبات “قيصر” منذ منتصف عام 2020، ومن ثم إصدار الحزمة الخامسة من العقوبات (كانون الأول 2020) وإصدار عقوبات مباشرة ضد “مصرف سوريا المركزي”، عاود من جديد تأكيد البعض على عدم إمكانية عمل غالبية تلك المصارف كون #العقوبات طالت المركز الرئيس الذي يرتبط بنطاق أعمالهم على اختلافها، إلا أن تحديات تلك العقوبات تم تجاوزها والحفاظ على النشاط حتى ولو بشكل محدود.

يبلغ عدد المصارف الخاصة في سوريا 13 مصرفاً، تعود أصولها إلى مؤسسات مالية عربية ودولية، لم تتخذ معظمها قرار الانسحاب نهائياً من السوق السورية، بسبب أن #العقوبات التي طالت “مصرف سوريا المركزي” لم تكن “ذات تأثير قوي” بحسب الباحث الاقتصادي “فراس شعبو”.

وأضاف شعبو لموقع (الحل نت) أن «العقوبات التي طالت سوريا خلال الحزم الفائتة لم تستهدف سوريا كدولة بل كانت تستهدف أفراد وكيانات بأثر تحذيري وليس عقابي شديد، فقد كانت عقوبات غير مؤثرة في العمق، وهذا ما أعطى المصارف الخاصة فرصة البقاء في سوريا حتى الآن».

ولعل من أبرز ما يفسر عدم تضرر المصارف الخاصة بالعقوبات على المصرف المركزي، يأتي من خلال آلية التعاطي الأميركي مع المصارف الخاصة العاملة داخل الدول التي تطالها عقوبات اقتصادية، حيث تستثني تلك المصارف التي لا تحوز فيها الشركة الأم على أكثر من نصف الأسهم في المصرف، وهو ما ينسجم مع عدد من المصارف من بينها، بنك “بيمو السعودي الفرنسي”، و”بنك بركة”.

وحيال ذلك يبين الخبير الاقتصادي “أسامة قاضي” أن رجل الأعمال “رامي مخلوف” (ابن خال بشار الأسد) كان يملك قبل عام 2011 نسب كبيرة مختلفة في أكثر من 10 مصارف خاصة.

وتابع قاضي خلال حديثه لموقع (الحل نت) أنه إضافة إلى مخلوف فإن كل أموال رجال الأعمال في شركتي “شام القابضة” و “دمشق القابضة” كانت في تلك المصارف، لذا فإنه من غير المؤهل أن تغلق، كون الدعم المالي الوفير كان حاضراً إضافة إلى أن هذه الشخصيات تعتبر الداعم الإقتصادي الرئيسي للحكومة السورية وفي ظل انسحاب مصارفها سيؤدي إلى انهيار كامل للاقتصاد.

بعد عام على توقيع الرئيس الأميركي السابق “دونالد ترامب” قانون “قيصر”، وفي ظل استمرار الولايات المتحدة الأمريكية باتباع استراتيجية “الضغط الاقتصادي” على السلطات السورية وداعميها، عبر فرض عقوبات على شخصيات وكيانات اقتصادية، إذ تعتبر #واشنطن أن هذه الخطوات تدفع السلطات السورية إلى تقديم  تنازلات.

ورغم فرض واشنطن عقوبات على أكثر من 100 شخصية وكيان اقتصادي، خلال الأشهر الستة الأخيرة من العام الفائت، إلا أن ما كان يختلف عنها هو الحزمة السادسة والأخيرة -حتى الآن- من العقوبات التي فرضتها وزارة الخزانة الأميركية، في 22  كانون الأول، هو إدراج “مصرف سوريا المركزي” على لائحة العقوبات.

وبحسب البيان الصادر عن وزارة الخزانة، آنذاك، فإن «مصرف سوريا المركزي ينظم عمليات مصارف القطاع الخاص وشركات الخدمات النقدية في الأسواق، ويعمل بمثابة وكيل المالية والإيداعات للحكومة السورية».

اتفق شعبو مع قاضي، وأشار إلى أن «جزء كبير من المصارف الخاصة كان تعود ملكيتها لرجال أعمال محسوبين على الدائرة الضيقة لسلطة الحكومة، وبالتالي الحديث عن خروجها ليس بالأمر السهل، لأنهم محسوبون على السلطات السورية وداعمين لها، و خروجهم أمر غير ممكن، كذلك وجودها كان مغذي أساسي لعمليات القطع وعمليات الاستيراد والتصدير».

المصارف الخاصة في سوريا لها تجربة طويلة في التعامل مع العقوبات، لأن النظام المصرفي السوري خاضع للعقوبات الأوروبية والأميركية منذ سنوات عدة، لذا فإن استمرار عمل المصارف كان غير مستغرب لدى بعض الاقتصاديين، حتى إن خفضت عدد فروعها في سوريا أو حجمت نشاطها بالحد الأدنى، إلا أنها تبقى تنتظر مرحلة الجني الحقيقية للأموال، وفق شعبو.

وتابع في حديثه أن المصارف فضلّت “البقاء في سوريا” و”الصمود والانتظار لفترة #إعادة_الإعمار” على اعتبار أنها فترة جني الأموال بالنسبة لهم.

ماذا تعمل المصارف حالياً؟

وحول طرق المحافظة على بقاء المصارف وعدم خسارتها الكبيرة للأموال، أشار شعبو إلى أن المصارف الخاصة تعمل بالحد الأدنى، حيث توقفت عمليات الإقراض لا سيما في ظل تدهور قيمة العملة السورية، وزاد بالقول «يبقى عملها على صعيد العمليات التجارية بشكل كبير لأنها أصبحت المحرك الأساسي، فالدولة أجبرت أي شخص يريد بيع أو شراء أي عقارات أو ممتلكات خاصة أن يتم من خلال المصارف، من  خلال إيداع مبالغ من الأموال لا يتم سحبها إلا بشكل تدريجي».

وفي منتصف شهر شباط من عام 2020، ألزمت الحكومة السورية المواطنين الراغبين بشراء #عقارات او سيارات بدفع ثمنها أو جزء منه عبر المصارف.

وقضى القرار الصادر عن رئيس الحكومة آنذاك “عماد خميس” أن «تقوم الجهات العامة المخولة قانوناً بمسك سجلات ملكية العقارات والمركبات بأنواعها والكتاب بالعدل بعدم توثيق عقود البيع قبل إرفاق ما يشعر بتسديد الثمن أو جزء منه في الحساب المصرفي للمالك».

في حين رأى شعبو أن «العقوبات على المصرف المركزي لم تكن قوية، ولم تصيب القطاع المصرفي بالشلل، و أن المصارف الخاصة لديها القدرة على التداول فهناك عدة مصارف سورية لديها فروع في الخارج، أو أن هذه المصارف هي فرع عربي لمصارف إقليمية، مثل بنك البركة بنك بيمو المصرف الدولي للتجارة والتمويل و بنك سوريا والخليج، ومن خلال هذه الفروع تستطيع تنشيط أعمالها والقيام ببعض العمليات التجارية في الداخل السوري».

بينما بيّن قاضي أن «النشاط الاقتصادي للمصارف انخفض جداً و لا فوائد مالية كبرى تعود على المصارف الخاصة».

وناقش قاضي احتمالية انسحاب المصارف في حال تدهور الأوضاع الاقتصادية خلال الفترة المقبلة، وأشار إلى أن إجمالي الأرصدة للمصارف الخاصة حوالي 60 مليون دولار لكل مصرف.

وأوضح أن «المشكلة ليست في احتمالية الانسحاب للمصرف كيف سيصفي الأرصدة، المشكلة أن الأرصدة المودعة في البنك المركزي حوالي 800 مليار ليرة فليس هناك أموال يمكن له استرجاع أصوله المالية الكاملة حيث ستضيع عليه حوالي 20 مليون دولار والبنك المركزي لن يعيد الأموال، كذلك فإن هناك السندات المرغمة بشرائها المصارف الخاصة من قبل المصرف المركزي، و هذه تعتبر من الأصول المالية الصعب تحصيلها».

وكان “مصرف سوريا المركزي”، أصدر مطلع شهر أيار من عام 2020، تعميما يقضي بالطلب من المصارف الخاصة عدم توزيع أي أرباح نقدية على المساهمين، من الأرباح المحققة عام 2019.

وبحسب التعميم، فإنه يُترك الخيار للمصارف بتدوير هذه الأرباح للعام المقبل، أو بتوزيعها كأسهم مجانية على المساهمين.

وحدد “مجلس النقد والتسليف” في سوريا، الحد الأدنى لأسعار الفائدة للأشخاص العاديين والاعتباريين بـ5 بالمئة سنويًا على ودائع #الدولار الأمريكي، و1.5 بالمئة على ودائع اليورو لأجل سنة، بشرط ألا يقل مبلغ الوديعة التي يجب أن تكون حصرا نقدية “بنكنوت” عن 50 ألف دولار أمريكي أو 50 ألف يورو.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.