ازداد التوتر الأمني في #درعا_البلد مؤخراً، نتيجة الحصار الذي فرضته #الحكومة_السورية وحلفاؤها على أهالي المدينة، دون أن تحقق جهود التهدئة أي نجاح ملحوظ حتى اللحظة. وعقدت لجان المفاوضات المركزية في محافظة #درعا اجتماعاً مع الشرطة العسكرية الروسية، في المركز الصحي بدرعا البلد، عرض فيه أعضاء اللجان مطالب الأهالي، المتمثلة بإعادة فتح الطرقات، التي تم إغلاقها مؤخراً، إلا أن الجانب الروسي لم يقدم أية حلول، وتبيّن أنه حضر الاجتماع لسماع مطالب اللجان المركزية والوجهاء، والاطلاع على الأوضاع العامة في المدينة فحسب.

ويبدو أنّ الروس هذه المرة عازمون على فرض شروطهم على الأهالي، التي تتمحور حول تسليم المقاتلين المحليين مئتي قطعة سلاح فردي، إضافة إلى عشرين رشاشاً آلياً من نوع “BKC”، والسماح للجيش والشرطة الروسية بدخول المنطقة، والتمركز في نقاط محددة فيها، وهو ما رفضته سابقاً اللجان المركزية ووجهاء المنطقة، معتبرين هذه الشروط مخالفة لاتفاقية التسوية والمصالحة في المحافظة، التي قضت بتسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة فقط، وعودة التشكيلات العسكرية النظامية إلى ثكناتها. ما ينذر باندلاع نزاع دموي جديد في درعا، لا أحد يعلم نتائجه.

 

عودة حصار 2011

رفض اللجان المركزية للمفاوضات لشروط الشرطة العسكرية الروسية، بقيادة الجنرال الروسي-الأوزبكي “أسد الله”، أفضى إلى قيام القوى الأمنية والعسكرية التابعة للحكومة السورية بإغلاق جميع الطرق المؤدية إلى درعا البلد، والإبقاء فقط على طريق واحد، من جهة حي “سجنة”، الذي يتمركز فيه عدد من الحواجز العسكرية، التابعة لعناصر محلية، متطوّعة في جهاز الأمن العسكري، ويقودها “مصطفى المسالمة” الملقب بـ”الكسم”.

وبحسب “أحمد المسالمة”، القائد السابق في غرفة عمليات “البنيان المرصوص” التابعة للمعارضة السورية، والمتواجد حالياً في درعا البلد، فإنّ «الحكومة السورية تفرض حصاراً على أحد عشر ألف عائلة في المدينة، منذ ثلاثة أسابيع، ورفعت سواتر ترابية حول المنطقة، لمنع الخروج منها، دون أي مؤشرات لانفراج قريب في الأوضاع».

ويشبّه القائد العسكري المحلي، في حديثه لـ«الحل نت»، ما يجري بـ«الحصار الذي فُرض على درعا البلد في عام 2011، عندما انطلقت الاحتجاجات ضد الحكومة السورية. فقد تم قطع أدوية الأمراض المزمنة، ما يؤدي لنتائج صحية وخيمة على الأطفال وكبار السن والنساء الحوامل، خاصة أنه لا توجد في المنطقة كلها سوى قابلة قانونية واحدة فقط، لا تتوفر لديها المعدات الطبية اللازمة، كما لا توجد حواضن للأطفال الخدّج، أو مشافٍ ومراكز صحية مؤهلة».

ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، فالأمور تتطور يوماً بعد يوم، بحسب “المسالمة”، الذي يؤكد أنّ «حواجز الأمن العسكري تمنع حالياً دخول المواد الغذائية، إضافةً إلى حرمان عديد من الطلبة الجامعيين من الذهاب خارج مناطقهم المحاصرة، لأداء الامتحانات السنوية النهائية، التي يحين موعدها في هذا الوقت من السنة».

وذكرت مصادر في “اللجنة الإغاثية” بالمدينة أن «اللجنة تلقت بلاغًا بمنع شاحنات #الهلال_الأحمر السوري، المحمّلة بالمواد الإغاثية، من الدخول إلى المدينة، وهي مساعدات مخصّصة لثلاثة آلاف عائلة في درعا البلد، مصنّفة تحت خط الفقر، وتعتبر مخصصاتها الإغاثية مصدر عيشها الأساسي».

وأضافت المصادر لموقع «الحل نت» أن «نشاط الهلال الأحمر في توزيع المساعدات اقتصر على حيي “سجنة” و”المنشية”، اللذين يستقر فيهما مقاتلون موالون للأمن العسكري».


ما خيارات “اللجان المركزية”؟

اللجان المركزية للمفاوضات، التي تشكّلت إبان سيطرة #القوات_النظامية على جنوب سوريا، في آب/أغسطس 2018، من أجل التفاوض مع الحكومة السورية، تؤكد أنّ «السلاح المتواجد في المدينة هو من الأملاك الشخصية للأهالي، ولا تمتلك اللجنة قرار البت فيه»، محملةً #روسيا «مسؤولية زعزعة استقرار المنطقة».

وكان المحامي “عدنان المسالمة”، عضو اللجنة المركزية للمفاوضات في درعا، وصف ما يجري في المدينة، في منشور على صفحته في موقع “فيس بوك”، بـ«جريمة حرب، تتحمّلها روسيا، الضامن لاتفاق التسوية، ممثلةً بالجنرال “أسد الله”، والحكومة السورية، ممثلةً باللواء “حسام لوقا”». ويعتبر المسالمة أن حصار المدينة سببه «موقف حوران من الانتخابات الرئاسية، ما دفع الروس والحكومة السورية لمعاقبتها سياسياً».

من جهته يصرّ “حسين الرفاعي”، رئيس لجنة المصالحة التابعة للحكومة السورية، على أنّ «درعا لا تخضع لأي نوع من أنواع الحصار، وتجري الحياة فيها بشكل طبيعي كالمعتاد، وما يتم حالياً هو تصحيح للتسويات السابقة، التي لم تكن عادلة، لأنها تركت الأسلحة بيد عدد من المسلحين غير المنضبطين، ويجب الآن بسط الأمن في المدينة، ومنع تكرار حوادث الاغتيالات، والهجمات على الحواجز العسكرية التابعة للجيش السوري»، حسب تعبيره.

“أبو محمد البطين”، عضو لجان المفاوضات، ذكر لـ«الحل نت» أنّ «تسليم السلاح سينهي كل المبادرات، التي استطاعت اللجان من خلالها، في السنوات الثلاث الماضية، الحفاظ على سلم المنطقة الأهلي، ونسيجها الاجتماعي خالياً من الفوضى والتعصب. ومن الواضح أن الحكومة السورية تسعى لنشر الفوضى، عبر تشكيل الميلشيات الموالية لها، وتنفيذ عمليات الاغتيال والاعتقال، والتضييق على الحياة اليومية للمدنيين».

وحول رد لجان المفاوضات على المطالب الروسية وإجراءات الحكومة السورية يقول “البطين” إنّ «ثلاث مناطق على الأقل في محافظة درعا شهدت السيناريو ذاته، الذي بدأ بمطالب تسليم السلاح، وتهجير مطلوبين للحكومة السورية؛ ثم دخول قوات عسكرية تابعة للحكومة، ونصب حواجز أمنية؛ وصولاً للسيطرة الكاملة على المنطقة المستهدفة. ولكن خيارنا في درعا البلد مختلف، فنحن نتجه نحو الانسحاب من المفاوضات، أو على الأقل تصعيد مطالبنا».


«المواجهة الحتمية ستغيّر المعادلة»

«إذا أصرّت لجان المفاوضات على رفضها للمطالب الروسية فإنّ الخيارات المطروحة أمام الجميع هي دخول المنطقة في تصعيد عسكري»، بحسب ما يقول “مؤيد المحاميد”، القيادي في #الفيلق_الخامس الموالي لروسيا، في حديثه لـ«الحل نت».

إلا أن “المحاميد” يرى رغم هذا أن «روسيا قد تتراجع عن موقفها في اللحظة الأخيرة، لمنع تكرار سيناريو الحرب مرة أخرى».

“أحمد المسالمة” يتفق مع “المحاميد” في ترجيح المواجهة العسكرية، إلا أنه استبعد «انحياز الفيلق الخامس، الذي يستلم عناصره رواتبهم من روسيا، إلى جانب أبناء درعا البلد، إذا وصلت المنطقة إلى التصعيد العسكري».

ويرى القائد العسكري المعارض أنّ «المسلحين في درعا البلد يسعون لتغيير المعادلة، من خلال جر روسيا والقوات النظامية إلى الحرب. وذلك لتحقيق غايتين: الأولى ضمان عدم القبول بتسوية جديدة، من شأنها التضييق على المعارضين؛ والثانية استقطاب ضغط دولي على الحكومة السورية وروسيا، ولا سيّما من دول الجوار، التي سعت طيلة الفترة الماضية لإبقاء المنطقة هادئة، لأسباب أمنية واقتصادية».

إلا أن “المسالمة” لم يحدد مدى قبول أهالي المدينة لاستراتيجية المسلّحين هذه، ومدى استعدادهم لدفع أثمان معركة جديدة، في منطقة عانت كثيراً منذ بدء #الحرب_السورية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.