المنظمات النسائية في العراق: هل يمكن للنساء أن ينشطن باستقلال رغم مشاكل التمويل والهيمنة السياسية؟

المنظمات النسائية في العراق: هل يمكن للنساء أن ينشطن باستقلال رغم مشاكل التمويل والهيمنة السياسية؟

غالباً ما نُظر للسياسة في العراق باعتبارها مجالاً خاصاً بالذكور، رغم التغيير الذي عرفته البلاد بعد عام 2003، والذي أدى إلى مشاركة النساء بالعملية السياسية، ووصولهن إلى مناصب صنع القرار، وترأسهن لمنظمات المجتمع المدني، فضلاً عن خوضهن لمجال المنافسة في الانتخابات البرلمانية.

إلا أن كثيراً من الناشطات والناشطين في مجال حقوق المرأة يؤكدون أن المشاركة النسائية في العراق ما تزال شكلية، وأن النساء يُقدّمن واجهةً لجهات سياسية، لا يمكن اعتبارها مؤيدة لتحسين أوضاع المرأة العراقية، دعك من كون كثير من الجمعيات والمنظمات النسائية تفتقد للاستقلال المادي والسياسي.

ويبقى السؤال هنا: إلى أي مدى يمكن القول إن المنظمات النسائية تعبّر عن تطوّر في المشاركة السياسية للمرأة العراقية؟ وما الدور الحقيقي الذي تلعبه الأجنحة النسائية داخل الأحزاب العراقية، سواء ما يسمًى بـ”أحزاب السلطة” أو “الأحزاب الجديدة”، التي انبثقت عن الحراك السياسي المعارض؟

 

المنظمات النسائية ومشكلة التمويل

“رفل عقيل”، ناشطة مدنية وعضو في إحدى المنظمات النسائية العراقية، تقول لـ«الحل نت» إن «المنظمات المدنية بصورة عامة، والنسائية بصورة خاصة، كان لها دور مهم في تفعيل كثير من القضايا، وتحريك القوانين، التي غالباً ما تكون حبراً على ورق. كما لا يمكن أن ننسى الدور الفاعل، الذي لعبته هذه المنظمات في #انتفاضة_تشرين، فقد أسهمت في تقديم المساعدات الإنسانية والطبية؛ وجمع التبرعات؛ ونشر الوعي السلمي؛ فضلاً عن تنظيم الوقفات والفعاليات، لتصبح عموداً مهماً من أعمدة الاحتجاج الشعبي».

وعن تمويل تلك المنظمات تعلّق “رفل” بالقول: «تمويل المنظمات النسائية وغيرها يأتي من مصادر مختلفة، ولكني لا أجد مشكلة في أن يكون التمويل حزبياً، بشريطة عدم انعكاسه على نشاط المنظمة واستقلال قرارها، لدرجة أن يصبح هدفها الأول الترويج للحزب الذي يموّلها. فإن نجحت منظمة ما في تحقيق أهدافها بمساندة أحد الأحزاب فلا ضير في ذلك».

إلا أن الناشطة المدنية تستدرك بالقول: «الدور الحقيقي للنساء داخل الأحزاب العراقية ضعيف جداً، إذ لا يمكن لهن أن يكن صاحبات قرار أو تأثير، ووجودهن شكلي. كما تخشى كثيرات منهن الإعلان عن أماكن عملهن، وغالباً ما يتعرّضن للمضايقة والترهيب والعنف، وهذا ما يجعل مشاركتهن أقل بكثير من مشاركة الرجال».

 

لا اعتراف بالنساء بوصفهن شريكاً سياسياً

«يمكن اعتبار كثير من المنظمات النسائية العراقية لسان حال الأحزاب المتنفّذة في السلطة، فبعض المنظمات أيدت مشاريع قوانين، تبيح زواج القاصرات وتعدد الزوجات، إضافة إلى دعوات أخرى، تحطّ من مكانة النساء، وتمتهن كرامتهن، فضلاً عن صمت عديد من تلك المنظمات عن التشهير والاعتداء، اللذين تتعرض لهما المدافعات عن حقوق الإنسان»، بحسب ما تقول “انتصار الميالي”، عضو “رابطة المرأة العراقية”.

“الميالي” تضيف، في حديثها لـ«الحل نت»، أن «هناك أحزاباً سياسية ترى أن النساء شريك أساسي في جميع مراحل صنع القرار السياسي، وتعمل على تمكينهن ودعمهن، وتمنحهن مواقع متقدّمة، سواء داخل الحزب أو خارجه، وهذا ما نجده في الأحزاب الليبرالية واليسارية والمدنية، أكثر مما في الأحزاب الدينية أو أحزاب السلطة، التي تدّعي في خطابها المعلن أنها داعمة لمشاركة النساء، لكنها في الواقع لا تمتلك الإرادة السياسية لتعترف بالنساء شريكاً أساسياً في كافة المستويات، بل على العكس، تحاول تكريس الطابع الذكوري، الذي يغلب على كل العملية السياسية في العراق، مما يؤدي إلى غياب وجود النساء في جميع المستويات العليا، التشريعية والتنفيذية، ومنها المؤسسات الأمنية والإدارات المحلية».

من جهتها تؤكد “أميرة الجابر”، الناشطة المدنية والعضو في منظمة “مردوخ للتنمية”، أن «ما حققته المرأة العراقية في انتفاضة تشرين كان له الدور الكبير في استمرار زخم الاحتجاجات وديمومتها، والجميع شهد ما حققته النساء من وجود ومساهمة يومية وقتها، ولا بد أن تأخذ النساء دوراً في المؤسسات السياسية متناسباً مع وجودهن السياسي على الأرض».

“الجابر” أضافت، في حديثها لموقع «الحل نت»، أن «المنظمات النسائية بشكل خاص تحتاج إلى أرضية ملائمة، تُطلق من خلالها برامجها، حتى تصبح لاعباً أساسياً في صنع القرار، بعيداً عن سيطرة الأحزاب السياسية المتنفّذة».

 

نحو “كتلة نسائية”

“هدى سجاد”، النائب في #البرلمان_العراقي، ترى أن «تمكين المرأة سياسياً لا يعني زيادة عدد النساء في المؤسسات السياسية فحسب، بل إيجاد عدد من النساء، اللاتي يمكن ترقيتهن إلى مناصب صنع القرار داخل المؤسسات الحكومية».

وأوضحت “سجاد”، في تصريحات للصحافة المحلية، أن «وجود كتلة نسائية نشطة في مراكز القرار يمكن أن يؤدي إلى سياسات أكثر استقراراً وأقلّ فساداً، إذ أظهرت الدراسات أن النساء في المناصب الحكومية يعالجن بسرعة أكبر مسألة تقليص الفقر وتقديم الخدمات، ويزدن الإنفاق الحكومي على الصحة والرعاية الاجتماعية والتعليم؛ ومن ناحية أخرى ستكون الكتلة النسائية بمثابة نافذة واسعة لنشاط النساء، إذا استطعن تأسيس شبكة متعددة من الأحزاب السياسية النسائية».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.