سعت روسيا منذ بداية الأزمة في درعا البلد، أن تكون حاضرة وبقوة، لوضع نِقَاط الاتفاق، حتى لا تتكرر تجرِبة اتفاق التسوية عام 2018 والذي أبقى السلاح وبعض المناطق خارجة عن سيطرة الحكومة السورية.

ولهذا، بعثت روسيا على مدى 75 يوماً، أكبر ضباطها للمشاركة في عقد 29 جَلسة بين اللجان المركزية الممثلة عن الأهالي من جهة واللجنة الأمنية التابعة لدمشق، حيث تم التوصل إلى 3 اتفاقيات مبدئيّة.

وكان الجنرال الروسي المنحدر من الشيشان، “أسد الله”، والمسؤول عن “الشرطة العسكرية الروسية” في جَنُوب سوريا، أول المشاركين في الجلسات التي أبرمت مع اللجان المركزية في يونيو/حَزِيران الماضي.

وتسبب “أسد الله” في غضب أهالي درعا البلد، لتشديده على سحب السلاح الفردي من جميع الأهالي، وهو ما اعتبرته اللجنة ملكًا شخصيًا، وموجود بسبب المرحلة الأمنية الحالية للدفاع عن النفس، وحماية الممتلكات الخاصة والعامة.

ونتيجة ذلك، أعادت روسيا الجنرال “ألكسندر كينشاك”، إلى درعا لاستكمال حضور الجلسات المنعقدة بين اللجان المركزية ووفد الحكومة السورية، محيدةً بذلك “أسد الله” عن المشهد.

و”كينشاك” هو رئيس دائرة الشرق الأوسط في وزارة الخارجية، عينه وزير الخارجية الروسي “سيرغي لافروف” في أكتوبر/تشرين الأول، مبعوثاً خاصًا له للتسوية السورية.

المبعوث الروسي الخاص لسوريا، تحدث مع وجهاء درعا عن مِلَفّ الجَنُوب، مبيّنًا أنّ اتفاق التسوية عام 2018 كان مؤقتاً وجاء لظروف خاصة.

مشيراً إلى أنّ الحكومة السورية ستفرض سيطرتها ليس فقط على درعا البلد، إنما على باقي المناطق أيضاً، ومن بينها مدينة “طفس”.

وكشف المبعوث الروسي، خلال تسجيلات صوتية، أنّهم لا يلزمون السلطة السورية بشروطهم، ولكن التدخل الروسي جاء لمساعدة الأهالي للتوصل إلى اتفاق.

قادة الجيش الروسي يفرضون اتفاق درعا البلد

ومع تطور الأحداث في درعا، وعدم الاتفاق بين اللجان المركزية واللجنة الأمنية، الذي أدى إلى تصعيد عسكري غير مسبوق، تسبب بمقتل العشرات من أبناء درعا البلد، قررت روسيا رفع تمثيلها في مفاوضات درعا.

فعقب التصعيد العسكري الأخير، أوفدت روسيا نائب وزير الدفاع الروسي، “ألكسندر فومين”، ورئيس الأركان الروسي، “فاليري جيراسيموف”، وقائد القوات الروسية في سوريا الأميرال، “فيتشيسلاف سيتكين”.

وبعد الحضور العسكري الروسي رفيع المستوى، ولأول مرة تحصل على مستوى البلاد، خضعت اللجنة المركزية في درعا للاتفاق، الذي نص على عودة أحياء البلد إلى سيطرة الحكومة السورية، ومنع التظاهرات والحراك المدني بشكل تام في أحياء البلد، والشعارات والكتابات على الجدران أو أي أعمال تعتبر معارضة للحكومة السورية.

هذا الاتفاق وصفه ناشطون محليون، لـ(الحل نت)، بأنه «إنهاء لصفحة الثورة والاحتجاج ضد الحكومة السورية، والعودة إلى ما قبل مارس/آذار 2011».

اليوم وبعد 10 سنوات من اندلاع الاحتجاجات في درعا البلد، أنهت روسيا عبر جنرالاتها صفحة ما يطلق عليها المعارضون في سوريا “مهد الثورة”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.