اللوبي النسوي السوري في مواجهة الائتلاف.. لماذا تحارب المعارضة الحركات النسوية؟

اللوبي النسوي السوري في مواجهة الائتلاف.. لماذا تحارب المعارضة الحركات النسوية؟

زار رئيس المجلس الإسلامي السوري المعارض، الشيخ “أسامة الرفاعي”، خلال شهر آب/ أغسطس الماضي، مدينة إعزاز في شمالي إدلب، وألقى في “جامع إعزاز الكبير” خطبة شن فيها هجوماً على منظمات المجتمع المدني، جاء فيها أن «هناك نساء من أبناء جلدتنا ويتكلمن بلغتنا، بل هن من أبناء بلدنا ومدننا، تأتين مجندات من قبل الأمم المتحدة وغيرها، لينشرن بين فتياتنا ما يسمونه تحرير المرأة والجندر».

خطبة “الرفاعي” التي وُجِهّت بالكثير من الاستهجان من قبل حركة نسوية ومدنية، فتحت جبهة بين المعارضين لما جاء على لسان “الرفاعي” والداعمين لكلامه، وعلى رأسهم عضو الائتلاف السوري المعارض، الدكتور “محمد أيمن الجمال”، الذي كتب عدة منشورات كان آخرها ما اُعتبر تبريراً للقتل والعنف ضد النساء، اتهم فيه “الجمال” الحركة النسوية بأنها المتسببة في القتل، وليس الرجل ولا العادات ولا التقاليد.

وعلى الرغم من أنَّ عضو الائتلاف -الذي قال سابقاً أنه لايجوز الترحم على المعارض والمفكر السوري “ميشيل كيلو” لأنه «كافر»- مسح منشور تبرير القتل من صفحته، مرجعاً السبب إلى تعرضه للشتائم من قبل النسويات، إلا أن تصريحاته من جهة وصمت الائتلاف من جهةٍ أخرى، أثارا غضب الناشطات المدنيات اللواتي بادرت بعضهن إلى التواصل مع الائتلاف مطالبات باعتذار الكيان الذي من المفترض أنه يمثل الشعب السوري ويدافع عن حقوقه.

يتركون كل هموم المواطن والوطن ويهاجمون النساء

في تصريحٍ لها لـ(الحل نت)، قالت الكاتبة والناشطة الحقوقية والمديرة التنفيذية للوبي النسوي السوري، “ريما فليحان”، إن «الهجوم على الحركة النسوية ليس جديداً، حيث كان قد جرى قبل الثورة عبر منابر الجوامع بعدة مناسبات، لكنه اليوم يعود بشكلٍ أقوى، وهناك شعور بأنه ممنهج، والمشكلة أن البلاد تمر بأصعب مرحلة على المستوى السياسي والاقتصادي والإنساني والأمني والصحي، في حين تُركّز بعض الشخصيات على مهاجمة النسوية والمساواة، ويتركون كل هموم المواطن والوطن الأخرى».

وأضافت “فليحان”: «ربما انتابت الحماسة بعض الشخصيات الدينية بعد سيطرة طالبان على أفغانستان، لربما شعرت تلك الشخصيات بتأثير حراك المجتمع المدني والحركة النسوية على التوعية، وهي لا تريد ذلك، لكن ما يحصل مستغرب ويُنبئ بتحديات صعبة تواجه النساء في الداخل السوري وفي كل مكان. النظام والمعارضة الإسلامية يختلفان في كل شيء ويتفقون على عداء النسوية وحقوق النساء عموماً».

وكان اللوبي النسوي السوري قد راسل الائتلاف، مطالباً بتوضيح وبيان موقف الأخير بخصوص منشورات “الجمال”، إلا أن الائتلاف حسب “فليحان” لم يرد على الرسالة نهائياً، لافتةً بالقول: «لكن لدي معلومات أنّ الموضوع يُناقش من قبل بعض الشخصيات»، وتابعت الناشطة الحقوقية: «سيتم العمل على تنسيق جهود الحركة النسوية والمجتمع المدني في رصد وتوثيق الانتهاكات على مستوى حقوقي واسع وفاعل، ومتابعة العمل الذي نقوم به في مواجهة الظلم والتمييز والاستبداد بكل أشكاله».

صوت النسويات العالي هو سبب الهجوم عليهن

من جهتها، الناشطة النسوية “مها جربوع” قالت لـ(الحل نت): «أعتقد أن الحركة النسوية تتعرض اليوم للهجوم من قبل أكثر من جهة، لكن المرجعية واحدة؛ مرجعية الفقه الذكوري الذي لا يقبل التحديث أو التجديد، خاصةً فيما يتعلق بوضع المرأة».

وأضافت “جربوع”: «الهجوم على عمل النسويات وتخوينهن يرجع لأن صوتهن صار واضح وعالي، و نشاطهن أحدث فرقاً في اليقظة عند النساء بحقهن في المعاملة الإنسانية وعدم الإساءة ووقف العنف والاعتراف بهن كشريكات لا تابعات، مما يُهدّد الهيمنة الذكورية القائمة على حياتهن ومصائرهن، ويزعزع الفقه الذكوري الداعم والمُبرّر لهذه الهيمنة».

“جربوع” ختمت كلامها بلاقول: «على هؤلاء أن يعرفوا بأن الحياة لن تستقيم بين البشر، نساءً ورجالاً، إلا إذا قامت على شرعنة حقوق الإنسان والمساواة والكرامة الإنسانية بين الجنسين، وهذا ما نسعى إليه نحن النسويات».

المهندسة ورئيسة إدارة منظمة “جنى وطن” الحقوقية، “نسرين الريش”، وصفت موقف الائتلاف الصامت من تصريحات عضوه، بأنه موقف مجحف بحقوق جميع النساء السوريات، وأضافت: «من المفترض أن الائتلاف متبني مبادئ الثورة المرتبطة بالحرية والمساواة، لكن موقفه الحالي يعبر عن التمييز والإقصاء».

وبرأي “الريش”، تتعرض الحركة النسوية اليوم للهجوم بشكلٍ واضح، بسبب انحسار الدعم عن المشاريع الإغاثية والتنموية في الداخل، مما قلّل عدد المشاريع والمنظمات العاملة، وبالتالي صار عمل المشاريع النسوية أكثر وضوحاً، إضافةً إلى أن ثمار العمل النسوي «بدأ بالتفتح ولو على خجل»، على حدِ تعبيرها.

وأنهت “الريش” كلامها بالقول: «صادفتُ مؤخراً عضو الائتلاف “أحمد رمضان” وأثرت أمامه الهجوم من قبل أحد أعضاء الائتلاف والمجلس الإسلامي على النساء، وطالبت “رمضان” بالرد على سبب صمت الائتلاف، لكني لم أحصل منه على جواب».

كما طالبت المحامية والحقوقية ورئيسة منظمة المرأة الدولية “جهان قوصوة” بمحاكمة عضو الائتلاف، “محمد أيمن الجمال”، بتهمة التحريض على القتل والعنف، وقالت: «صمت الائتلاف دليل على أنه لا يمثل السورييّن، أنا مسلمة محجبة وملتزمة دينياً، لكن هؤلاء لا يمثلون الإسلام».


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.