تمكنت هيئة تحرير الشام من نشر قواتها العسكرية بشكل كامل على جبهة جبل التركمان/ شرق العنقية، وذلك بعد القضاء على جماعة “جند الله” الإسلامية التي يقودها أبو حنيفة الأثري”، وإبعاد جماعة “جنود الشام” التي يقودها مسلم الشيشاني عن المنطقة من خلال اتفاق أبرم بين الهيئة وقائد الجماعة الجهادية.

الإشارات التي لاحت في الأفق من تحركات تحرير الشام ضد الجماعات الجهادية، هو أنّ الهيئة نفذت الاتفاق الروسي التركي في إدلب، والذي كان ينص على تفريغ منطقة خفض التصعيد من الجماعات الإرهابية وفق نص البيان.

ومنذ العام 2019، باتت المحافظة ومناطق محاذية محدودة من محافظات حماة وحلب واللاذقية تحت السيطرة الفعلية لهيئة تحرير الشام، قبل أن تتقدم قوات النظام في جنوبها تدريجياً بعد عمليات عسكرية كان آخرها في نهاية كانون الأول/ديسمبر 2019.

من هي الجماعات الجهادية في إدلب؟

يعتبر جيش البادية والملاحم وهما فصيلان جهاديان صغيران، ولاؤهما الأول والأخير لتنظيم القاعدة الأم، انشقا عن هيئة تحرير الشام في أواخر عام 2017، بسبب انفصالها عن تنظيم القاعدة، ولكن مؤخراً عادا تحت جناح الهيئة.

أمّا الحزب التركستاني الإسلامي، هي جماعة من الموالين لتنظيم القاعدة، نشأ في مقاطعة شينجيانغ شمال غرب الصين، ولكن لها وجود راسخ في سوريا، ويعتبر الحليف الأبرز في الوقت الحالي لهيئة تحرير الشام.

وتعتبر “تنسيقية الجهاد” التي أسست في منتصف عام 2020، من قبل القيادي المنشق عن هيئة تحرير الشام “أبو العبد أشداء”، أبرز المنخرطين ضمن غرفة عمليات أُطلق عليها اسم “فاثبتوا”، والتي تم تشكيلها في 12 حزيران عام 2020، وتم تفكيكها وتفريق مكوناتها بعد 10 أيام فقط من التأسيس من قبل الهيئة.

وأما فرقة الغرباء، فتنتشر غربي إدلب، ويقودها الجهادي الفرنسي، المعروف بـ عمر أومسين، وسبق أن تعرض “أومسين” للاعتقال من قبل هيئة تحرير الشام في أغطسط/آب العام الماضي.

وتتهم السلطات الفرنسية “أومسين”، بتجنيد 80 في المئة من الجهاديين الذين ذهبوا إلى سوريا أو العراق، ممن يتحدثون اللغة الفرنسية.

وتواجد أيضا تشكيل “جنود الشام” في مناطق سيطرة الهيئة، والذي تأسس في العام 2012، وينحدر أفراده من دول القوقاز، ووصل عدد مقاتلي التنظيم في أحسن حالاته إلى 300 مقاتل بقي منهم النصف على الأقل بعد موجة الانشقاقات التي عصفت بالتنظيم لمصلحة عمر الشيشاني.

كما تعتبر “أنصار الإسلام”، وهي حركة سلفية جهادية تقول إنّها تسعىى إلى إنشاء دولة إسلامية وفقا لرؤيتها الخاصة، وتنتشر هذه المجموعة في جبال كردستان في شمال العراق حتى اللاذقية في سوريا وتقاتل ضد الحكومة السورية. 

وتعمل جماعة أنصار الإسلام تحت رعاية مركز إيقاظ المؤمنين التشغيلي، الذي تأسس في أكتوبر 2018 ويضم حراس الدين وأنصار التوحيد وجبهة أنصار الدين. 

اقرأ أيضاً: توقّعاتٌ بحلِّ تنظيم «جنود الشام».. وهذه سيناريوهات تصفية «الحزب التركستاني»

ما مستقبل الجماعات الجهادية في إدلب؟

كشف مسؤول أمني في هيئة تحرير الشام، لـ(الحل نت)، أنّه وبعد الاقتتال الأخير في إدلب ضد الجماعات الجهادية، لم يتبق أمام الهيئة سوى القليل لتحقيق رؤيتها في السيطرة التامة عسكرياً على المنطقة.

وبخصوص الجماعات الإسلامية المستقلة المتبقية في مناطق نفوذ سيطرة “هيئة تحرير الشام”، قال المسؤول الأمني، إنّه بقي هنالك جماعتين مستقلتين: الأولى جماعة “أنصار الإسلام، وتتمركز في محيط مدينة جسر الشغور غربي إدلب، وفي منطقة دوير الأكراد ضمن منطقة سهل الغاب غربي حماة، وتتألف من نحو 200 عنصر جلهم سوريو الجنسية.

أما المجموعة الثانية، فهي جماعة شام الإسلام، وتتمركز في جبل التركمان شمال شرقي اللاذقية، وتضم نحو 400 مقاتل بينهم 150 قيادي ومقاتل مغربي الجنسية، بالإضافة لـ 50 مقاتلًا (سوادني الجنسية)، والبقية من العناصر السوريين.

وأوضح المسؤول الأمني، والذي رفض الكشف عن اسمه، أنّ الجماعتين لا تشكلان خطراً على تحرير الشام، فهما مرتبطان بتفاهمات مع قيادة الهيئة، ومن المستبعد أن تتعاطى الهيئة مع هاتين الجماعتين.

ما سياسة تحرير الشام تجاه باقي الجماعات الجهادية؟

ويوضح المسؤول الأمني لتحرير الشام، أنّ سياسية الهيئة في الوقت الحالي وهي التضييق على المهاجرين من أجل حملهم على الخروج الطوعي من إدلب وإنهاء هذا الملف من خلال الضغط الاقتصادي على المهاجرين والضغط الأمني دون عملية قتالية لأن القتال يشكل لهيئة تحرير الشام إحراجا أمام جنودها.

ومن جهته، يقول الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، أحمد أبازيد، لـ(الحل نت)، إنّ هيئة تحرير الشام قامت منذ تحولها نحو إثبات الاعتدال خارجياً والتحول نحو كيان حكم محلي في إدلب داخلياً، بتفكيك الجماعات الجهادية المتبقية خارج عباءتها، والتي كان أبرزها تنظيم حراس الدين.

واعتبر أبازيد، الهجمات الأخيرة ضد تنظيم “جنود الشام” و”جند الله” هي جزء من سلسلة تفكيك وضبط الجهاديين والمقاتلين الأجانب الخارجين عن سيطرتها.

قد يهمك: الصين في سوريا.. زيارةٌ ودّية أم مساومة اقتصادية على مِلَفّ “الإيغور”؟

ما مصير استمرار وجود الحزب التركستاني في مناطقه الحالية؟

وخلال حديثه لـ(الحل نت)، أوضح الخبير في شؤون التنظيمات الإسلامية، أن الحزب التركستاني تنظيم لا يخرج عن سياسة الهيئة، وقام بمساعدة الهيئة في حملتها الأخيرة بتأمين خروج الجهاديين من جبل التركمان، وليس من المرجح حصول صدام ضده في المدى القريب.

ويتقاطع كلام الأبازيد مع تسريبات سابقة وصلت لـ(الحل نت)، في يوليو/تموز الماضي، عن إبلاغ مقاتلي «الإيغور» المتواجدين في إدلب برسائل مهمة من “الجولاني” قائد هيئة تحرير الشام.

وقالت المصادر آنذاك، إنّ الجهاز حمل رسائل تحذيرية لمقاتلي “الحزب الإسلامي التركستاني” بعد كشف (الحل نت) عن تقديم الصين لـدمشق مُعِدَّات عسكرية لشنِّ حملة عسكرية ضدهم في ريفي إدلب وحماه شمالي سوريا.

وذكرت المصادر، أنّ “الجولاني” أوعز لقيادة “التركستاني” بتخفيف تواجدهم في شوارع المدن الرئيسية كإدلب وسرمدا والدانا، مع سحب كافة عوائلهم نحو المخيمات على الحدود السورية – التركية قرب بلدة حارم.

وكانت الصين قد استفادت من وضع الولايات المتحدة “الحزب التركستاني” في سبتمبر/أيلول 2002 على قائمة وزارة الخزانة للمنظمات الإرهابية، وشنت هجوماً شاملاً على جميع سكان الأويغور، وخلطت مطالبهم المشروعة والسلمية بالإرهاب.

لكن إزالة واشنطن لاسم الحزب التركستاني عن قائمة الإرهاب، بحجة أنه لم يعد للحزب أي نشاط ووجود، وذلك ضمن سلسلة إجراءات اتخذتها إدارة “ترامب” لمحاسبة الصين على انتهاكاتها في إقليم (شينجيانغ)، سبب توتر لدى بكين.

والحزب “الإسلامي التركستاني” هو منظمة في تركستان الشرقية غربي الصين، والكثير من سكانها يعتبرون أنفسهم جزءاً من القومية التركية، كما أن مقاتليه في سوريا (عددهم 8 آلاف) هم من المقاتلين الصينيين الأويغور المنحدرين من إقليم “شينجيانغ” الصيني.

وقَدِم “الإيغور” إلى سوريا أواخر 2013، ليستقرُّوا بداية في جبال الساحل والريف الغربي لإدلب، ضمن مناطق حدودية مع تركيا، وبدأ توافدهم إلى الأراضي السورية يزداد مع بداية عام 2014، واستمر تدفقهم برفقة عوائلهم طيلة هذا العام.

اقرأ المزيد: “الجولاني” يوجّه رسائل سرية إلى مقاتلي “الإيغور” بعد أنباء عن عزم الصين إنهاء وجودهم في إدلب

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.