بعد الأعباء الثقيلة التي تكبدتها في سوريا، يبدو أن إيران تقاعست عن مخططاتها الاستراتيجية القديمة في إنشاء قاعدة عسكرية وجبهة ضد إسرائيل في سوريا، كما أنها تخلت عن فكرة أن الأراضي السورية من الممكن أن تكون ركنا مهما في أي حملة عسكرية تقودها ضد إسرائيل.

وجميع الدلائل تشير إلى إن إيران توصلت إلى استنتاج مفاده أن العبء الاقتصادي وغيره لتحقيق هذا الطموح «ثقيل للغاية»، لذا التفتت للحفاظ على ممرها البري عبر العراق وسوريا إلى حزب الله في لبنان.

قد يهمك: ميليشيات إيران تخلي ضباطها من أكبر قاعدة عسكرية لهم شرقي سوريا

الضربات الإسرائيلية

هذا ما أكده معلق صحيفة (يديعوت أحرنوت) للشؤون الأمنية والعسكرية، رون بن يشاي، موضحا أن ذلك جاء نتيجة نجاح الجيش الإسرائيلي في الضربات التي يشنها ضد الميليشيات العسكرية الإيرانية في سوريا المنتشرة في عموم المناطق التي تسيطر عليها القوات الحكومية منذ عام 2012.

وبدا واضحا أن الرئيس السوري لم يعد يريد أن يورط حكومته في مواجهة إسرائيل، ولا سيما في ظل عمليات التطبيع الأخيرة التي تجريها دول عربية مع دمشق، تزامنا مع نية الأسد في إعادة الإعمار بمساعدة روسيا.

للمزيد اقرأ: حرب قريبة في سوريا بسبب النفوذ الإيراني.. ما هي الاحتمالات؟

في وقت، تتشارك إسرائيل وروسيا في نقاط عدة، لعل أبرزها المتعلقة بشأن زيادة وتيرة الضربات الإسرائيلية ضد مواقع الميليشيات الإيرانية في سوريا وإضعاف قدرتها.

استراتيجية إيران

الباحث السياسي بالشأن الإيراني، محمد خيري، أشار لـ(الحل نت) إلى أن الخبرة الإيرانية علمتنا أن استراتيجية إيران طبقا لأيديولوجيتها تكمن في ألا تخسر أرضا كسبتها في معركة أو من خلال دعم وكلاء لها في المنطقة، غير أن الوضع الحالي في سوريا أجبر إيران على ضرورة ألا تحارب في جميع الجبهات دفعة واحدة، لكن فيما يتعلق بالنفوذ الإيراني في سوريا بالتحديد، فهناك عوامل جعلت من الصعب أن تنظر إيران إلى الملعب السوري كساحة مفتوحة لها.

إذ لا تسمح إسرائيل لإيران بامتداد نفوذها في سوريا، وقد عمدت إسرائيل على التفاهم مع روسيا الشريك القوي في الملعب السوري على ضرورة السماح لإسرائيل باستخدام الأجواء السورية بشكل أكثر ارتياحا لمهاجمة المواقع الإيرانية، وقد سمحت روسيا لإسرائيل بذلك مقابل ألا يمس أمن الجنود الروس في سوريا.

على صلة: بدون رقابة.. الميليشيات الإيرانية تتسبب بفقدان البيض في دير الزور

الوضع الاقتصادي وتأثيراته

في حين، كان الوضع الاقتصادي الصعب أيضا له تأثير بالغ في تلك الفترة، وبالتحديد بعد العقوبات الاقتصادية الشديدة التي تعاني منها إيران فيما يتعلق بتصدير النفط والعديد من الصناعات التي كانت تدر دخلا كبير يمكن إيران من الإنفاق على مسلحيها في سوريا بالتحديد، علاوة على الدعم الأميركي الكبير لإسرائيل لمواجهة التمدد الإيراني في سوريا ولبنان.

في السياق، سبق وأن أكد محللون أن ازدياد عمليات القصف الإسرائيلي لمواقع الميليشيات في سوريا، هو دليل واضح على ازدياد وتيرة توريد السلاح من قبل طهران إلى سوريا، وبشكل خاص المسيرات ووسائط الدفاع الجوي.

اقرأ: دمشق توقع عقداً مع شركة إيرانية لتوليد الكهرباء

الدور الإيراني في سوريا

في حين، أوضحت العديد من التقارير الصحفية أن إسرائيل تهدف للحد من الدور الإيراني في سوريا، وذلك من خلال قصفها للأسلحة والصواريخ.

ويستغرب بعض المحللين من تضارب المصالح على الأراضي السورية، حيث تحالف روسيا مع إيران للحفاظ على سلطة الحكومة السورية وبقاء الرئيس السوري بشار الأسد على رأس تلك السلطة، وفي الوقت ذاته تتحالف روسيا مع إسرائيل لإخراج إيران من سوريا، الأمر الذي من شأنه أن يجعل حل الصراع مسألة طويلة الأمد.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.