أنجزت وزارة المالية السورية، روزنامة إصداراتها للأوراق المالية الحكومية سندات الخزينة للعام القادم بقيمة إجمالية قدرها 600 مليار ليرة عبر 4 مزادات بهدف تمويل المشاريع الاستثمارية للقطاع العامـ وذلك من خلال التمويل المتوافر لدى المصارف العاملة أو لدى الأفراد عن طريق فتح حسابات لدى هذه المصارف.

هذه الحزمة من الإصدارات للأوراق المالية الحكومية هي التجربة الثالثة في تاريخ وزارة المالية، وذلك بعد تجربتي عام 2010 التي أجريت فيها سبعة إصدارات للأوراق المالية الحكومية، وكذلك تجربة عام 2020 والتي تم فيها تنفيذ إصدارين لسندات الخزينة.

تسعى حكومة دمشق إلى إصدار سندات الخزينة خوفاً من مخاطر التوسع في الإصدار النقدي، والذي سوف يؤدي إلى المزيد من انهيار سعر صرف الليرة، وزيادة التضخم. رغم أن آراء اقتصاديين ذهبت للاعتبار أن هذه الخطوة لن تكون مهمة من أجل السيطرة على سعر الصرف، نظراً للعجز الكبير في الموازنة، والذي قد يؤدي إلى طرح حكومة دمشق لأوراق نقدية جديدة بأكثر من 2 تريليون ليرة، وبالتالي سيدفع الليرة للمزيد من الانخفاض.

يقارب العجز في الموازنة العامة 4.12 تريليونات ليرة سورية، حيث تشير حكومة دمشق إلى أنها تريد تغطية 600 مليار ليرة من العجز عبر سندات الخزينة، ونحو 500 مليون ليرة من موارد خارجية، بينما ستتم تغطية الباقي عن طريق مصرف سورية المركزي على شكل اعتمادات مأخوذة من الاحتياطي.

تغطية الدين العام عبر سندات الخزينة

وقارب إجمالي الدين العام الداخلي 465 مليار ليرة سورية العام الماضي 2020، وتم جمعه من خلال سندات الخزينة وشهادات الإيداع التي اكتتب فيها عدد من المصارف المخوّل لها المشاركة في المزادات.

وتوزع الدين الداخلي للعام الماضي على 4 مزادات، اثنين للاكتتاب على سندات خزينة لأجل سنتين، وجُمع عبرهما 298.502 مليار ليرة، ومزادين للاكتتاب على شهادات إيداع لأجل 6 أشهر، وجُمع فيهما 166.4 مليار ليرة سورية.

وبحسب تصريحات وزير المالية السابق مأمون حمدان، “جاء طرح سندات الخزينة بعد عزوف رجال الأعمال عن الاستفادة من الأموال المودعة في المصارف العامة والخاصة، ما أدى إلى تراكم سيولة عالية، دفعت الحكومة لاستثمارها، بهدف الحد من التضخم وضبط السيولة النقدية وسعر الصرف”.

وسبق أن استهجن حمدان، ربط طرح الأوراق المالية الحكومية بضعف الاقتصاد، مؤكداً “وجود دول كثيرة تعتمد على طرح مختلف الأوراق كسندات وأذونات وصكوك مالية في حالتي الحرب والسلم”، بحسب وصفه.

حددت الروزنامة وفقاً لبيان من وزارة المالية، موعد المزاد الأول في الـ10 من كانون الثاني/يناير المقبل لطرح سندات خزينة بقيمة 200 مليار ليرة لأجل خمس سنوات، وموعد المزاد الثاني بتاريخ الـ11 من نيسان/أبريل المقبل لطرح سندات بقيمة 100 مليار ليرة لأجل 3 سنوات.

كما حددت موعد المزاد الثالث بتاريخ الـ11 من تموز/يوليو لطرح سندات بقيمة 200 مليار ليرة لأجل سنتين، والمزاد الرابع بتاريخ الـ10 من تشرين الأول/أكتوبر لطرح سندات بقيمة 100 مليار ليرة لأجل سنتين.

وكالة “سانا” المحلية نقلت عن مدير الإيرادات العامة في الوزارة، بأن سندات الخزينة أداة تنفيذية للسياسة المالية في جانب الإيرادات الاستثنائية ضمن الدين العام الداخلي، حيث تستخدم معظم الدول هذه الأداة من أجل تحقيق خطة السياسة المالية في جانبي الإنفاق والإيرادات.

وترمي الوزارة من هذه الإصدارات وفقاً لـ”سانا” إلى جملة من الأهداف أهمها تمويل الإنفاق الاستثماري للقطاع العام، وتأمين فرصة استثمارية للقطاع المصرفي الخاص والعام لتوظيف ودائعه في استثمارات منخفضة المخاطر تتيح له التوسع في عمليات قبول الودائع، وبالتالي تمكن من التوسع في الإقراض والتمويل للمشاريع الاستثمارية للقطاع الخاص، بحسب الوكالة.

كما تساعد هذه الإصدارات في التخفيف من التمويل بالعجز من مصرف سورية المركزي، وبالتالي التخفيف من مخاطر التوسع في الإصدار النقدي والحد من التضخم، فيكون العائد على الاكتتاب في هذه السندات للمصارف والأفراد من خلال الفوائد التي يتم منحها نصف سنوي، والتي تتحدد نسبتها بحسب نتيجة كل مزاد بناء على العروض المقدمة وفقا لشروط الإصدار التي سيعلن عنها قبيل كل مزاد.

التجربة الثالثة

الدين الداخلي المعلن عنه من قبل دمشق يشكل خطراً كبيراً على الاقتصاد المتدهور، حيث سيتم دفع أقساط الديون من ميزانية الدولة السنوية، وفق حديث عيسى لـ”الحل نت”، مما يعنى بشكل تلقائي التقليص من حجم الإنفاق العام على كامل القطاعات، ما يُرجح بأنّ الليرة السورية، أمام مرحلة جديدة من الانهيار الاقتصادي.

هذه الحزمة من الإصدارات للأوراق المالية الحكومية، هي التجربة الثالثة في تاريخ وزارة المالية بعد تجربتي عام 2010 التي أجري فيها سبعة إصدارات للأوراق المالية الحكومية، وتجربة عام 2020 والتي نفذ فيها إصداران لسندات الخزينة استناداً إلى المرسوم 60 لعام 2007 الناظم لإصدار الأوراق المالية الحكومية في سوريا.

وكان وزير الصناعة السوري، زياد صباغ، أعلن في مؤتمر صحفي سابق، أن الحكومة تتوجه نحو إعطاء مزيد من التسهيلات ورفع سقوفها لكل المستثمرين والصناعيين لإعادة ترميم المنشآت المتوقفة عن العمل في سوريا.

وقال إن سوريا ستكون خلال المرحلة القادمة، مركز استقطاب للمستثمرين، وأشار إلى أن هناك طروحات للاستثمار قادمة مع دول عربية لإعادة تأهيل المنشآت المدمرة.

لجأت حكومة دمشق إلى السندات من أجل تغطية العجز الحاصل لديها في الموازنة العامة، وهي بذلك تستخدم أداة من أدوات السياسة النقدية التي تعمل من خلالها على بيع الأوراق النقدية، لضبط أسعار الصرف ما يحد من كمية العملة الموجودة في السوق، وفق الأكاديمي والباحث الاقتصادي، فراس شعبو.

كما أضاف شعبو خلال حديثه لـ”الحل نت” بأن دمشق تسعى إلى تلك الأداة كونها وسيلة رخيصة بالنسبة لها. وتابع “المشكلة في هذه الأداة أن هذه السندات قروض داخلية ستؤخذ لغايات تشغيلية وليست استثمارية، وهذه السندات لا تستخدم في العملية الاستثمارية”.

وتوصف سندات الخزينة بأنها “حل إسعافي”، كفيل بإخراج الحكومة من أزمة مالية في حال عجزها عن استحقاق أموالها عبر الضرائب والرسوم، لكنها تغرق الحكومة العاملة بها في ديون لاحقة مستقبلا.

وتعتبر سندات الخزينة دينا ماليا على الحكومة، يجري تسعيرها وفق عملة البلاد التي طرحتها، وتعود بفائدة ثابتة بضمان عائد سنوي.

وفي تقرير صادر عن البنك الدولي، في نيسان/أبريل 2016، ذكر البنك أن المصرف المركزي السوري بدد الاحتياطي المالي ليصل إلى 700 مليون دولار، بعدما كان في خزينته 17 مليار ليرة سورية عام 2011، وهو ما نفاه البنك المركزي السوري، آنذاك، معتبرا أنه توجد قطيعة مع البنك الدولي وبالتالي لا يتم تزويده بالمعلومات.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.