إعادة إعمار سنجار: هل يواجه الإيزيديون إهمالاً متعمّداً من جانب السلطات العراقية؟

إعادة إعمار سنجار: هل يواجه الإيزيديون إهمالاً متعمّداً من جانب السلطات العراقية؟

مازال ملف إعادة إعمار سنجار، وغيرها من المناطق التي عانت من ممارسات تنظيم داعش، يثير كثيراً من الأخذ والرد في العراق. فقد أعلن مجلس الوزراء العراقي، يوم الثلاثاء الثاني عشر من كانون الأول/ديسمبر، عن تشكيل لجنة إعمار خاصة بقضاء سنجار، غربي محافظة نينوى في شمال العراق. وتخصيص مبلغ ثمانية وعشرين مليار دينار عراقي (18 مليون دولار) لها.

اللجنة، بحسب بيان مجلس الوزراء، ستكون برئاسة محافظ نينوى الحالي “نجم الجبوري”. وستضم بعضويتها عدداً من المسؤولين ومديري الدوائر. وستقوم بإعداد خطة إعادة إعمار سنجار. وتأهيل البنى التحتية بجميع القطاعات الخدمية في القضاء.

أهالي سنجار رفضوا الخطوة، واعتبروها لا تناسب طموحهم في إعادة إعمار القضاء المدمر. إضافة إلى استغرابهم من تسمية اللجنة ورئيسها دون علمهم.

وشهد قضاء سنجار في عام 2014 عملية تدمير ممنهج وإبادة جماعية بحق أهله، وأغلبهم من المكوّن الإيزيدي، بحسب الأمم المتحدة. بعد اجتياح تنظيم داعش لمناطق متعددة في العراق، ومن ضمنها سنجار. وتم اعتبار المنطقة عام 2015 منطقةً منكوبة من قبل مجلس النواب العراقي.

مخصصات قليلة لا تتناسب مع حجم الدمار

“محما خليل”، قائممقام سنجار، والمرشح الفائز في الانتخابات البرلمانية العراقية الأخيرة، رفض المخصصات ولجنة إعادة إعمار سنجار برمتها. لأنها «لا تمثّل أهل سنجار. ولا تلبي طموحاتهم». بحسب تعبيره.

 وذهب “خليل”، في حديثه لـ«الحل نت»، إلى أن «الأمر فيه تجاوز واضح على إدارة سنجار والسياقات القانونية. فضلاُ عن قلة المخصصات المالية الموجهة لإعادة الإعمار».

وبحسب كلام القائممقام فإن «إدارة سنجار وممثلين عنها اعترضوا على المبلغ واللجنة. لأن القضاء يحتاج إلى الكثير في مجال الخدمات والصحة والكهرباء. وهي المتطلبات الأساسية لعودة النازحين إلى المنطقة».  

بدوره يرفض الناشط المدني “فاضل حيدر” لجنة إعادة إعمار سنجار. قائلاً لموقع «الحل نت» إن «تخصيص هذا المبلغ الزهيد لقضاء مثل سنجار، تحت عنوان إعادة  الإعمار، غير كافٍ قياساً إلى حجم الإبادة، التي تعرض لها أهل القضاء من الإيزيديين. والدمار العام في المنطقة».  

وكان الأفضل، بحسب “حيدر” المنحدر من سنجار، «إنشاء صندوق إعمار خاص بالقضاء. يترأّسه شخص من سنجار نفسها. لأن المنطقة مدمرة بنسبة 80%، وتعاني من غياب أبسط مقومات الحياة».

غياب الجدية في عملية إعادة الإعمار

ويعتبر “حيدر” أن هناك «ازدواجيةً وتعاملاً مجحفاً بحق الإيزيديين في سنجار. يبيّن عدم جدية الحكومة العراقية في ملف إعادة إعمار سنجار. أو منح خصوصية لهذا القضاء. رغم أن دولاً متعددة أبدت استعدادها لدعم المنطقة، والمساعدة بإعادة إعمارها».  

بالمقابل يرى الصحفي السنجاري “ذياب غانم” أن «المبلغ المخصص لا بأس به في المرحلة الحالية. نظراً لما يمر به العراق بشكل عام من أزمات مالية».

وتمنى “غانم”، في حديثه لـ«الحل نت»، أن «يكون هناك تنسيق مع المنظمات المدنية في سنجار. ما يؤدي لتنسيق المشاريع. وتحقيق أكبر فائدة من عملية إعادة إعمار سنجار».

بينما يتفق “فرحان ابراهيم”، مدير منظمة “جسر الشباب في سنجار” مع رأي “حيدر”. ويصف تشكيل لجنة إعادة إعمار سنجار بأنه «مجرد حبر على ورق. مثل اتفاقية سنجار، التي وقعت بين أربيل وبغداد، في تشرين الأول/أكتوبر 2020». ويعلل ذلك بأنه «طالما ليس لأهالي سنجار دور في آلية تصميم وتنفيذ المشاريع، فإن الأمر غير جدي».

ويضيف “إبراهيم”، في حديثه  لـ«الحل نت»، أن «الاهالي يريدون أن تكون البرامج المتعلقة بإعادة إعمار مناطقهم منظّمة من الحكومة المركزية في بغداد مباشرة. وليس عن  طريق الموصل. فحتى الآن ليس هنالك تواصل فعلي بين إدارة قضاء سنجار ومحافظة نينوي».

ويختتم حديثه بالقول: «منذ عام 2003 وإلى الآن لا نعلم شيئاً عن ميزانية سنجار، وكيف تُنفق. وهذا يدل على أن الحكومة المحلية في نينوى لا تهتم بسنجار. ولذلك لا بد من تشكيل لجنة من أهالي المنطقة أنفسهم للعمل بملف إعادة إعمار سنجار. ونحن نمتلك طاقات كبيرة من المهندسين والإداريين والقانونين، وغيرهم من أصحاب الاختصاصات العلمية».

توضيحات لجنة إعادة إعمار سنجار

وعن المبلغ المخصص لعملية إعادة إعمار سنجار أكد “عبد القادر الدخيل”، عضو لجنة إعادة الإعمار ومدير مكتبها التنفيذي، أن «المبلغ المخصص حالياً لإعادة الإعمار لن يكون الأخير. فالمدينة تحتاج إلى مبالغ أخرى. وستكون هناك مخصصات إضافية فيما بعد».  

وعن ردود الفعل الأخير حول اللجنة قال “الدخيل”، في تصريحاته لموقع «الحل نت»: «نتفهّم ردود الفعل. ونعتقد أنه في ظل ما حدث في قضاء سنجار من إبادة جماعية، فإن تشكيل اللجنة جاء متأخراً قليلاً. ولكن الجميع يعرف أن قضاء سنجار لم يشهد استقراراً إدارياً وسياسياً طيلة الفترة الماضية. ولا يمكن توفير الخدمات، والبدء في عملية إعادة إعمار سنجار في ظل عدم الاستقرار السياسي. ولكن الآن بدأت بغداد تفكر في حل لقضاء سنجار. وتوفير خدمات حقيقية فيه. وهي واعية تماماً بأن قضاء  سنجار يحتاج الى مبالغ كبيرة. ليس فقط في ملف إعادة الاعمار وتوفير الخدمات، بل وأيضاً في مجال التعويض والدعم النفسي والاجتماعي للأهالي، الذين قاسوا كثيراً من ممارسات تنظيم داعش»..

وبيّن “الدخيل” أن «عمل اللجنة سيكون ميدانياً. وقريباً من الاحتياجات اليومية للأهالي. والدليل على هذا أن اثنين من أعضاء اللجنة من مدراء البلديات داخل القضاء. وبالتالي فعملية إعادة إعمار سنجار ستكون أقرب لواقع المنطقة الفعلي».

مقالات قد تهمك: الصراع على قضاء سنجار: هل سيتصاعد التوتر بين “العمال” و”الديمقراطي الكردستاني” في نينوى؟

وذهب “الدخيل” إلى أن «العمل لن يشمل مركز سنجار فقط. وإنما كافة النواحي والقرى والمجمعات السكنية التابعة للقضاء. والغاية من الموضوع  تقديم الخدمات للعائدين من مخيمات النزوح في إقليم كردستان العراق. وتشجيع من بقي هناك على العودة. وهذا جوهر عملية إعادة إعمار سنجار».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.