سجن المايا الليبي: كيف أصبح عشرات السوريين معتقلين في سجون ميلشيات “الأشاوس”؟

سجن المايا الليبي: كيف أصبح عشرات السوريين معتقلين في سجون ميلشيات “الأشاوس”؟

في سجن المايا الليبي، الواقع غربي العاصمة طرابلس، يقبع ما يزيد عن مئة وثمانية عشر سورياً. بينهم ثلاثون امرأة وأربعون طفلاً. بعد وصولهم إلى مطار العاصمة. في سعيهم للهجرة إلى إيطاليا عبر ليبيا. بحسب ما ذكرت عدة تقارير إعلامية.

المعلومات التي حصل عليها موقع «الحل نت»، من معتقلين أفرج عنهم بكفالات نقدية عالية. ومن سوريين مقيمين منذ فترة طويلة في طرابلس. تفيد بأن هناك من يموت من المرض والتعذيب في سجن المايا الليبي. ولا حل لمشكلة السجناء سوى أن يقوم أحد السوريين بكفالتهم. ودفع فدى مالية ضخمة بالدولار أو الدينار الليبي للميلشيات المتحكّمة بالعاصمة الليبية. أو أن تتواصل السلطات السورية بشكل رسمي مع الميلشيات كي يتم تحريرهم.

شهادة ناجٍ من سجن المايا الليبي

“حسن العبد الله”، المفرج عنه من سجن المايا الليبي، قال لـ«الحل نت» إن «أحد أبناء محافظة السويداء في ليبيا قد كفله. ودفع عنه مبلغ ألف ومئتي دولار. بعد شهر وثلاثة أيام من خطفه وأسره. وهو الآن يحاول لملمة نفسه، كي يعمل ويسدد ما ترتب عليه للكفيل. فقد باتت الهجرة إلى إيطاليا حلماً مؤجّلاً، بعد أن فقد ماله مرتين».

ويوضح “العبد الله”: «المرة الأولى التي خسرت فيها نقودي كانت عندما دفعت لشركة “أجنحة الشام” للطيران مبلغ ألف وخمسمئة دولار للوصول إلى ليبيا. والمرة الثانية عندما تمت سرقة كل ما أملكه. بعد أن اختطفتني الميلشيات من على شاطئ البحر، وأنا أحاول الهروب إلى إيطاليا. وهذا ينطبق على كل شخص قُبض عليه في ليبيا».

وعن سجن المايا الليبي قال “العبد الله” إنه «واحد من سجون عديدة، افتتحها قادة المليشيات في ليبيا، الذين وجدوا في المهاجرين مصدراً للمال. بعد أن ركبوا موجة الثورة الليبية. وحولوّا ليبيا إلى مناطق متحاربة مليئة بالفوضى والسلاح». مشيراً إلى أن «السجن تابع لشخص يدعى “معمر الضاوي”، الملقّب بـ”المفتاح”. ويضمّ ما يزيد عن ألفي سجين، من جنسيات عربية وإفريقية. كلهم كانوا يحاولون الهجرة عبر البحر نحو إيطاليا».

مقالات قد تهمك: كان عاما مليئا بـ “بتعرف شي مهرّب ابن حلال”.. أبرز 5 وجهات يرحل إليها السوريون

سوريون يباعون كالعبيد وآخرون ينتهون في سجن المايا

ويؤكد السجين السابق أن «عدد السجناء السوريين في سجن المايا الليبي بلغ مئة وثمانية عشر سجيناً. منهم نساء وأطفال وضعوا في زنزانة بعيدة عن الرجال. ولا أحد يعرف ظروفهم بدقة. لكنها لا تختلف كثيراً عن ظروف بقية المعتقلين».

وأضاف أنه «ينحدر من ريف دمشق. وباقي المعتقلين من دمشق ودرعا. قدموا إلى ليبيا عن طريق شركة “أجنحة الشام” للطيران. وكان اتفاقهم مع سماسرة التهريب ومكاتب طيران هو تأمين الرحلة وموافقات السفر، مقابل مبلغ يتراوح بين ألف وخمسمئة وألف وستمئة دولار.  وبعد الوصول إلى مطار طرابلس سيلتقي المهاجرون بمهرّب لإيصالهم لإيطاليا. لكن الغالبية وقعوا في مصيدة العصابات. منهم من بيع كالعبد من المطار. ومنهم من وصل إلى البحر وسلمه المهرّب إلى الميلشيات. آخرون سلمهم عناصر خفر السواحل الليبية إلى العصابات، لكي يرتاحوا من همّ احتجازهم، ويحصلوا على مبلغ مالي».  

وبيّن “العبد الله” أن الميلشيات «لا تكتفي بسرقة كل المال الموجود مع المعتقلين. لكنها تسعى أيضاً لتلقي فدية مقابل الإفراج عنهم. تحدد حسب القدرة المالية لدافعها وجنسيته. فإذا كان المعتقل ليبياً يمكن أن يخرج بمبلغ صغير. أما المعتقلون السوريون فيخرجون غالباً عن طريق فدى يدفعها السوريون المقيمون في ليبيا. تبدأ بألف دولار. في حين طلبت الميلشيات مبلغاً يتراوح بين عشرة إلى خمسة عشر ألف دولار مقابل الإفراج عن كل طفل وامرأة في سجن المايا الليبي».  

أوضاع المعتقلين في سجن المايا الليبي

الناشط “حمزة المعروفي”، المحرر في إحدى الشبكات الإخبارية المحلية في محافظة السويداء، قال إنه «تلقى رسائل صوتية، من أحد الشبان الخارجين من سجن المايا الليبي. بعد أن دفع عنه أحد المقيمين السوريين مبلغ ألفين وخمسمئة دينار ليبي. وتحدثت الرسائل عن التعذيب الممارس على المعتقلين. وخاصة في موضوع تأمين المياه والدواء والطعام. فالمياه لا تصل إلى السجن إلا لمدة ساعتين في اليوم. وعلى المساجين أن يتدافعوا ويتقاتلوا لنيل حصة من الماء المخصص للشرب. فيما يقتصر الطعام على وجبتين، صباحاً وليلاً. الأولى عبارة عن رغيف خبز وقطعة جبن صغيرة. والثانية رغيف خبز وملعقة من المربى».

وأضاف “المعروفي”، في حديثه لـ«الحل نت»، أن «الدخول إلى الحمامات لقضاء الحاجة كانت أمرّ العقوبات، التي يواجهها المعتقلون في سجن المايا الليبي. فكل السجناء، الذين قد يصل عددهم إلى ألفي سجين، يقضون حاجتهم بستة حمامات فقط. عدا عن عدم وجود مياه. وفي حال مرض أحدهم فالموت أقرب إليه من أي وقت مضى وسط هذه القذارة. خاصة أن الجرب والأمراض الصدرية، خاصة السل، منتشرة بين المهاجرين غير الشرعيين».

«لا تفكروا بالهجرة عبر طريق الموت»

“نزيه أبو علي”، السوري المقيم في العاصمة الليبية طرابلس منذ اثنين وثلاثين عاماً، قال لـ«الحل نت» إن «السجون كثيرة في العاصمة الليبية. ولا أحد يعرف عددها». مشيراً إلى أن «من يطلق عليهم “الأشاوس”، أي رجال الميلشيات، يتحكّمون بالعباد، كونهم يمتلكون السلاح، ومدعومون دولياً. وهم تابعون على الأغلب لخليفة حفتر المقرّب من روسيا».

وأضاف أن «عدداً كبيراً من السوريين في العاصمة الليبية قاموا بمساعدة السوريين الوافدين لتأمين السكن والعمل. لكنهم عاجزون أمام حالات المخطوفين والمعتقلين في سجن المايا الليبي، بسبب المطالب المالية العالية لرجال الميلشيات». مطالباً السلطات السورية بـ«التحرّك لدى حليفتها روسيا لإخراج كل السوريين من السجون».

وينصح “أبو علي” في ختام حديثه كل السوريين بـ«عدم التفكير بالسفر إلى ليبيا بقصد الهجرة نحو إيطاليا، لأنه طريق الموت». حسب تعبيره.

وكانت ثلاث منظمات حقوقية أوروبية غير حكومية قد دعت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي لإدانة الدول الأوروبية الداعمة لخفر السواحل الليبي. مطالبة المنظمة بـ«استنكار جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. المرتكبة ضد المهاجرين المحتجزين في ليبيا. بمساهمة غير مباشرة من السلطات الإيطالية والمالطية».

وأشارت المنظمات إلى أن «التعذيب والاضطهاد والاغتصاب والاحتجاز التعسفي، وكثير من الانتهاكات الأخرى، يبدو ذكرها أمراً اعتيادياً عند الحديث عن حال المهاجرين في ليبيا. لا سيما المحتجزين منهم في السجون. لمدة قد تستمر لأشهر أو سنوات».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.