النساء في الانتخابات العراقية: هل سيغيّر وجود مئة امرأة في البرلمان معالم الحياة السياسية؟

النساء في الانتخابات العراقية: هل سيغيّر وجود مئة امرأة في البرلمان معالم الحياة السياسية؟

يعتبر فوز النساء في الانتخابات العراقية واحداً من أكثر الظواهر إثارة للاهتمام في الحياة السياسية بالبلاد. فعلى الرغم من أن الجدل لم يحسم بعد بشأن نتائج الانتخابات النيابية العراقية، التي جرت في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر الماضي. لكن النتائج المعلنة لغاية الآن تؤكد فوز النساء بقرابة مئة مقعد. في سابقة هي الأولى من نوعها منذ نشأة الدولة العراقية الحديثة.

“يسرى كريم”، مديرة دائرة تمكين المرأة في الأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي، قالت في بيان لها إن النساء في الانتخابات العراقية «فزن بسبعة وتسعين مقعداَ. بزيادة أربعة عشر مقعداً عن الكوتا المخصصة للنساء. ومن الفائزات امرأتان تنتميان للأقليات. فيما أظهرت النتائج فوز سبع وخمسين امرأة بقوتهن التصويتية. دون الحاجة إلى الكوتا».

الانتصار الذي حققته النساء في الانتخابات العراقية يطرح أسئلة عديدة عن انعكاساته على الأوضاع الاجتماعية لنساء العراق عموماً. اللواتي يعانين كثيراً من العنف والاقصاء والاضطهاد. فهل ستستطيع المرشحات الفائزات تشريع قوانين لمصلحة النساء العراقيات؟ وهل بإمكانهن مواجهة القوى السياسية المتنفذة، التي تقف ضد أي تغيير فعلي في البلاد؟

فوز النساء في الانتخاب العراقية سيغيّر البلاد

“ليلى مهدي التميمي”، الناشطة المدنية والمرشحة الفائزة في الانتخابات الأخيرة، اكدت أن «النساء في الانتخابات العراقية تجاوزن عتبة الكوتا بكثير. ولذلك فإن ما سنسعى إليه في البرلمان الجديد لن يكون مقتصراً على القضايا النسائية. بل سنعمل على كل القضايا التي تهم البلاد من الناحيتين التشريعية والرقابية».

وتضيف “التميمي”، في حديثها لـ«الحل نت»، أن «الانتصار الذي حققته النساء في الانتخابات العراقية لايعني تشبثهن بمظلمة اجتماعية. وسياق تاريخي جرت العادة على حشرهن به. بل سيعملن على إظهار وإبراز قوتهن وتميزهن. ليفتحن الباب أمام جميع النساء العراقيات لعدم الركون إلى الخضوع والصمت. عندما يرين أن نساء مثلهن وصلن إلى أعلى المناصب في الدولة والبرلمان».

مبينةً أن «العدد الكبير للنساء في مجلس النواب العراقي يمكن أن يشكّل حالة تضامنية. ومجموعة ضغط لإقرار قوانين جديدة لصالح النساء».  

من جهتها ترى “نيسان الزاير”، المرشحة الفائزة عن قائمة “امتداد”، التي تمثّل نساء انتفاضة تشرين، أن «دور النساء بات شديد الأهمية في الحياة السياسية العراقية. ولا يقلّ اهمية عن دور الرجال. فقد كانت لهن مساهمة أساسية في انتفاضة تشرين. وما فوز هذا العدد الكبير من النساء في الانتخابات إلا انعكاس لدور المرأة العراقية في عملية التغيير. وسنثبت للجميع بأن النساء قائدات ورائدات».

وبيّنت “الزاير”، في حديثها لموقع «الحل نت»، أن «النساء العراقيات يسعين اليوم لتوسيع الحيز الذي يعملن به. لأنهن بعد “تشرين” لم يعدن كالسابق. فقد ازددن وعياً وقوة. على اختلاف أصولهن ومعتقداتهن وأديانهن. كما أن فوز النساء في الانتخابات العراقية يدلّ على أن حراكهن في الفترة السابقة قد غيّر كثيراً في وعي المجتمع العراقي بشكل عام».

النساء أمام اختبار نظام المحاصصة

أمام هذا المنظور المتفائل، الذي عبّرت عنه ممثلات النساء في الانتخابات العراقية. تزداد وتيرة التساؤلات عن الإمكانيات المتاحة فعلياً في البرلمان العراقي للتغيير. “جاسم الحلفي”، القيادي في الحزب الشيوعي العراقي، اعتبر أن «أفق النساء في البرلمان العراقي سيكون مرهوناً بإرادتهن وقدرتهن على التعبير عن الحركة النسوية. واحتياجات النساء في المجتمع العراقي. وابتعادهن عن نظام المحاصصة الطائفية والحزبية، الذي أنتج الفشل طيلة السنوات الماضية».

“الحلفي” أضاف، في حديثه لـ«الحل نت»، أن «كثيراً من النساء فشلن في أداء دورهن السياسي في الدورات الانتخابية السابقة. بسبب عدم قدرتهن على الاستقلال عن سياسات القوى التي ساهمت في إيصالهن للبرلمان. وفوز النساء في الانتخابات العراقية الحالية سيكون اختباراً حقيقياً لصف جديد من السياسيات العراقيات. هل سيعدن إنتاج الأساليب القديمة نفسها في المحاصصة. أم أنهن سيخلقن معادلة جديدة؟».

فوز النساء في الانتخابات العراقية وعقدة الإسلام السياسي

بدوره يعتبر “علي البيدر”، المحلل السياسي العراقي، أن فوز النساء في الانتخابات العراقية، وتجاوزهن لعتبه الكوتا مؤشر حسن. فالمرأة العراقية، بحسبه، «بدأت تحظى باهتمام اجتماعي وسياسي واضح. وأصبح لها تأثير في أكثر من مجال. وخصوصاً في الجانب السياسي. ولا شك أن بعض القوانين ستعدّل. وتضاف قوانين جديدة لصالح النساء العراقيات. بسبب الوجود الكمي الكبير لهن في الدورة الانتخابية الحالية. وهذا أمر إيجابي للنهوض بالواقع الاجتماعي في العراق».

إلا أن “البيدر”، في حديثه لـ«الحل نت»، يشير في الوقت نفسه إلى «صعوبة تكتل النساء في صف واحد. أو تمردهن على الأحزاب التي ساعدت بوصولهن إلى البرلمان. إضافة إلى أن الأيام الماضية بيّنت تباين التوجهات بين النساء في الانتخابات العراقية. فنجد أن هنالك نساءً إسلاميات وصلن إلى البرلمان. إلى جانب نساء يحسبن على التيارات العلمانية واليسارية. فضلاً عن الحسابات العرقية والإثنية والقومية. ولذلك فمن المستحيل تشكيل لوبي نسائي في البرلمان العراقي».

المحلل العراقي يتابع بالقول: «لا شك أن فوز النساء في الانتخابات العراقية فد أوصل سيدات لهن موقف نسوي قوي إلى البرلمان العراقي. وسيكون لهن تأثير وقرار وحضور واضح. إلا أن كثيراً من العقبات ستواجههن».

ويشير “البيدر” إلى وجود «عائق تحزّبي إسلامي في البرلمان العراقي. سيمنع صدور أي قانون يصبّ بمصلحة المرأة العراقية. بالاعتماد على مادة في الدستور. تؤكد أنه لا يجوز تشريع أي قانون يتعارض مع أحكام الإسلام. وهكذا فإن فوز النساء في الانتخابات العراقية سيضع عدداً منهن في مواجهة مفتوحة مع الإسلام السياسي. قد تستغلها بعض الأطراف للتشهير بالنائبات بوصفهن معاديات للإسلام. ومواجهة هذا يتطلب تضامناً كبيراً بين كل النساء المتواجدات تحت قبة البرلمان العراقي».

وبين تفاؤل المرشحات الفائزات في الانتخابات العراقية وتشاؤم بعض المحللين من قوة أحزاب المحاصصة والإسلام السياسي، يبدو أن فوز النساء في الانتخابات العراقية سيكون بكل الأحوال مؤشراً لمرحلة جديدة في الحياة السياسية للبلاد. تلعب فيها النساء دوراً أساسياً في رسم معالم النظام السياسي العراقي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.