خلال عطلة نهاية الأسبوع الثالثة من كانون الثاني/يناير الجاري، أعلنت روسيا وبيلاروسيا على عجل عن تدريبات عسكرية مشتركة، وبحلول الـ 17 من الشهر ذاته، بدأت القوات الروسية في الوصول إلى بيلاروسيا. ويبدو أن قرار إجراء المناورات العسكرية في بيلاروسيا ليس سوى خطوة أخرى للتصعيد نحو الحرب للوهلة الأولى. ومع ذلك، وكما يخبرنا التاريخ العسكري الروسي الحديث، فمن المرجح جدا أن تكون هذه هي الخطوة الوحيدة الأكثر حسما في التحضير لحرب شاملة مع أوكرانيا.

هل تجتاح روسيا أوكرانيا؟

استبعد المحلل السياسي، درويش خليفة، في حديثه لـ”الحل نت”، أي اجتياح روسيا لأوكرانيا، لاسيما بعد التهديدات الغربية، رغم تشكيك البعض بجديتها، إلا أنه يرى أقل ما يمكن فعله من قبل حكومة بوتين، هو الاستيلاء على مناطق حدودية.

أما إذا ما تم الاجتياح وفق التصريحات الساخنة في هذا الطقس المتجمد، فإنه بلا شك، سيدخل الإقليم بتحالفات جديدة وصراعات مفتوحة في عدة دول لروسيا تتواجد فيها، ويضيف خليفة، و”قد نشهد مشاركة دول أخرى إلى جانب أحد الأطراف”، وبالتالي تتوسع رقعة الصراع وهذا ليس بمصلحة الجميع، سيما وأن الاقتصادات العالمية في أسوأ أحوالها، وستكون موسكو من أكبر الخاسرين، بسبب مضاعفة العقوبات على الروس، مما يؤذي صادراتهم إلى دول أوروبا، والتي تقدر بـ 91 مليار دولار سنويا.

ويشير المحلل السياسي الروسي، المهتم بقضايا الشرق الأوسط، ديميتري بريجع، إلى أن ما يحدث حاليا هي دعاية إعلاميه للحرب لا أكثر، منوها إلى أن حدوث حرب قد بسبب مشاكل كبيرة للطرفين و قد تحول المنطقة إلى جحيم، مدللا بكلام الناطق باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، الذي  قال إن “التوترات تفاقمت جراء إعلانات وأفعال ملموسة من جانب الولايات المتحدة وحلف الناتو، وهو ما تسبب في هيستيريا في أوروبا حول اجتياح روسي مفترض وشيك لأوكرانيا”.

ويضيف بريجع، لـ”الحل نت”، أن أوكرانيا كانت بؤرة توتر بين الناتو وروسيا منذ عدة سنوات وحتى الآن. وتنظر موسكو إلى مضاعفة أراضي “الناتو” بعد نهاية الحرب الباردة بسخط وخوف جديين. حيث وصف الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أوكرانيا بالخط الأحمر.

إلى ذلك، يعتقد الكاتب والباحث السياسي التركي، فراس رضوان أوغلو، خلال حديثه لـ”الحل نت”، أنه بالنسبة لروسيا فقد حققت مكاسب كثيرة. ففي حال غزت أم لم تغز فهي أساسا استحوذت على شبه جزيرة القرم والولايات الشرقية، وهي الآن هي تريد على الأقل تثبيت هذا الوضع عبر الضغط على أوكرانيا بالتنازل عن هذه الأمور.

للقراءة أو الاستماع: بسبب أوكرانيا.. تصفية الصراعات الروسية التركية في الشمال السوري؟

الحرب على طاولة الرهان

ويشير أوغلو، إلى أن روسيا تراهن على أن الغرب لن يدخل في حرب معها، من ناحية أن الاتحاد الأوروبي غير قادر وتركيا لا تريد الانخراط في هذا مع حلف “الناتو”. والولايات المتحدة الأميركية هي الوحيدة القادرة على أن تهزم روسيا فهي القوة العظمى. 

ولكن هل ستحصل هذه الحرب أم لا؟ هنا يجيب أوغلو، أن هذا ايضا مستبعد لأن اليوم لا أحد يريد الحرب؛ لأنها ستكون عالمية حقيقة. ولذلك لابد من فتح الباب في الدبلوماسية وهذا سيبقى. 

ويعتقد أوغلو، أن تركيا لها دور في هذه القضية لأنها ستكون المتضرر الأول والأكثر في هذه العملية. لا سيما وأن المخاطر كبيرة، “نحن نتكلم دولة نووية ستحارب دولة خلفها دول يحملون أسلحة نووية وهذا خطير”. 

وعن آثار هذا الرهان الروسي، فإن الحرب ستؤدي وفقا لأوغلو، إلى انهيار اقتصادي كامل. بدءا من محور “روسيا، الصين، إيران”ومعها في بعض الدول التي تنطوي لها على سبيل المثال بيلاروسيا وغيرها. وهنا لا يعني أن هذا المحور هو أقوى من “الناتو”، لكن التبعات لها واقع أقوى.

ولكذلك، يرى أوغلو، أنه لا مجال لدحرجت كرة النار لتكبر بعد ذلك. فلابد من التهدئة وهذا ما ستفعله أيضا تركيا بالنيابة على الأقل عن الناتو والولايات المتحدة الأميركية.

ويؤدي هذا التحليل، ديميتري بريجع، إذ لفت إلى أن المفاوضات هي السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة. لأن الحرب بين روسيا وحلف الناتو ليست خيارا قابلاً للتطبيق. فيمكن للحشد العسكري في أوروبا أن يكون له تأثير إيجابي على الموقف فقط إذا خلق مأزقا استراتيجيا لكل من روسيا وحلف شمال الأطلسي وأجبرتهما على العودة إلى طاولة المفاوضات.  لكنها استراتيجية خطيرة ما لم يسود الفطرة السليمة على كلا الجانبين. 

للقراءة أو الاستماع: دعم روسي لدمشق من بوابة شبه جزيرة القرم.. من المستفيد الحقيقي؟

بايدن يحذر من غزو روسي

وفقًا لبيان للبيت الأبيض، الخميس الفائت، فقد حذر الرئيس الأميركي، جو بايدن، من أن هناك “فرصة واضحة” لأن تهاجم روسيا أوكرانيا الشهر المقبل. وعلى الرغم من نفي موسكو حتى الآن لهذا المخطط، إلا أن التعزيز الأخير لعشرات الآلاف من الجنود الروس على الحدود الأوكرانية أثار مخاوف من غزو روسي لأوكرانيا.

وجاءت التصريحات الأميركية، خلال محادثة هاتفية بين بايدن، والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. وطبقا لإيميلي هورن، المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، فإن بايدن “حذر من وجود احتمال كبير بأن الروس قد يهاجمون أوكرانيا في شباط/فبراير”.

وهددت الولايات المتحدة في اليوم ذاته أيضا، بوقف افتتاح خط أنابيب رئيسي سينقل الغاز الروسي إلى أوروبا الغربية إذا قامت روسيا بغزو أوكرانيا.

إلى ذلك، اعتبر رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، اليوم الأحد، أن الصورة على حدود أوكرانيا مع روسيا “مقلقة بشكل متزايد”. في وقت أكد حلف شمال الأطلسي “الناتو” أنه يواكب إرسال قوات إلى أوكرانيا، حتى لو تعرضت للغزو الروسي.

ويبدو أن الحكومة الروسية في نهاية المطاف لا تريد الحرب. لإنها وفق خبراء ستكون باهظة الثمن، ومحفوفة بالمخاطر محليا، وعلى عكس عام 2008، ستجعل روسيا منبوذة تماما على المسرح الدولي. في حين ستكون المفاوضات حلا أنظف بكثير لجميع الأطراف المعنية، والحكومة الروسية تدرك ذلك جيدا.

للقراءة أو الاستماع: بعد القرم… تأسيس “بيت تجاري” بين سوريا وأوسيتيا الجنوبية

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.