الانتهاكات التركية لشمال العراق: ما حجم الخراب الذي خلّفه عشرون عاماً من القصف؟

الانتهاكات التركية لشمال العراق: ما حجم الخراب الذي خلّفه عشرون عاماً من القصف؟

 تتوالى التقارير عن الانتهاكات التركية لشمال العراق. فبشكل شبه يومي يقوم الجيش التركي بشن هجمات جوية وبرية على مناطق وقرى حدودية في إقليم كردستان العراق. مستخدماً أسلحة متنوّعة.

وتدّعي أنقرة أن السبب الرئيسي وراء قصفها لتلك المناطق هو تواجد عناصر حزب العمال الكردستاني. الأمر الذي تنفيه قيادات كردية. وعديد من المسؤولين المحليين في مدن إقليم كردستان.

وتتواصل الانتهاكات التركية لشمال العراق منذ نحو عشرين عاماً. وسط صمت من قبل حكومتي بغداد وأربيل، اللتين لم تتخذا إجراءات رادعة لإيقاف تلك العمليات، التي ألقت بظلالها على حياة المدنيين. وأدت لسقوط مئات الضحايا، فضلاً عن الخسائر المادية.

صمت حكومي على الانتهاكات التركية

ويمكن تحديد تلك العمليات بوصفها انتهاكات تركية للسيادة العراقية، كونها تتم في عمق الأراضي العراقية. إذ يقتحم الجيش التركي الحدود، ويتوغّل مئات الكيلومترات. وهذا ما تؤكده “يسرى رجب”، النائب السابق في البرلمان العراقي.  

وتضيف “رجب”، في حديثها لموقع «الحل نت»، أن «الانتهاكات التركية لشمال العراق تجري وسط صمت معيب من قبل بغداد وأربيل. يشير لحالة ضعف كبيرة، تستغلّها أنقرة لتنفيذ عملياتها المستمرة».

وتمكّنت تركيا من توسيع تواجدها، ومد نفوذها إلى مواقع مهمة واستراتيجية داخل أراضي إقليم كردستان العراق. مخالفةً بذلك الاتفاقية الموقعة بينها وبين النظام العراقي السابق عام 1982، والتي نصّت على السماح لكل من الجيشين العراقي والتركي بالتوغّل لحوالي عشرين كيلو متراً في البلدين، لتأمين الحدود.

وبحسب مختصين في القانون العراقي فإن الاتفاقية الموقعة بين الطرفين أصبحت ملغيةً. بحكم أن الدستور الجديد للعراق نصّ على إلغاء جميع القوانين والاتفاقات التي وقعها نظام صدام حسين.

انتهاكات بالأسلحة الكيميائية

“شادي نوزاد”، العضو في برلمان إقليم كردستان العراق، اتهمت أنقرة بـ«استخدام الأسلحة المحرّمة دولياً. ومنها الأسلحة الكيمياوية، التي سقطت صواريخ منها على قرى كردية واقعة في محافظة دهوك شمالي العراق».

لافتةً، في حديثها لموقع «الحل نت»، أن «السكوت على الانتهاكات التركية لشمال العراق، ومنها استخدام الأسلحة الكيمياوية، يعبّر عن عدم اكتراث بحياة سكان القرى المختلفة في إقليم كردستان».

مشددةً على أن «البرلمان العراقي الجديد يجب أن يقف بصلابة ضد هذه الانتهاكات، التي تندرج ضمن الجرائم ضد الإنسانية، التي يحاسب عليها القانون الدولي».

وتعتبر محافظة دهوك، التابعة لإقليم كردستان، أكثر المناطق التي تتعرّض بشكل شبه يومي للقصف التركي. كونها محافظة مجاورة للحدود التركية. فضلاً عن أن تركيا تعتبرها منطقة استراتيجية، للتمدد نحو محافظتي نينوى وكركوك.

ودعا نواب وقيادات في الاتحاد الوطني الكردستاني الحكومة العراقية وبعثة الأمم المتحدة في العراق لإرسال فريق تحقيق. للكشف عن حال القرى والمناطق التي تعرّضت للانتهاكات التركية في شمال العراق. وخاصة التي تم قصفها بأسلحة محرّمة. وتقديم شكوى رسمية لدى المحاكم الدولية ضد أنقرة.

المقرات السرية والعلنية للقوات التركية في شمال العراق

وكانت تقارير متقاطعة قد تحدّثت عن أن عدد  المقرات والمؤسسات الاستخبارية، العلنية والسرية، التابعة للجيش التركي في شمال العراق، وصلت إلى ثلاثة وعشرين مقراً في كانون الأول/ديسمير 2020. وهي موزعة على ستِ نواحٍ تابعة لمحافظة دهوك. وبلغ عدد المقاتلين في تلك المقرات والمعسكرات حوالي خمسة آلاف مقاتل .ما يسهّل بشدة الانتهاكات التركية لشمال العراق.

وبحسب “علي ورهان”، عضو حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، فإن «عدد القواعد الرسمية للجيش التركي في إقليم كردستان يبلغ واحدة وعشرين قاعدة. فيما يبلغ عدد الربايا والمواضع العسكرية الأخرى أكثر من خمسين موضعاً. تنتشر في محافظتي دهوك وأربيل. وقسم آخر داخل محافظة نينوى».

مبيناً، في حديثه لموقع «الحل نت»، أن «أكبر قاعدة عسكرية للجيش التركي تتواجد في ناحية “كاني مآسي”، التابعة لقضاء العمادية. وتضمّ آلاف المقاتلين. فضلاً عن قاعدة جوية، تنطلق منها الصواريخ الموجهة لقصف المدن والمناطق المختلفة».

ويستكمل حديثه بالقول: «الانتهاكات التركية لشمال العراق، والقصف المستمر منذ تسعينات القرن المنصرم، تسبب بتهجير خمسمئة قرية كردية. وضحايا بالآلاف، فضلاً عن خسائر تقدّر بنصف مليار دولار. نتيجة ترك سكان القرى لمزارعهم ومواشيهم».

ويتسبب القصف التركي على المناطق والمدن في إقليم كردستان سنوياً بحرق آلاف الهيكتارات من الأراضي الزراعية والبساتين. التي تعود ملكيتها لأهالي مناطق شمال العراق .

إحصائيات رسمية حول حجم الانتهاكات التركية لشمال العراق

“جبار ياور”، الأمين العام لوزارة البيشمركة بحكومة إقليم كردستان، ذكر في بيان رسمي أن «الانتهاكات التركية لشمال العراق، خلال أربعة أعوام فقط، بلغت 389 عملية جوية. إضافة إلى 425 عملية قصف مدفعي. قُتل خلالها  مايزيد عن عشرين مدنياً. وتسببت في تدمير قرى حدودية، وهدم مستشفيات وطرق وجسور ومدارس».

فيما أشار “فهيم عبدالله”، رئيس مجلس محافظة دهوك، في تصريحات صحفية، إلى أن «الجيش التركي قطع آلاف الأشجار من غابات المحافظة خلال العام الماضي. لأسباب مجهولة».

وبحسب تقارير مختلفة فقد تم في محافظة أربيل إخلاء خمس وخمسين قرية، من أصل ثلاث وسبعين قرية حدودية. وأدت الحرائق، التي التهمت حقول ومزارع وبساتين المنطقة، نتيجة الانتهاكات التركية لشمال العراق، إلى خسائر بعشرات ملايين الدولارات.

وليس بعيداً عن أربيل أضطر مئات من المدنيين لترك قراهم ومزارعهم، الواقعة ضمن إدارة “رابرين” في محافظة السليمانية، خاصة تلك القريبة من سلسلة جبال قنديل. على الشريط الحدودي الفاصل بين العراق من جهة وتركيا وإيران من جهة أخرى.

مقالات قد تهمك: بحجة محاربة “العمال الكردستاني”: هل تخطط تركيا للسيطرة على مدن شمالي العراق بموافقة حكومة أربيل؟

وينتظر كثير من المواطنين العراقيين، وتحديداً سكان إقليم كردستان، من الحكومة الجديدة في البلاد اتخاذ إجراءات مختلفة، دبلوماسياً وسياسياً واقتصادياً، لإيقاف الانتهاكات التركية لشمال العراق، وإنهاء معاناة المواطنين في المناطق الحدودية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.