تاريخيا، يعد القطن والسكر أهم محصولين صناعيين في سوريا، فبينما انخفض إنتاج القطن، الذي كان أحد المحاصيل الاستراتيجية الرئيسية في سوريا خلال السنوات السابقة، إلى مستويات تاريخية، فإن الحكومة السورية تجاهلت إنتاج الشمندر السكري تماما، إذ تُظهر الرسوم البيانية لإنتاج المحصولين بين عامي 2000 و 2021، الأثر الكبير الذي حدث للمحصولين بسبب الصراع العسكري، والعوامل المناخية، ونقص الدعم الحكومي.

خسائر كبيرة

أفاد العديد من مزارعي الشمندر السكري في منطقة الغاب أن البذور التي حصلوا عليها من البنوك الزراعية لم تنبت حتى الآن، رغم توقيعهم عقودا مع شركة سكر تل سلحب لتسليم محصولهم إليه من أجل إنتاج السكر.

المزارعون ألقوا باللوم في ذلك على البذور رقم 4000 و4001، بدعوى أنها ذات جودة منخفضة ومعدل إنباتها أقل من 10 بالمئة، على الرغم من حقيقة أنها زُرعت في تموز/يوليو من العام الماضي.

محمد حسان قطنا وزير الزراعة السوري قال لـصحيفة “الوطن” المحلية، إن ما ورد عن البذرة ورداءتها غير صحيح، مؤكدا أن نتائج الفحوصات وحيويتها تستوفي المعايير الفنية، وأن نسبة الإنبات في النوعين المشار إليهما كانت غير صحيحة إنما هي فوق 90 بالمئة. 

واتهم قطنا، المزارعين باعتمادهم على مياه الأمطار في الري، وهو ما لم يكن كافيا، بخاصة بعد عدم كفاية الأمطار.

وذكر قطنا أن المساحة المزروعة بالشمندر بلغت 2872 هكتارا من أصل الخطة 4322 هكتارا، فيما حذر الخبير التنموي أكرم عفيف، من أزمة نقص في مادة السكر في سوريا خلال العام الجاري، مؤكدا أن “زراعته تحتضر”.

وقال عفيف لذات الصحيفة في وقت سابق، إن “الأراضي الزراعية في سهل الغاب لم تعد صالحة للزراعة، والأعشاب المعمرة ظهرت في أكثر من نصف الأراضي، بسبب عدم قيام الفلاحين بالفلاحات العميقة”.

للقراءة أو الاستماع: “تأمين المواد صعب”.. إيقاف إنتاج السكر والزيت بحمص

من محصول اقتصادي استراتيجي إلى محصول علفي فقط؟

الشوندر أو الشمندر السكري، هو نبات عشبي ثنائي الفلقة ثنائي الحول من العائلة السرمقية، ووفقا للأخصائي الزراعي عبد المولى أبازيد، وهو ثاني محصول في العالم بعد قصب السكر لإنتاج السكر الأبيض، حيث تزرع 7.5 – 8 مليون هكتار سنويا في 42 دولة التي تقع خارج خطوط العرض 30 شمالا وجنوبا.

https://twitter.com/TheSyrianTweet/status/1272222279427076096?s=20&t=7–4dx-lCjLwLMehTdRajQ

وأوضح الأبازيد، خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن أهميته في سوريا تنبع من كونه المحصول السكري الوحيد الذي يمكن استخدامه في صناعة السكر. بسبب عدم وجود زراعة قصب السكر بتكلفة مناسبة وتوافق التربة السورية معها. 

وبعد القمح والقطن، يعتبر الشمندر السكري ثالث أهم محصول استراتيجي في سوريا. وكان يزرع على مساحة تقارب 30 ألف هكتار كل عام بمتوسط إنتاج 1.25 مليون طن من الشمندر الخام.

وبحسب الأبازيد، فإن زراعة الشمندر السكري في سوريا كانت تساهم في تأمين 400 ألف طن من التفل الرطب وهو مادة علفية منخفضة التكلفة. بالإضافة إلى أوراقه ومخلفاته التي توفر المادة الخام لإنتاج الكحول والخميرة. فضلا عن توفير الكثير فرص عمل لعدد كبير من المواطنين.

للقراءة أو الاستماع: “الزراعة تحتضر”.. بوادر أزمة نقص محصول السكر في سوريا العام المقبل

انقراض محصول الشمندر السكري في سوريا

تشير الإحصائيات إلى أنه في عام 2021، بلغ إنتاج الشمندر السكري في سوريا صفر طن. إذ تذبذب إنتاجه بشكل كبير في السنوات الأخيرة، حيث سجل أعلى فترة زيادة خلال الفترة 1971. ثم بدأت المؤشرات في الهبوط حتى عام 2021 منتهيا عند صفر طن.

ويُزرع الشمندر السكري في مناطق دير الزور والرقة والغاب وحلب، أما حاليا لا يتم زراعة هذا المحصول في سوريا في كل هذه المناطق. وطبقا لحديث الخبير الزراعي، فإن مصانع السكر شبه متوقفة تماما نتيجة الصراع السوري الحالي. إذ يوجد في سوريا ثلاثة مصانع واحد في بلدة مسكنة بريف حلب، وآخر في الرقة وواحد في منطقة الغاب.

ونتيجة لتوقف مصانع إنتاج السكر في سوريا، أصبح هذا المحصول الاقتصادي الاستراتيجي، الذي يعد حاليا ثالث أهم محصول بعد القمح والقطن، محصولا علفيا للحيوانات. حيث انخفضت زراعته بنسبة 99 في المائة في المنطقة، مما أدى أيضا إلى هجرة اليد العاملة فيها إلى الخارج.

وتعتبر بلجيكا الدولة الأولى التي تستورد منها الحكومة السورية بذور الشمندر المعروف بـ”وحيد الجنين”. ويعجز المزارع عن شرائها بنفسه لأن الحكومة تحتكر الاستيراد كما تحتكر عملية شراء المحصول. وبحسب تقرير لوزارة الزراعة السورية، فإن احتياج القطاع العام الصناعي من المنتجات الزراعية للموسم 2021-2022 بالنسبة لمحصول الشمندر السكري، يصل إلى نحو 266 ألف طن.

ووفقا لتقرير لصحيفة “البعث”، فإن الشمندر السكري يسهم في تغطية حوالي 20 بالمئة من حاجة سوريا من مادة السكر. إذ تصل نسبة استهلاك مادة السكر إلى 709 آلاف طن سنويا، بمعدل 35 كيلوغراما للفرد الواحد.

للقراءة أو الاستماع: توزيع الرز والسكر بـ”عَدالة” من خلال البطاقة الذكية في سوريا!

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.