أعلن الرئيس الأميركي، جو بايدن، الخميس، بعدما تضاربت الأنباء حول هوية المستهدف في الضربة التي نفذتها القوات الأميركية، في منطقة إدلب شمال غرب سوريا، عن مقتل زعيم تنظيم داعش “عبد الله قرداش”، الملقب “أبو إبراهيم الهاشمي القرشي”.

وحول العملية، نفذت طائرات “التحالف الدولي”، عملية إنزال عسكرية، استهدفت منزلا قرب بلدة أطمة بمحافظة إدلب شمال غرب سوريا. وقالت مصادر محلية لـ “الحل نت”، إن ستة أطفال وثلاثة نساء ورجلان قتلوا، إثر عملية الإنزال الجوي.

ولم يتم التعرّف على الجثث التي قُتلت، في حين عملت إحدى النساء على تفجير نفسها ورفضت أن تستسلم لعناصر “التحالف” الذين طالبوا جميع من بالمنزل تسليم أنفسهم عبر مكبرات الصوت، قبل بدء الاشتباكات التي استخدم بها رشاشات ثقيلة ومتوسطة.

ومع استمرار “خفض التصعيد” الذي فرضه الاتفاق الروسي – التركي في عام 2019 بمحافظة إدلب السورية، آخر معقل رئيسي للمعارضة في البلاد، يقول الخبراء إن المنطقة ربما تعد بمثابة ملجأ لمقاتلي تنظيم “داعش” الذين لجأوا إليها بعد هزيمتهم في أماكن أخرى من البلاد بالإضافة إلى جانب “هيئة تحرير الشام”، أكبر جماعة إسلامية في إدلب، والتي كانت في السابق فرعا لتنظيم القاعدة في سوريا، هناك فصائل متطرفة أخرى تنشط في المحافظة الشمالية الغربية.

وكالات المخابرات الغربية في أحدث تقاريرها تعتقد أن آلاف المقاتلين الأجانب المنتمين إلى مجموعات متطرفة مختلفة ينشطون في إدلب. في حين يرى مراقبون أن الديناميكيات العسكرية المتغيرة باستمرار في إدلب يمكن أن تحدد وجود مقاتلي “داعش” داخل المنطقة. ما يطرح تساؤلا حول الهدف من تواجدهم هناك؟

ما الذي تفعله عناصر جهادية في إدلب؟

مع استمرار سيطرة “هيئة تحرير الشام” على مدينة إدلب، آخر معاقلها في سوريا. حيث يبلغ عدد سكانها أكثر من 3.5 مليون مدني، فإنها تمثل معضلة دولية. لا سيما إذا قرر الجيش السوري المدعوم من روسيا إجراء عملية واسعة النطاق للهجوم على المدينة. 

ومن المرجح جدا أن يؤدي مثل هذا الهجوم إلى كارثة إنسانية. حيث يضم عددا غير مسبوق من اللاجئين الذين من المحتمل أن يحتشدوا على الحدود التركية. مما يؤدي إلى مستوى من التدخل لا تستطيع أنقرة تحمله.

حتى اللحظة، لا تعي القيادة العسكرية وجود تنظيمات متطرفة داخل أراضيها. في حين لا يوجد تبرير مفسر ومقنع لاحتواء الهيئة لهذه التجمعات. حيث بالإضافة لتنظيم “داعش” تعتبر “حراس الدين” هي واحدة من عدة مجموعات مرتبطة بالقاعدة حافظت على وجود كبير في أجزاء من إدلب. كموطئ قدم لها في المحافظة.

ويذكر الباحث المتخصص في الشأن الإيراني، إسلام المنسي، أن تواجد مثل هذه التنظيمات في إدلب لإنها مناطق فراغ أمني. أي أنها تستغل المناطق التي يوجد فيها فراغ أمني لتنتشر خلاياها فيها حتى لو كانت حكومات الأمر الواقع أو سلطات الأمر الواقع في هذه المناطق ترفض وجود مثل هذه التنظيمات. 

وهنا يشير المحلل العسكري، العقيد مصطفى فرحات، لـ”الحل نت”، إلى أن العملية التي قامت بها القوات الأميركية الخاصة ليل الأربعاء – الخميس، في بلدة أطمة على الحدود السورية – التركية، جاءت بعد تسلل بعض العناصر الذين فروا من سجن “غويران” بالحسكة. مضيفا ” وإذا ما ربطنا الحدثين قد يكون هدف الإنزال هو ملاحقة بعض العناصر الخارجة عن السيطرة من “داعش” أو من “هيئة تحرير الشام”.

ويوضح فرحات، أن وجود عناصر من “داعش” في إدلب أو في عموم الجغرافيا السورية يخدم عدة قضايا من ضمنها النفوذ الإيراني. مبينا أن أصحاب المصلحة الحقيقية اليوم بوجود عناصر التنظيم في الشمال السوري بالنسبة للنسق القيادي الهيكلي له أو ما يسمى بالأمراء جلهم مرتبطين بمخابرات طهران.

للقراءة أو الاستماع: بالتفاصيل.. القوات الخاصة الأميركية تنفذ مهمة في شمالي سوريا

قاعدة شعبية أم خدمة للفرقاء؟

ويعتقد فرحات، أنه من غير المنطقي أو المعقول لا من الناحية العسكرية أو من غيرها من النواحي أن تستعصي بعض التنظيمات على جيوش خمس دول موجودة في سوريا وكلها ترفع شعار محاربة الإرهاب. ولكن بقاء هذه التنظيمات أو أجزاء منها تخدم مصالح الفرقاء الموجودين على الأرض في شمال غربي سوريا. 

ويرى المحلل العسكري، أن وجود عناصر من “داعش” يعطي المبرر للحكومة السورية والإيرانيين والروس بمزيد من القتل عبر اجتياحات في مناطق محدودة ويخدم أجنداتهم في الجغرافيا السورية. 

وحول وجود فئة متعاطفة مع عناصر التنظيم في مناطق إدلب، يقول فرحات، إنه ربما يوجد على نطاق ضيق نتيجة الضغط ويأس الناس من وصول الأمور إلى مستويات جدا سيئة عبر تخلي المجتمع الدولي عن مطالب الشعب السوري. بالإضافة إلى وجود بعض الشبان العاطلين عن العمل. واحتياجهم إلى المال فيمكن أن يتم توزيف مثل هؤلاء لمصلحة تواجد التنظيم في إدلب أو غيرها.

والجدير ذكره، أن تحقيقا لصحيفة “الغارديان” البريطانية، كشف أن العديد من عناصر “داعش” وعوائلهم يتجهون إلى محافظة إدلب. كخيار الآخر هو الانضمام إلى خلايا التنظيم النائمة في المنطقة. حيث تمكنت مجموعة واحدة على الأقل من المراهقين الأويغور من القيام بذلك بعد مغادرة مخيم “الهول” بريف الحسكة.

وخلص التحقيق، إلى أنه سيبقى بعض الفارين في إدلب، إما ينتظرون وقتهم حتى تنهض “الخلافة” مرة أخرى. أو للعيش مع مقاتلي “هيئة تحرير الشام” الذين يعتقدون أن بإمكانهم إصلاح عناصر التنظيم، بعد إرسال الأموال لإنقاذهن من مخيم “الهول”.

فيما ذكر، الخبير بسياسيات الشرق الأوسط، في معهد دراسات الحرب (ISW) في واشنطن،  نيكولاس هيراس، أن “تواجد داعش في إدلب يسهل حصول التنظيم على مبالغ كبيرة من المال، وهو ما يسمح له برشوة الجماعات الإسلامية السورية المحلية للالتزام بتأمين وجوده”.

للقراءة أو الاستماع: نقل جثث داعش أمام الأعين.. ما القصة؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة