تثير قضية شهادات التلقيح المزورة من وباء كورونا كثيرا من الجدل في العراق. فقد فرضت السلطات الدولية بروتوكولا خاصا بالسفر عبر مطارات العالم. يقوم على ضرورة إجراء المسافر لاختبار صحي (مسحة)، قبل ثمان وأربعين ساعة من رحلته. وإلى جانب هذا يوجد توجيه دولي بضرورة أن يحمل المسافر معه وثيقة، تثبت تلقيه جرعتين من اللقاح الخاص بفيروس كورونا على الأقل.
وبفعل تفشي فيروس كورونا في العراق، وعدم قدرة المؤسسات الصحية على إجراء المسحات الكافية للعدد الكبير من المسافرين من العراق، اعتمدت وزارة الصحة العراقية على المختبرات الأهلية في إجراء المسحات. وهذا ما تسبب بخرق الأنظمة الدولية الخاصة بالسفر، من خلال المسحات وشهادات التلقيح المزورة مقابل مبالغ مالية.

المصابون يسافرون حيث يشاؤون

لم تمنع الإصابة بفايروس كورونا محمد علي من السفر إلى الأردن. على الرغم من كونه أجرى مسحة قبل موعد الرحلة بيوم واحد، أظهرت أنه مصاب بالفيروس. إلا أنه استطاع أن يزوّر مسحة أخرى من مختبر أهلي، مقابل خمسين دولارا، وبهذا لم يفوّت الرحلة عليه.
علي يقول لموقع “الحل نت” إن “صديقه، الذي يعمل في المجال الطبي، اقترح عليه الاتصال بأحد المختبرات، أو الذهاب إلى المختبر بنفسه، بغية الحصول على مسحة سالبة، لكي يتمكن من السفر”.
وأضاف: “بالرغم من إصابتي إلا أني استطعت السفر إلى الاردن بورقة وهمية. كانت شرطا أساسيا للصعود إلى الطائرة”.  
ولكن السفر لم يعد مشروطا مؤخرا بورقة المسحة فقط. بل بالشهادة الدولية للقاح أيضا. ومسألة شهادات التلقيح المزورة، وكيفية استخراجها في العراق، باتت أمرا معروفا لكثيرين. وهكذا يمكن للمصاب أن ينقل العدوى لجميع المتواجدين في الطائرة. لاسيما أن إجراءات الالتزام بالكمامة أثناء الرحلات الجوية غير صارمة. إذ يقوم كثيرون عند إقلاع الطائرة بخلعها، رغم وجوب ارتدائها على أرض المطار وأثناء الرحلة.
وعلى الرغم من تسريع وزارة الصحة العراقية لإجراءاتها في إصدار الشهادات الدولية للقاح، إلا أن كثيرين من رافضي أخذ اللقاحات الخاصة بكورونا يقومون بشراء شهادات تلقيح مزورة، ليصبح بإمكانهم السفر. ويصل سعر إصدار الشهادة الوهمية إلى مئتين وخمسين دولارا. بينما سعر الشهادة الحقيقية لا يتجاوز خمسة وعشرين دولارا.  

“لا يمكن التمييز بين شهادة التلقيح الحقيقية والمزورة”

(س، ع) يقول لموقع “الحل نت” إنه “اشترى واحدة من شهادات التلقيح المزورة، بعد دفعه مبلغ مئتين وخمسين دولار لموظف يعمل في وزارة الصحة العراقية، تكفّل بكافة الإجراءات، وأوصل له الشهادة بعد يومين من دفع المبلغ”.
ويتابع أن “الشهادة المزورة لا يمكن تمييزها عن الحقيقية، لكونها مصدّقة بالأختام الرسمية لوزارة الصحة العراقية”. مبينا أن “إقدامه على هذه الخطوة جاء بعد تخوفه من أخذ اللقاح”.
ويؤكد (س، ع)، الذي رفض الكشف عن اسمه الكامل، إنه “تمكن من السفر إلى أربع دول بتلك الشهادة. ولم تتمكن السلطات الدولية من التعرف على التزوير”.

“توجد كثير من المسحات الوهمية ولكن لا شهادات تلقيح مزورة”

سيف البدر، المتحدث باسم وزارة الصحة العراقية، لا ينفي انتشار المسحات الوهمية، خصوصا من المختبرات الأهلية. لكنه شكك بالادعاءات الخاصة بشهادات التلقيح المزورة، ونفى رصد أي حالة من هذا القبيل.
البدر أكد، خلال حديثه لموقع “الحل نت”، أن “وزارة الصحة العراقية رصدت عددا من المسحات الوهمية، التي تجريها المختبرات الأهلية على المسافرين. وأصدرت توجيهات صارمة لمعاقبة المسؤولين عنها. وهم الآن يواجهون القضاء العراقي بتهمة التزوير”.
البدر أشار أيضاً إلى أن “ثبوت وجود مسحات وهمية للمسافرين سيُلزمنا على الفور بتشكيل لجنة تحقيقية، من دائرة التفتيش والجهات الأمنية المختصة، لإجراء اللازم. وفي هذا الإطار قمنا بمتابعة بعض الحالات البسيطة المشابهة”.
وعن عدد حالات التزوير المرصودة في المطارات يوضح البدر أن “هذا الأمر مناط بالأجهزة الأمنية. أما دور وزارة الصحة العراقية في هذا الجانب فيقتصر على المتابعة وبيان الموقف”.
ويمضي بالقول إن “الوزارة لم ترصد حتى الآن أي حالات تحمل شهادات تلقيح مزورة. لكنها تحقق في هذا الجانب. ولن تتهاون مع من تسول له نفسه فعل هذا”.

مقالات قد تهمك: تطور وبائي “خطير” في العراق جراء “كورونا”

من جهته وجه مجلس الوزراء العراقي، بطلب من وزارة الصحة، بـ”تشديد الإجراءات الأمنية والصحية في المطارات، والتدقيق في  المسحات وشهادات التلقيح الخاصة بالمسافرين المغادرين والوافدين. ومحاسبة من يثبت تقصيره أو تواطؤه بإصدار مسحات أو شهادات تلقيح مزورة. لأن هذا الأمر يهدد الأمن الصحي وسمعة البلد”. بحسب بيان رسمي، صادر عن المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء العراقي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.