بعد حملات الاستنكار الواسعة التي شهدتها مواقع التواصل الاجتماعي، تعليقا على عمليات ترميم معبد “عمريت” الأثري في محافظ طرطوس، خرجت مديرية الآثار في المحافظة لتبرر تشويه الآثار بالأوضاع الأمنية التي تشهدها البلاد.

وسائل بدائية في الترميم

من جهته اعتبر مدير آثار طرطوس مروان حسن، أن الأوضاع الأمنية التي تشهدها البلاد منذ سنوات، هي السبب وراء تشويه المواقع الأثرية، واللجوء إلى الوسائل البدائية في ترميم تلك المواقع.

وحول عملية ترميم المعبد أوضح حسن في تصريحات نقلها موقع “أثر برس” المحلي: “يعد موقع عمريت واحداً من أهم المواقع الأثرية في الساحل السوري، ويعود تاريخه إلى حوالي القرن الخامس قبل الميلاد، وقد تم نحته ضمن كتلة صخرية رملية في تلك الفترة“.

للقراءة أو الاستماع: اهتمام روسي بالسيطرة على الآثار السورية.. ما حقيقة المطامع؟

وأضاف: “في عام 2014 وبعد تعرض هيكل وجدران المعبد الأثرية للتآكل في بعض الأماكن نتيجة الظروف الجوية والمناخية عبر الزمن في الساحل السوري، وبسبب الحالة الأمنية التي تعرّض لها البلد، والتي تسببت بتوقف عمل البعثات الأثرية كافة، تم التدخل المباشر من قبل المديرية العامة للآثار والمتاحف بشكل إسعافي لمنع انهيار أجزاء من هيكل المعبد، حيث استُخدمت المونة الرابطة التقليدية مع مادة القرميد كونها لا تؤثر على الحجر الأساسي للمعبد، وذلك لحين إعداد الدراسة الفنية المتخصصة ضمن مشروع ترميم متكامل للمعبد بمجمله”.

وأوضح حسن أن المتحف شهد أعمال ترميم في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، مشيرا إلى أنه: “ومن ضمن المواد المستخدمة، وفقا للمفهوم السائد والمعتمد في تلك الفترة هي مادة الإسمنت“.

وأكد أن المعبد سيشهد أعمال ترميم باستخدام المواد المناسبة، خلال شهر أيلول /سبتمبر القادم، وذلك وفق اتفاق جرى بين المديرية العامة للآثار والمتاحف مع جهات ذات خبرة في إيطاليا.

وكان رواد في مواقع التواصل الاجتماعي المهتمون بالآثار، تداولوا قبل أيام صورا لمعبد عمريت القديم في طرطوس، والذي أعيد بناؤه بالإسمنت والطوب الأحمر.

وتكشف الصور المتداولة، عن مجموعة متنوعة من الأشكال والألوان على الجدار الأثري القديم، الذي يعود تاريخه إلى أكثر من 3000 عام، وهو أحد أهم المواقع الأثرية والمعمارية في سوريا والعالم.

كما تكشف الصور، إصلاح الرتق بالطوب الأحمر من الخارج، ما يدل على أن الشخص الذي أنهى الإصلاح كان مبتدئا أو هاو في عالم الخرسانة السوري.

اقرأ المزيد: بحجّةِ ترميم آثار تدمر.. روسيا تسعى للسَّيطرة على مناجمِ الفوسفات وحقول الغاز في سوريا

ما هو موقع عمريت الأثري؟

عمريت هو موقع فينيقي قديم يقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط ​​في سوريا. فبعد أن استقر الفينيقيون في جزيرة أرواد، على بعد مسافة قصيرة من الشاطئ، أنشأ الفينيقيون بعد ذلك عددا من المستوطنات في المناطق المحاذية للبحر.

وبدأت أعمال التنقيب في الموقع بشكل أساسي في عام 1860. وتم إجراء الحفريات مرة أخرى في عام 1954 من قبل عالم الآثار الفرنسي موريس دوناند. وتشير المكتشفات الخزفية في عمريت إلى أن الموقع كان مأهولا بالسكان منذ الألفية الثالثة قبل الميلاد.

كما تم التنقيب عن “مقابر صوامع” من العصر البرونزي الأوسط والمتأخر، وتتراوح محتوياتها من أسلحة إلى بقايا بشرية أصلية. وأسفرت الحفريات في المقبرة جنوب المدينة عن العديد من هياكل المقابر. ويعتبر الفن الجنائزي الموجود في بعض المقابر ذات الأبراج الهرمية أو المكعبة من “أهم المعالم الأثرية في العالم الفينيقي“. 

وكشفت الحفريات أيضا، عن ميناء المدينة القديم. وملعب على شكل حرف U يعود تاريخه إلى القرنين الرابع والثالث قبل الميلاد ويبلغ طوله حوالي 230 مترا.

وأُدرجت عمريت في قوائم مراقبة الصندوق العالمي للآثار لعامي 2004 و2006 للمواقع الأثرية المهددة بالانقراض. ولفت الصندوق الانتباه إلى التدهور السريع للموقع بسبب التخريب والتعدي على التنمية. ففي عام 2006 تم تنظيم ورشة عمل لمدة ثلاثة أيام بمشاركة من منظمة اليونسكو والمديرية العامة للآثار والمتاحف السورية والإداريين المحليين المسؤولين عن مواقع عمريت وطرطوس وأرواد.

اقرأ أيضا: استرجاع آثار تدمر من سويسرا.. “الحل نت” يكشف طريق تهريب الآثار إلى أوروبا

طريق تهريب الآثار من تدمر إلى سويسرا

خلال الأعوام السابقة نشط تهريب الآثار في سوريا إلى أوروبا ودول أخرى والاتجار بها، وتم استغلالها من قبل كافة أطراف الصراع في البلاد. ولكن تدمر كانت علامة فارقة، لا سيما بعد سيطرة تنظيم “داعش” عليها.

في ديسمبر/ كانون الأول 2014، وصف المدير التنفيذي في منظمة الجمارك العالمية (WCO) غاوزانغ شو، خلال مؤتمر دولي في باريس، خصص للنقاش حول “التراث والتنوع الثقافي معرضان للخطر في العراق وسوريا” عام 2014، أنّ نهب الممتلكات الثقافية هو واحد من أقدم أشكال الجريمة المنظمة عبر الحدود وأصبح اليوم ظاهرة منتشرة في العالم أجمع.

والجدير ذكره، أنّه لا تقديرات رسمية لحجم الآثار التي تم تهريبها ونهبها من سوريا على مدار السنوات الأخيرة. أو تلك التي عبر بها مهربون ووسطاء وتجار الحدود

وترجح تقديرات منظمة “يونيسكو“‏ الدولية، أنّ حجم تجارة الآثار في سوريا بلغ نحو 15 مليار دولار أميركي.

اقرأ أيضا: نهب وتخريب الإرث الحضاري السوري: هل أصبحت تركيا الوسيط الأساسي لتجارة الآثار السورية حول العالم؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.