تعاني سوريا من أزمة قمح، خاصة خلال السنوات الماضية، نتيجة الحرب المستمرة منذ عشر سنوات، والجفاف الذي ضرب البلاد مؤخرا.

حيث بعد انخفاض هطول الأمطار، أظهرت التقديرات الأولية أن محصول القمح في سوريا في خطر. ويبدو أن الحرب والجفاف ليست فقط نتيجة هذه الأزمة وارتفاع الأسعار خاصة مادة “الخبز”، حيث الفساد والمحسوبية يأكلان المؤسسات الحكومية ويغطيهما كبار المسؤولين.

وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك يهرب القمح!

كتب الناشط السوري، غسان جديد، أمس الجمعة، منشورا عبر صفحته الشخصية على منصة “الفيسبوك”، يقول فيه أن الأجهزة الأمنية الحكومية ضبطت سيارات أقماح (مدعومة) متجهة من محافظة درعا إلى المطاحن الخاصة بحلب لصالح تاجر يدعى “الركاض” استخدم وثائق بتوقيع مدير عام الحبوب غير الشرعي بموجب القانون ويقول إن ذلك يحدث بمعرفة وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، عمرو سالم، “الصديق الشخصي” له.

وأضاف الناشط عبر صفحته، “وبموجب القانون رقم 8 يجب تغريم التاجر بثلاث أضعاف سعرها وسبعة سنوات سجن وهذا التاجر يدعى “الركاض”، وفي حال تم التوسع بالتحقيق سيعود لخزينة الدولة المليارات من هذه التجارة الممنوعة”.

وأشار بقوله إلى أن “هناك يد خفية في هذه العملية وهو الوزير الحكومي عمرو سالم، وأن الفساد في هذا البلد يحدث بمليارات الليرات السورية دون مساءلة من الجهات المسؤولة، فيما الوزير نفسه يلاحق المواطنين على رغيف الخبز”.

من جهته، برر الوزير السوري عمرو سالم، هذا الاتهام عبر صفحته الشخصية على منصة “فيسبوك” ، قائلا: “كل ما ورد في هذا المقال الذي بني على معلومات كاذبة ومضللة وراءها متقاعد سبق له أن عوقب عدة مرات وفق تقارير تفتيشية، وموظف أخفى تقريرا من الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش يدينه ويعاقبه على التلاعب بمقايضة الأقماح، وسمسار يجوب أروقة الوزارة يهدد هذا ويعد ذاك بمناصب وكل ما يريده تحقيق عمولات .

وتابع في منشوره، إن عقد التاجر “الركاض” هو عقد نظامي سبق أن حصل على توصية اللجنة الاقتصادية وموافقة مجلس الوزراء قبل تسلم الوزير الحالي (أنا) والسيد المدير العام الحالي، وهو يتابع تنفيذه لشراء أقماح من مناطق تقع خارج سيطرة الحكومة.

أزمة الخبز لن تنتهي

وقد كشف عمرو سالم، قبل أيام لوسائل الإعلام المحلية، أن الوزارة باتت جاهزة للبدء بعملية توطين الخبز في محافظة دمشق، وأن العملية سيتم البدء فيها بهدوء بحيث لا يكون هناك أي ضغط على المواطنين. إلا أن أزمة الخبز لاتزال من أكبر العوائق التي تواجه حياة المواطنين اليومية.

وذكرت صحيفة “الوطن” المحلية في تقرير لها، أن سعر ربطة الخبز ارتفع من 1500 إلى 2000 ليرة سورية في الشوارع وأمام المخابز، وأنه يوجد استغلال من قبل بعض ضعاف النفوس جراء قرار الحكومة الأخير برفع الدعم عن شريحة واسعة عن السوريين.

لكن وبحسب مصادر محلية خاصة من داخل دمشق قد صرحوا في تقرير سابق لـ “الحل نت”، فإن “الكميات المخصصة للمواطنين والتي بدورها يجب أن تصل إلى المعتمدين، لكن الحكومة لا تقوم إلا بتأمين جزءا منها فقط، لذا فيقوم صاحب“ البقالة ”إلى شراء الخبز بالسعر غير المدعوم، وبيعها للزبون بسعر إضافي، وهذا حقه حقيقة، كونه باب رزق وليس من القطاع الحكومي”.

وأشارت المصادر ذاتها، يضطر الكثير من الناس لشراء الخبز من السوق السوداء، فمن ناحية لا يتوفر الخبز في المراكز المخصصة أو من المخابز، ومن جانب آخر لا يزال الوقوف لساعات طويلة في طوابير الخبز مشكلة قائمة”.

ويشتكي المواطنون من قرارات الحكومة غير المدروسة، والتي تؤدي إلى تفاقم الأزمات بدلا من حلها، خاصة وأن الحكومة لا تملك القدرة على تنفيذ مثل هذه القرارات، في ظل الوضع الصعب الذي تمر به موازنة الدولة كما تزعم دائما.

ويبدو أن المعضلة الأساسية تكمن في تأمين مصدر الخبز الرئيسي وليس شيء آخر، وبالتالي يمكن القول إن الحكومة هي التي تسببت في أزمات فساد واستغلال التجار وغيرهم من خلال التحكم بالخبز ورفع سعره.

دون أن تتخذ الحكومة الإجراءات اللازمة والفورية لحل هذه الأزمة، وهناك ترقب لارتفاع جديد خلال الأيام المقبلة، بحسب المؤشرات والمعطيات الموجودة، خاصة وبعد الغزو الروسي على أوكرانيا، حيث تستورد سوريا بشكل أساسي مادة “القمح” منهما.

حيث قال الخليل في لقاء صحفي، الأمس، الجمعة، إن اقتصاد سوريا ليس بمنأى عن تأثير الأزمات العالمية، مشيرا إلى أن دمشق تخفف من حدتها لإدارة الأوضاع الاقتصادية في ظل تطورات الوضع في أوكرانيا، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الرسمية “سانا“.

وأوضح أن الحكومة تستورد من القمح شهريا بالعملة الصعبة أكثر من 180 ألف طن، بينما يكلف استيراد النفط سنويا أكثر من مليارين ونصف المليار يورو.

كما ونشرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة “الفاو”، تقريرها الخاص عن مهمة تقييم المحاصيل التي قدّرت فيه إنتاج سوريا من القمح في عام 2021 بنحو 1.05 مليون طن. وهو عجز يقل قليلا عن مليوني طن، بناء على الاحتياجات المتوقعة للبلاد. أي بمتوسط ​​قدره 4.1 مليون طن، في السنوات التي سبقت اندلاع الصراع في عام 2011.

قد يهمك: قفزة أسعار مرتقبة للشاورما والفروج في سوريا

أزمات متتالية دون حلول حكومية

لاتزال الحكومة تتوعد بضبط الأسعار وتأمين مستلزمات منتجي المواد الغذائية في الأسواق السورية، إلا أنها اعترفت مؤخرا بوجود شح في المواد الأساسية في الأسواق حاليا، وبالتالي الأسعار في ارتفاع مستمر.

حيث صرح وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، عمرو سالم، ارتفاع أسعار عدد من المواد الأساسية، بوجود “شح في 33 مادة أساسية” بالأسواق، موضحا أن جزءا منها يتم استيراده.

وقال سالم، في حديث إلى صحيفة “الوطن” المحلية، الأربعاء الفائت، إن ارتفاع الأسعار لا يشمل جميع المواد، مشيرا إلى أن بعض التجار يرفعون الأسعار من تلقاء أنفسهم خلال الفترة الحالية.

وشهدت الأسواق السورية “قفزة” في أسعار لحم الدجاج والوجبات السريعة، وأبرزها الشاورما وذلك في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج وعدم تأمين الحكومة المستلزمات الأساسية للمطاعم.

بدوره اعترف وزير التجارة الداخلية، بأن الأسعار الرسمية للفروج والشاورما الصادرة عن الوزارة حاليا تعتبر أقل من التكاليف، ما يستلزم رفع الأسعار.

قد يهمك: عائلات سوريّة عاجزة عن شراء الخبز

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.