مع غرق سوريا في أزمة اقتصادية غير مسبوقة، يقوم العديد من الأطباء بتعبئة حقائبهم بشكل متزايد والمغادرة إلى الخليج أو أوروبا، إلا أن ما يلفت الأنظار مؤخرا بأن العديد من الأطباء السوريين حزموا حقائبهم نحو بلدان إفريقية وجنوب الجزيرة العربية والتي تعد من المناطق التي تشهد تصدعا اقتصاديا كبيرا فضلا عن أزماتهم السياسية.

موريتانيا والصومال وحتى اليمن؟

نقيب أطباء ريف دمشق، خالد موسى، أكد أن نزوح الأطباء السوريين وهجرتهم أمر واقعي وصحيح، وأن دولا مثل موريتانيا والصومال والسودان واليمن، وهي في خضم حرب، تجذبهم بفرص عمل وتتراوح رواتب الأطباء هناك بين 1200 – 3000 دولار أميركي.

وأوضح موسى خلال حديثه لإذاعة “ميلودي” المحلية، أن هناك حاجة كبيرة للعمليات الطبية وجراحة العظام وأمراض النساء والتجميل، وكذلك للطبيبات، خاصة في دول الخليج، مدعيا أن العقود والأجور قد تكون خادعة في بعض الأحيان.

وأردف بالحديث، أن هناك عدة أسباب للهجرة منها الوضع الاقتصادي، لكن هذا ليس العامل الرئيسي ففرص العمل متوفرة في سوريا. مبينا أن الطبيب السوري يتلقى مساعدات من دول في جميع أنحاء العالم، للهجرة سواء بشكل قانوني أو غير قانوني، وهذا جزء من خطة قاتلة لإخراج الكوادر من البلاد، حسب وصف نقيب أطباء ريف دمشق.

واستدرك موسى حديثه، أن الهجرة مدفوعة أيضا بالرغبة في متابعة التعليم في الجامعات والمؤسسات الأوروبية.

للقراءة أو الاستماع: الأسد يكافح هجرة الأطباء بمرسوم جديد.. فهل ينجح؟

اختصاصات بلا أطباء

وفي السياق ذاته، ذكر موسى، أن العديد من الأطباء استفادوا من قرار معالجة الخدمة الإلزامية للطبيب، والذي نص على خدمة الطبيب سنة ونصف وفي المنطقة التي يرغب بها دون أن يخدم احتياط.

وكشف بأن مناطق دمشق وريفها تعاني من النقص في قطاعات معينة، و بأن هذا النقص كان موجودا قبل عام 2011 باختصاصات التخدير وجراحة الأوعية والصدرية الداخلية، ومع الحرب قل عدد الأطباء في هذه الاختصاصات.

وتابع موسى، “النقابة في ريف دمشق مسجل فيها 2850 طبيب، 50 بالمئة منهم طب عام والباقي أخصائيين، وأطباء التخدير المسجلين بالنقابة 12-13 فقط، ونفتقد لاختصاص الأوعية، والصدرية”.

للقراءة أو الاستماع: بسبب “الطهور” طفل يفقد عضوه الذكري والطبيب يتهرب من المسؤولية

الهجرة مستمرة رغم مرسوم الأسد

الطبيب، عبد الرحمن حاج هشام، أكد خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن هجرة الأطباء من سوريا مستمرة حتى اليوم، وأن أي طبيب يجد فرصة وعقد عمل يسافر على الفور، لا سيما بعد انهيار الوضع الاقتصادي للأطباء من جهة، وللمواطنين من جهة أخرى.

وبيّن حاج هشام، أن الضائقة المالية انعكست على الأطباء، قائلا، “الطبيب خلال عمله لا يستطيع أخذ كشفية من مواطن لا يملك ثمن ربطة خبز، كما أن الطبيب حاليا في سوريا لا يستطيع جلب أجهزة طبية حديثة بسبب الوضع الاقتصادي، وغلاء ثمنها الذي لا يتوفر حاليا مع الطبيب”.

وكان الرئيس السوري، بشار الأسد، وقع في منتصف كانون الثاني/يناير الفائت، مرسوما تشريعيا هو الأول في عام 2022، لتعويض العاملين في مستشفيات السرطان الحكومية عن طبيعة عملهم على أساس راتب شهري مقطوع في موعد أداء العمل. في حين رأى مراقبون أن التحرك الجديد للأسد هو لمنع الأطباء من الهجرة. بعد أن شهدت المستشفيات السورية عجزا في الكوادر الطبية خلال الفترة الماضية.

للقراءة أو الاستماع: زيارة الطبيب محرمة على فقراء سوريا.. والوصفات الشعبية تغزو الأسواق

لا مازوت في المستشفيات السورية

وزير التعليم العالي والبحث العلمي، بسام إبراهيم، أشار حينها، إلى أن القرار شمل العاملين في المشافي العامة المختصة بالأورام، الذين يتعرضون لمخاطر أثناء قيامهم بواجباتهم، وكذلك تشجيعا لدخول هذه التخصصات الطبية وتعويضها.

من جهته، أوضح وزير الصحة السوري، حسن الغباش، أن القرار راعى ظروف وطبيعة العاملين في هذه التخصصات. مشيرا إلى أنه سيساهم مع مرور الوقت في توطين الكوادر الصحية وتحسين جودة الخدمة المقدمة. فضلا عن استمرارية إمداد تخصص علاج الأورام بكوادر جديدة بما يحسن من عمل القطاع الصحي.

الجدير ذكره، أن سوريا بحاجة إلى دعم طارئ وتنموي لمعالجة نقص الأدوية والوقود والمشاكل الهيكلية مثل هجرة المهنيين الطبيين. في حين أن هجرة الأدمغة تحرم البلاد، التي كانت ذات يوم مركزا طبيا في المنطقة، من الموارد البشرية الأساسية.

كما وصلت المستشفيات إلى نقطة الانهيار في البلاد. وبالكاد تستطيع تأمين وقود المازوت للحفاظ على المولدات والآلات المنقذة للحياة لتعمل يوما بعد يوم. وفي الوقت الذي تكافح فيه هذه المؤسسات لم تسجل الحكومة التي تعاني من ضائقة مالية أي محاولات من أجل استيراد المواد الأساسية.

للقراءة أو الاستماع: طبيب موالي يقارن معيشة السوريين بحياة الكلاب الفرنسية

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.