كانت الحكومة السورية قد أصدرت “البطاقة الذكية” قبل نحو عامين للعائلات في سوريا ولبعض القطاعات الخدمية العامة والخاصة، لتوفير بعض المواد الخدمية والغذائية بسعر حكومي مدعم.

الأمر الذي أثار جدلا كبيرا و وجهت انتقادات واسعة للحكومة السورية، حيث اعتبر هذا الاجراء من جهة  تعبير عن عجز الحكومة  توفير مستلزمات الحياة، ومن جهة أخرى دليل على تأزم اقتصاد البلاد بشكل كبير، فضلا عن إرهاق المواطنين بمثل هكذا أساليب للحصول على الاحتياجات اليومية.

وبدأت الحكومة اليوم بالحديث عن إصدار “بطاقة ذكية” للأفراد غير المتزوجين (العازبين) في سوريا الذين يعيشون في منازل منفصلة عن عائلاتهم.

وتدعي الحكومة أن مشروع “البطاقة الذكية” الخاص بها يهدف إلى أتمتة توزيع المشتقات النفطية وغيرها من المواد والخدمات على العائلات، من أجل منع تهريب هذه المواد والاتجار بها، مع العلم أن الفساد والاتجار بهذه المواد بات يحدث أكثر من قبل إصدار ما يسمى “البطاقة الذكية”.

بطاقة ذكية خاصة للعازبين

قالت مصادر في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في محافظة دمشق لصحيفة “البعث“، المحلية، “أن الحكومة تعمل حاليا على منح بطاقات إلكترونية للأعزب للحصول على مخصصاته التموينية، وأن هناك تعليمات واضحة لجهة تخصيص نسبة 1 بالمئة للأفران لبيع الخبز للأعزب.

وبين شادي سكرية، عضو المكتب التنفيذي لمحافظة دمشق للصحيفة المحلية، “أن العازبين والطلاب سيأخذون مادة الخبز وفق التعليمات الوزارية من المخابز العامة بموجب موافقات ورقية تثبت أنه يسكن لوحده بعيدا عن الأهل، على أن يتم تحويل تلك الموافقات لبطاقات فردية مخصصة تشمل مادة الخبز ومواد غذائية مقننة”.

ومن ثم سيتم لاحقا دراسة بطاقاتهم وتحديد من يستحق الدعم من عدمه، وأن مخصصات الطلاب ستكون حكما مدعومة، وفق سكرية لـ “البعث” المحلية.

ولم يبيّن عضو المكتب التنفيذي لمحافظة دمشق، حول شروط مخصصات العازب، في الحصول على المواد الخدمية من الغاز والمازوت، حيث قال أنهم لم يتلقوا أي رد أو معلومات من وزارة النفط السورية، حول كيفية حصول العازب على أسطوانة الغاز والمخصص من مازوت التدفئة، وأشار إلى أنهم حاولوا عدة مرات في التواصل مع المعنيين في الوزارة لمعرفة إن كان هناك ما يُعمل عليه في موضوع تحديد مخصصات للعازب.

يُذكر أن العازب الذي يعيش بمفرده في منزل من دون ذويه، ، قد تم إغفاله بطريقة ما من البطاقة الإلكترونية التي منحتها الحكومة للعائلات قبل حوالي عامين.

وتخصص الحكومة كمية محددة لبعض المواد مثل الوقود ومادة التدفئة (المازوت) ومواد غذائية مثل السكر والأرز والشاي بالسعر المدعوم لحاملي البطاقات الذكية. أما في حال احتاج المواطن للمزيد من هذه المواد، فبمقدوره شراؤه بسعر التكلفة الحر من السوق السوداء، والذي يبلغ قيمته لضعف السعر المدعم.

قد يهمك: هذه هي المعايير الجديدة لسحب “البطاقة الذكية” من السوريين

استغلال ومعاناة مضاعفة!

وبحسب مصادر إعلامية محلية، فإن العازب الذي يريد تبديل أسطوانة الغاز عليه مراجعة “مركز الجمارك” في مركز العاصمة دمشق للحصول على الأسطوانة وبسعر 33 ألف ليرة سورية، وقد قال أحد المعتمدين في مركز بيع “الغاز”، أن ذلك بموجب قرار صدر عن مديريات المحروقات الحكومية، حيث مسألة توزيع أسطوانات الغاز لـ “العازب”، بالتبديل من مركز في منطقة “الجمارك” حصرا.

إذا على العازب أن يقضي يوما كاملا للحصول على الأسطوانة، واجتياز مسافة طويلة ليتمكن من استبدال جرة الغاز، في ظل أزمة المواصلات وارتفاع أسعار المحروقات، وبذلك سيكلفه العملية تكاليف إضافية.

أما الأسطوانة بالسعر الحر في السوق السوداء، فإن تكلفتها تقدر بنحو 50 ألف ليرة سورية، وهذا ما يسبب أعباء إضافية على المواطنين، خاصة وأن الأوضاع المعيشية سيئة لمعظم السوريين.

وبحسب شادي اليوسف،  من محافظة الحسكة، والمقيم في دمشق بهدف التخصص الدراسي في مجال الطب في أحد المستشفيات في المدينة، يقول أنه عادة ما يشتري أسطوانة الغاز من السوق السوداء، ويعيش هو وصديق له في منزل استأجروه، وراتبه لا يكفيه لشراء جرة غاز وبعض المواد الخفيفة الأخرى.

وتابع اليوسف، في حديثه لـ “الحل نت”، أنه يقف لساعات طويلة في طوابير أمام الأفران في سبيل الحصول على “ربطة خبز”، وغالبا ما يضطر للشراء من البائعين الواقفين أمام الفرن ولكن بسعر أغلى، لأنه ليس لديه الوقت الكافي للوقوف كل هذه الساعات، من دوامه في المستشفى إلى التزامات أخرى.

طلاب الجامعات

تزعم الجهات الحكومية أن الخبز ومواد أخرى متوفرة في “السكن الجامعي” في الجامعات السورية، إلا أن الطلاب يعانون على عدة مستويات، جراء الأزمات المتراكمة في البلاد.

حيث يعاني طلاب السكن الجامعي من عدة صعوبات ومشاكل، مثل انقطاع الكهرباء، ونقص المياه في الغرف السكنية، فضلا عن غياب المياه الساخنة والتدفئة المركزية في فصل الشتاء، واكتظاظ الطلاب في غرفة واحدة، إلا أن الضغط على الاحتياجات وقلة التركيز في الدراسة، فاقم من معاناة الطلاب مؤخرا بسبب صعوبة الحصول على الخبز، وتعبئة جرات الغاز الصغيرة الخاصة بالتنقل.

ومؤخرا، اشتكى عدد من الطلاب، من عدم قدرتهم على الحصول على الخبز، مؤكدين أن الكميات التي تصل إلى السكن تنفد بسرعة، وأن العديد من الطلاب غير قادرين من الحصول على رغيف الخبز، مشيرين في الوقت ذاته، إلى أن عدم قدرتهم على شراء الخبز من داخل الحرم الجامعي يدفعهم إلى شراء ربطة الخبز من الخارج بسعر ألفي ليرة سورية.

رغم حديث الحكومة عن إصدار بطاقة ذكية لفئة “العازب” إلا أنها لن تحسن ظروفهم المعيشية، حيث أن الكمية المخصصة لهم لا تكفيهم من جهة، والأزمة ما زالت مستمرة ولم تنته حتى بعد إصدار البطاقة الذكية منذ عامين للعائلات من جهة أخرى.

بالإضافة إلى ارتباك الحكومة في إصدار قرارات خلال هذه الأيام بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا، وارتفاع كبير في الاسعار في الأسواق منذ يومين، ويتوقع أن يتدهور الوضع الاقتصادي أكثر في الأيام المقبلة.

قد يهمك: نقص الخبز يصل إلى طلبة الجامعات السورية

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.