يبدو أن تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا ستؤثر على الاقتصاد الإيراني أيضا، خاصة وأن أوكرانيا هي المصدر الرئيسي لإيران من حيث تأمين أعلاف الدواجن والمواشي.

ويرى مراقبون اقتصاديون أن وقف تصدير هذه المواد إلى إيران سيؤدي إلى تفاقم أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء، ويبدو أنها ظهرت منذ الآن، حيث يوجد ارتفاع مستمر خلال هذه الأيام في الأسواق الإيرانية.

ركود غير مسبوق في سوق اللحوم الإيرانية

أعلن رئيس مجلس التموين في قطاع الثروة الحيوانية الإيرانية عن “ركود غير مسبوق” في سوق اللحوم الإيرانية في الأسبوع الأخير من شباط/فبراير الفائت.

وأوضح رئيس مجلس التموين، منصور بوريان، أنه “بسبب زيادة العرض وانخفاض الطلب وما ترتب على ذلك من انخفاض في أسعار اللحوم، قضى الأسبوع الأخير من شهر شباط/فبراير دون طلب وهناك ركود غير مسبوق في الأسواق الإيرانية”.

وأردف، أن الطلب على اللحوم في إيران انخفض “بشكل ملحوظ”، في حين أننا كنا “نشهد دائما زيادة في الطلب على اللحوم في الأيام الأخيرة من العام الإيراني (ينتهي 20 آذار/مارس)”، بحسب وسائل إعلام إيرانية.وأوضح، بوريان، عن سبب هذا الركود، حيث قال: “إما أنه ليس لدينا مستهلك قوي أو الأسعار لا تتناسب مع قوتهم الشرائية”. في إشارة إلى تزايد نسبة الفقر في إيران، تأتي هذه التصريحات وسط تقارير في الأسابيع الأخيرة عن ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء إلى مستويات عالية.

أسباب هذا الارتفاع

فضلا عن أنها تستورد أعلاف المواشي والدواجن من أوكرانيا، تشير المصادر الإعلامية إلى أن طهران تستورد أيضا من كييف الحبوب ومحاصيل زراعية أخرى، فضلا عن منتجات معدنية وخشبية ومعدات صناعية.كما أن أوكرانيا هي المصدّر الأول لزيوت زهرة دوار الشمس، والثاني للشعير، والثالث للقمح، وفق تصريحات مفتش نقابة مستوردي أعلاف المواشي والدواجن الإيرانية، كسرى لشكري، وفق وكالة “مهر” الإيرانية.

وقال لشكري، إن “الحرب الروسية على أوكرانيا ستفاقم مشكلة تأمين أعلاف الدواجن والمواشي لإيران، مبينا أن الحرب سترفع أسعارها في العالم ما بين 30 إلى 40 بالمئة، وحتما إيران من الدول التي ستتأثر اقتصادها جراء الغزو الروسي لأوكرانيا.وردف لشكري للوكالة الإيرانية، أن التوتر في تلك المنطقة سيضع طهران أمام “مشاكل حقيقية” في تأمين هذه المواد المستوردة.

وأشار إلى أن “احتياطات بلاده الاستراتيجية من هذه المواد ليست في وضع مريح، وبرر سبب ذلك إلى عدم تخصيص “النقد الأجنبي” لاستيراد أعلاف الدواجن والمواشي”.

وكانت إيران تخطط لزيادة التبادل التجاري الثنائي بين طهران وكييف إلى 5 مليارات دولار سنويا، حسب السفير الإيراني في كييف، منوشهر مرادي، كما أوردت وكالة “إرنا” الإيرانية، لكن الحرب الروسية على أوكرانيا حالت دون ذلك.

وشهدت أسعار العديد من السلع ارتفاعا حادا في الأشهر الأخيرة، خاصة المواد الغذائية التي يحتاجها الناس، وتشير التقارير إلى أنها لم تعد متوفرة على مائدة المواطنين.ونشرت وزارة التعاون والعمل والرعاية الاجتماعية الإيرانية لأول مرة، في وقت سابق، تقريرا رسميا عن خط الفقر في إيران.

ويفيد هذا التقرير أن معدل الفقر بلغ حوالي 32 بالمئة، في عام 2019. وهذا يعني أنه يعيش فرد واحد من كل 3 أفراد تحت خط الفقر.

وبناءً على ذلك، نجد أن أكثر من 26.000.000 فرد من إجمالي سكان إيران البالغ عددهم 84.000.000 نسمة يعيشون تحت خط الفقر. وأشار التقرير إلى أن السبب الرئيسي في زيادة خط الفقر في عام 2020 هو التضخم المرتفع في قطاعي الغذاء والإسكان، بحسب وسائل إعلام إيرانية.

قد يهمك: قصة انحياز إيران إلى روسيا بغزو أوكرانيا

ماذا عن أسعار اللحوم في سوريا

شهدت الأسواق السورية ارتفاعا في معدل الأسعار خلال هذه الفترة بشكل غير مسبوق، لا سيما المواد الغذائية والخضروات واللحوم الحمراء والبيضاء، حيث تتخبط الحكومة السورية منذ بداية الحرب الروسية على أوكرانيا، إذ قامت بعقد عدة اجتماعات لمنع تأثر الاقتصاد السوري من تداعيات هذه الحرب.

لكن رغم كل هذه الإجراءات والقرارات، بدأت تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا بالظهور في اليوم الثاني في الأسواق السورية، حيث ارتفعت الأسعار بشكل ملحوظ.

بات أسعار اللحوم في أعلى مستوياتها، فكل يوم يطرأ تغير على أسعارها حتى تصدرت قائمة أغلى المواد الغذائية في الأسواق السورية.

وبحسب مصادر محلية، فقد شهدت الأسواق ارتفاعا غير مسبوق في الأسعار، بعد ارتفاع أجور النقل وقيمة النفط عالميا لأكثر من 100دولار للبرميل الواحد، نتيجة الحرب الروسية لأوكرانيا، وبالتالي زيادة في أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء حيث وصل سعر كيلو لحم الهبرة الخروف إلى 44 ألف ليرة سورية، واللحم مع العضم إلى 34 ألفا. أما اللحوم البيضاء، وصل سعر كيلو الفروج الواحد إلى 9 آلاف ليرة سورية.

ويرى مراقبون اقتصاديون أن “تداعيات العقوبات الاقتصادية الدولية على روسيا، ستؤثر حتما على الاقتصاد السوري”، وعلى عدة محاور، وهذا الأمر لا يمكن أن يتحمله اقتصاد حكومة دمشق، وبالتالي ستتحمل الحكومة خلال الفترة الأولى، لكن بعد فترة قصيرة ستبدأ في رفع أسعار المشتقات النفطية أضعافا مضاعفة، وهذا التدهور لا يمكن أن يتحمله المواطنون السوريون، مما سيفاقم من الأزمة المعيشية ونسبة الفقر في البلاد.

قد يهمك: كيف سيتأثر الاقتصاد السوري من الحرب الروسية على أوكرانيا؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.