يشهد العالم منذ أواخر العام الماضي، والعام الحالي تغيرات جديدة وكلية، وعلى كل المستويات الاقتصادية والسياسية والعسكرية، كما أن الحرب الروسية على أوكرانيا أعطت دفعا كبيرا لهذه التغييرات التي يبدو أنها خارطة جديدة للعلاقات والمصالح العالمية.

ومنطقة الشرق الأوسط، والعالم العربي، ليسا بمنأى عن هذه التغيرات، والتي ستؤدي بدورها إلى تغيرالعلاقات في المنطقة تبعا للتطورات الحديثة.

وتعتبر العلاقات العربية مع كل من إسرائيل، وإيران، هي الأعقد حيث تتشابك مجموعة من القضايا، على رأسها القضية الفلسطينية التي لم يتم إيجاد أي حل لها حتى الآن مع إسرائيل، وقضية التدخلات الإيرانية في شؤون الدول العربية ودول المنطقة، والعمل على زعزعة استقرارها وهو ما بات يؤرق دول المنطقة.

وفي ظل الضعف الذي تشهده دول كانت ضمن الصف العربي الأول سابقا، كالعراق وسوريا وليبيا، فكان لا بد من أن تلعب الدول العربية الكبرى كالسعودية ومصر دورا حقيقيا في إعادة تشكيل العلاقات حسب ما تقتضيه الظروف الراهنة.

ومن هنا جاءت تصريحات ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان حول العلاقات للمملكة العربية السعودية، مع كل من إسرائيل وإيران، واحتمال حدوث تطورات جديدة في هذه العلاقات.

إسرائيل حليف محتمل للسعودية بشرط ما هو؟

قال ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في مقابلة مع مجلة “ذي أتلانتيك” الأميريكية، ” إننا لا ننظر الى إسرائيل كعدو، بل ننظر لهم كحليف محتمل في العديد من المصالح التي يمكن أن نسعى لتحقيقها معًا، لكن يجب أن تحل بعض القضايا قبل الوصول إلى ذلك”.

وجاء كلام ولي العهد، كرد على سؤال حول ما إذا كانت بلاده ستحذو حذو دول عربية أخرى أقامت خلال السنتين الماضيتين علاقات دبلوماسية مع إسرائيل.

لكن وسائل الإعلام في معظمها، وخاصة تلك المحسوبة على الإسلام السياسي، قامت باجتزاء تصريح الأمير السعودي، كونه تطرق لقضية الإخوان المسلمين، في نقطة مهمة وهي أن عددا من قادة التنظيمات المتطرفة، وعلى رأسهم بن لادن والظواهري، خرجوا من رحم الجماعة، حسب ما يقول الكاتب الصحفي درويش خليفة، لموقع “الحل نت”.

وأضاف خليفة، أن العالم ككل يشهد تحولات ترسم علاقات دولية جديدة، وهناك اليوم تحالفات واتحادات جديدة، إعادة الأنغلوساكسونية، وانتفاض الاتحاد الأوربي، وإعادة رسم سياساته التسليحية والعسكرية والسياسية.

وبناء على ذلك جاء تصريح الأمير محمد بن سلمان، بأن إسرائيل حليف محتمل، ولكن بن سلمان، حدد شرطا واضحا لذلك، وهو أن تتم تسوية القضية الفلسطينية، أي التوصل إلى حل بين الفلسطينيين والإسرائيليين ينهي كل الخلافات بينهم، حسب خليفة.

قد يهمك:هل تتحالف الرياض والدوحة ضد التطبيع مع دمشق؟

هل تستجيب إيران للدبلوماسية السعودية؟

وفي نفس المقابلة التي أجرتها مجلة “ذي أتلانتيك” الأميريكية مع ولي العهدالسعودي، محمد بن سلمان، قال الأخير، إن إيران ستبقى جارة للسعودية ولا يمكنهما “التخلص” من بعضهما بعضا، ودعا لـ”حل الأمور” بينهما، مؤكدا نية الرياض مواصلة المحادثات مع طهران.

وأضاف بن سلمان، “لقد قمنا خلال 4 أشهر بمناقشات، وسمعنا العديد من التصريحات من القادة الإيرانيين، والتي كانت محل ترحيب لدينا في المملكة العربية السعودية، وسوف نستمر في تفاصيل هذه المناقشات، وآمل أن نصل إلى موقف يكون جيدا لكلا البلدين، ويشكل مستقبلا مشرقا للسعودية وإيران”.

وحول الملف النووي الإيراني، والاتفاق النووي، قال بن سلمان، أنه يعتقد أن وجود قنابل نووية في أي بلد في العالم أمر خطير، سواء في إيران أو غيرها، وأشار إلى رغبته في عدم رؤيته امتلاك إيران لهذا السلاح، ومؤكدا رغبته أن يكون الاتفاق النووي قويا، وإلا سؤدي في النهاية إلى النتيجة غير المرغوب برؤيتها.

لكن في مقابل ذلك، يتساءل مراقبون، عن إمكانية الاستجابة الإيرانية بشكل إيجابي لما قاله ولي العهد السعودي، وهل يمكن أن يسير الطرفان في سياسة لإنهاء الخلافات بينهما.

ويرى درويش خليفة، أن هذا الأمر يعود لسلوك إيران، ومدى عودتها إلى داخل حدودها،وانسحابها من الدول العربية، التي تتواجد فيها كسوريا والعراق واليمن، كما أنها باتت تشكل مصدر قلق للخليج العربي ومصر ودول المغرب العربي التي تحاول مؤخرا التدخل في شؤونها.

فالسعودية، حسب خليفة، تطالب أن يعود الاستقرار إلى المنطقة، لأنها متأثرة أمنيا جراء القصف المتواصل من قبل الحوثيين، واستهداف المنشآت المدنية الحيوية، كمطار أبها، وشركة آرامكو، ولكن بالمقابل لن تقدم السعودية أي تنازل لإيران سوى بانسحاب هذه الميليشيات ، وعودة إيران لداخل حدودها.

أما عن جدية إيران للاستجابة لولي العهد السعودي، لتكون طرفا إيجابيا في حل أزمات المنطقة، فيعتقد خليفة، أن إيران لن تكون جادة في ذلك، فهناك في إيران خطابين، الأول خطاب دبلوماسي خارجي،وهو خطاب إصلاحي ويدعو لحل أي خلافات بالطرق الدبلوماسية، وهناك خطاب آخر يعبر عنه الحرس الثوري الإيراني، وفيلق القدس الذي يقوم بتسليح الميليشيات ودفعها لدول المنطقة، وبالتالي التأثير على أمن واستقرار المنطقة..

ولفت خليفة، إلى أنه إذا كانت إيران جادة في الذهاب مع السعودية نحو حل الأمور في المنطقة، فيجب عليهم العمل في مشروع يبدأ بسحب السلاح من الميليشيات كافة وإعادته للحكومات الشرعية، المتوافق على وجودها شعبيا.

قد يهمك:مناورة إيرانية مع السعودية.. هل يتصاعد التوتر في المنطقة؟

مع ما يجري من تغيرات على الساحة الدولية، خاصة بعد الحرب الروسية في أوكرانيا، بات كل شيء ممكنا حول تغيير العلاقات والتحالفات، لكن التجارب المختلفة أثبتت حتى الآن أن إيران لا يمكنها الالتزام بأي اتفاق أو تفاهم يمنع أو يحد من تدخلها في دول الجوار، فهذا التدخل أحد أبرز أهداف ثورتها الخمينية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة