تواصل أسعار المواد والسلع المختلفة ارتفاعها المستمر في الأسواق السورية، لاسيما حضور الأسعار غير المسبوقة للمواد الغذائية واللحوم والخضروات، حتى وصل الأمر إلى اختفاء بعض تلك المواد في العديد من المحلات في الأسواق العامة والشعبية، وسط اتهامات متبادلة بين الحكومة والتجار بالتلاعب بالأسعار واحتكار المواد.

من يستغل الأزمة الأوكرانية؟

يقول عدد من البائعين إن تجار الجملة يزعمون نقص إمدادات المواد للمحافظات بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا، فيما يتهم آخرون كبار التجار باحتكار المواد الغذائية في المستودعات بقصد رفع أسعارها خلال الفترة التي تسبق شهر رمضان القادم، مستغلين بذلك الغزو الروسي لجارتها الغربية واستثمارها من جيب المواطن السوري.

في حين الحكومة فإن لا تحرك ساكنا، سوى القيام بضبط بعض المخالفات للمحال والمستودعات التجارية الصغيرة والمتوسطة.

رئيس لجنة سوق البزورية في دمشق، محمد نذير السيد حسن، قال لصحيفة “الوطن” المحلية إن السوق يشهد حالة من الاضطراب وعدم الاستقرار نتيجة اختفاء العديد من المواد التموينية التي تمس حياة المستهلك، “ما أدى إلى ارتفاع أسعارها ارتفاعا قياسيا إن وجدت لدى أحد الباعة سواء باعة المفرق أو نصف الجملة”.

وأوضح حسن، أن “حالة من الانكماش تسيطر على السوق وأن بعض المحال تفتقد أكثر من 50 بالمئة لموادها، وأن ارتفاع الأسعار قد طال مواد لا علاقة لها بالاستيراد من أوكرانيا فالرز المتوافر في الأسواق السورية على اختلاف أنواعه مصدره من الهند ودول شرق آسيا. متسائلا، لماذا ترتفع الأسعار؟”.

وأضاف السيد حسن للصحيفة السورية، أن “المستوردين الأساسيين لهذه المادة وغيرها من المواد لا يستوردون بالقطعة بل قد يستورد التاجر عدة بواخر أو عشرات “الكونتينرات” من المادة فأين اختفت هذه المواد؟”.

ويفترض رئيس لجنة السوق، أن “المستورد تعاقد على استيراد مادة ما الآن فإن فترة وصولها تستغرق وقتا، وأن هذه المادة وصلت الآن فكل ذلك لا يبرر ارتفاع أسعارها بهذه المبالغ الخيالية فكيف وصل سعر كيلوغرام البرغل إلى 4 آلاف ليرة سورية وكيف أصبح كيلوغرام حليب “النيدو” بسعر 26 ألفا”، في إشارة إلى تلاعب التجار بالأسعار واستغلال الحرب الروسية على أوكرانيا.

واتهم المسؤول الحكومي، “أن هناك لعبة من كبار المستوردين من التجار، فليس من المعقول أن تختفي المواد من الأسواق خلال أسبوع واحد، ويتم تلبيس القصة للحرب على أوكرانيا”.

بينما يشير السيد حسن، إلى أسباب اختفاء في بعض المواد إلى تأثير الأزمة الأوكرانية على الأسواق السورية مثل “الزيوت” التي تصل نسبة الأوكراني منها إلى 65 بالمئة، وطالب الحكومة بإيجاد بدائل للمواد وذلك عبر تغيير بوصلة الاستيراد إلى دول أخرى مثل روسيا والصين والهند، لتوفير الحبوب والزيوت وغيرها من المواد الضرورية لحياة المستهلك.

بينما يقول أصحاب المحلات الصغيرة، “إن التلاعب بالأسعار عمل مزدوج، من قبل كبار التجار والمستوردين أولا، وثانيا بتواطؤ من الحكومة، لأنهم يد واحدة في إدارة اقتصاد البلاد، بحسب ما هو معروف للشعب”.

وبحسب المصادر ذاتها، فإن هذا الارتفاع عالمي ولا علاقة له بالتجار واستغلال الأزمة الأوكرانية، إضافة إلى أن الحكومة السورية وكبار تجارها هم من يستوردون المواد من الدول الأجنبية.

واتهمت المصادر نفسها الحكومة السورية والمتواطئين معها من التجار الكبار، قائلة: “إن الحكومة وكبار التجار، بعضهم مرتبطين معها بشكل غير مباشر، وبعضهم لا يستطيعون التحرك دون أخذ الضوء الأخضر من الحكومة أساسا، حيث إن الحكومة هي صاحبة القرار واليد العليا في البلاد”.

وتابعت “وبالتالي الحكومة وكبار التجار المستوردين هم من يتحكمون في توزيع المواد الغذائية وغيرها على صغار التجار في الأسواق، وارتفاع الأسعار واحتكار المواد لا يحدث من دون علم الحكومة، لذا هم من يتلاعبون بالأسعار في النهاية”، خاصة وأن تاجر نصف الجملة هو فقط حلقة بين تاجر الجملة وبائع المفرق ولا يزيد على أي بضاعة أكثر من نسبته في الربح، وأن من يخسر في هذه الحالة هو المستهلك الذي يتم تحميله فروقات الأسعار أو تبعات اختفاء المواد.

قد يهمك: مواد مفقودة بالأسواق السورية بسبب دولار الحكومة

ضبط المخالفات في الأسواق

في سياق مواز، أكد عضو المكتب التنفيذي المختص بقطاع التجارة الداخلية وحماية المستهلك في محافظة اللاذقية، علي يوسف، لصحيفة “الوطن” المحلية، وجود قلة في بعض المواد الأساسية بالسوق، في وقت تتم متابعة الإجراءات الرقابية بشكل آني على جميع الفعاليات.

وأضاف يوسف، إن “ارتفاع الأسعار عالمي وليس محليا فقط، ودوريات التموين تقوم بدورها في قمع أية مخالفة وأي ظاهرة غير صحيحة، مشددا على اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين” بحسب قوله للصحيفة المحلية.

وبدوره، أكد مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في اللاذقية أحمد زاهر لصحيفة “الوطن”، أن الإجراءات التموينية مستمرة لضبط الأسواق، ويوميا يتم تسجيل بين 50-40 ضبطا خاصا بمجال بيع المواد الغذائية والأساسية في أسواق اللاذقية.

ولفت مدير التجارة وحماية المستهلك، إلى وجود شح ببعض المواد، قائلا “إنه تمت مراسلة الوزارة لاتخاذ الإجراءات اللازمة بما يخص توفير المواد ومنها الزيت النباتي الذي وصل وسيتم توزيعه خلال اليومين المقبلين عبر “السورية للتجارة” بموجب البطاقة الذكية بالسعر المحدد بـ8200 ليرة سورية، وفق زعمه.

وأشار زاهر إلى أنه “خلال الأيام الماضية تمت مصادرة 5 أطنان زيت نخيل مجهول المصدر لدى ثلاثة مستودعات في العوينة والريجة والبصة بريف محافظة اللاذقية، لافتا إلى اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق المخالفين وفقا للمرسوم رقم 8 لعام 2021.

ورغم ادعاء المسؤولين في المؤسسات الحكومية أنهم يقومون بواجباتهم من أجل الحد من احتكار التجار وضبط الأسعار، إلا أن الأسواق تشهد ارتفاعا تدريجيا وشح في بعض المواد يوما بعد يوم.

تغيير الأسعار خلال الأيام الماضية

وبحسب  صحيفة “الوطن” المحلية، في سوق البزورية بدمشق اختفاء كل أنواع الزيوت في السوق ولم يكن هناك سوى محل واحد يبيع بالقطعة وسعر اللتر بـ12500 ليرة سورية لليتر الواحد وقطعة واحدة للمستهلك فيما بلغ سعر اللتر عند بعض محال المفرق خارج السوق 14 ألف ليرة وبلغ سعر “التنكة” من زيت الزيتون وزنه 16 كغ 222 ألف ليرة، وكيس الرز وزنه 20 كغ ارتفع سعره من 60 ألفا قبل عشرة أيام ليصل إلى 145 ألفا فيما وصل سعر الكيس وزنه 40 كغ 270 ألفا وبلغ كيس البرغل وزنه 10 كغ وسعر 36 ألفا.

وتراوح سعر “تنكة” السمنة وزنه 16 كغ بين 195 ألفا و265 ألفا وذلك حسب نوعها وكان سعر السمنة البالغ 195 ألفا قبل أسبوع 140 ألفا أي زيادة  وقدرها 55 ألف ليرة.

وبلغ سعر حليب الأطفال وزن 900 غرام 26 ألفا، على حين بلغ سعر الكيس زنة 700 غرام 21 ألفا واستقر صحن البيض عند 11 ألفا والفول عند 2800 ليرة سورية للكيلو غرام الواحد وكيس السكر زنة 50 كغ عند 130 ألفا.

ويتوقع الخبراء أنه بعد فترة ليست ببعيدة ستبدأ الحكومة السورية في رفع أسعار المشتقات النفطية أضعافا مضاعفة، وبالتالي سيؤثر على الحياة اليومية عموما، ويتضاعف الأسعار أكثر في الأيام القادمة وخاصة خلال شهر رمضان.

قد يهمك: سوريا.. أسعار الذهب والمواد الغذائية ترتفع لأعلى سعر

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.