شكلت حالة الارتفاع المتسارع للأسعار وفقدان المواد بالأسواق السورية دون وجود الخطط الإسعافية للتموين، انقسام بين التجار والدوائر الحكومية في دمشق التي رأت بأن الحل هو فتح باب الاستيراد من دون سؤال المستورد عن مصدر القطع الأجنبي.

الحل بتغيير سياسة الحكومة؟

المتجول في الأسواق المحلية، بات يلاحظ أنه من الصعب الحصول على معظم المواد التي يحتاجها في المتاجر، خاصة المواد الأساسية مثل السكر أو الزيت، والتي ترتفع أسعارها يوميا بالإضافة إلى زيادة تكاليف المواد الأخرى مثل المنظفات والأنسجة والمحارم وفوط الأطفال التي شهدت أسعارها تغيرات وارتفاعات متتالية حتى في اليوم نفسه.

https://twitter.com/AsSafeerNews/status/1307596568527339520?s=20&t=en6kYpRSvja0MVH-hbYbCg

الأستاذ بكلية الاقتصاد بجامعة دمشق، علي كنعان، قال في تصريح لصحيفة “الوطن” المحلية، إن الارتفاع اليومي والمتسارع لأسعار المواد في السوق، يعود السبب الرئيسي فيها لاحتكارها من قبل بعض التجار واستغلال بعض التجار للتطورات في الأزمة الأوكرانية التي أدت إلى رفع الأسعار، مشيرا إلى أن ارتفاعها الحالي غير مبرر.

وذكر كنعان، أن الحكومة السورية دعت تجارا من مختلف أنحاء البلاد لمناقشة قضية ارتفاع الأسعار. مبينا  أن التطورات في الأزمة الأوكرانية كان لها تأثير على العالم بأسره وليس فقط في سوريا. كما أضاف أن زيادة سوء الأوضاع بالبلاد كان بعد أن أوقفت الحكومة استيراد بعض المواد من أوكرانيا.

وأوضح الاقتصادي، أن الحل هو ضبط الأسعار وخفضها. فمن المحتمل أن يساهم استيراد المواد التي كان يتم استيرادها سابقا من أوكرانيا من دول أخرى بتغيير الأوضاع. ولكن إذا ما تغيرت سياسة الحكومة عبر السماح لأي شخص يمكنه الاستيراد بالقيام بذلك دون طلب إثبات مصدر عملته الأجنبية.

ووفقا له، فقد أدى ارتفاع أسعار النفط والغاز العالمية نتيجة للحرب في أوكرانيا، مما ساهم بدوره في زيادة تكاليف النقل في جميع أنحاء العالم.

للقراءة أو الاستماع: اللحوم على قائمة “الأسعار الكاوية” بسبب أوكرانيا وأمور ثانية

المواد في مستودعات التجار

في حين صرح مسؤول حكومي في دمشق لذات الصحيفة، أن المسؤولين عن شرح ارتفاع الأسعار الحالي عليهم أن يفعلوا ذلك عبر وسائل الإعلام. وأشار إلى أنه بما أن المسؤولين فشلوا في ذلك، فقد تُرِكَ المواطنون يتساءلون ويصدقون الإشاعات.

وبحسب المتحدث، فإن احتكار التجار لبعض المواد هو المسؤول عن فقدان بعض المواد وندرتها في السوق السورية. لافتا إلى أن هذه المواد من الأساسيات والضرورية للمواطنين، فليس الزيوت فقط من فُقدت، بل البقوليات أيضا، والتي  يحتاجها ويستهلكها المواطن بوفرة في شهر رمضان المقبل.

بينما قال نائب رئيس جمعية حماية المستهلك في دمشق وريفها، ماهر الأزعط، إن عدم وجود تصاريح الاستيراد هو ما يدفع التجار لاحتكار السلع. وبحسب حديثه فإن هناك مطالبات بـ خلية أزمة للتعامل مع القضايا الاقتصادية الراهنة. على أن تكون هذه الخلية؛ خلية تشاركية تضم الجهات المعنية وجماعات المجتمع المدني. لافتا إلى أن جمعية حماية المستهلك يجب أن تشارك مع الجهات ذات العلاقة في اتخاذ القرار.

وطبقا لحديث نائب رئيس جمعية حماية المستهلك، فإن المؤسسة تتلقى الكثير من الشكاوى من السكان حول التكاليف ونقص الإمدادات المتاحة. موضحا أنه ونظرا للوضع الحالي، يجب أن تتخذ وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك تدابير طارئة لتوفير المنتجات.

واقترح الأزعط، أن تستورد مؤسسة “السورية للتجارة” نفسها بدلا من التجار؛ لأنها تحصل على قروض. معتبرا أن هذا الأمر سيساهم في تحقيق أرباح للمؤسسة وتوفير المواد للمواطنين. وسد الطريق على بعض التجار لاحتكار وزيادة الأسعار، وفق تعبيره.

للقراءة أو الاستماع: ملاحقة “حيتان التجارة” في سوريا بسبب ارتفاع الأسعار

مواد مغشوشة في الأسواق

وتزامنا مع فقدان الزيوت النباتية في الأسواق والارتفاع الكبير في أسعارها، بدأت تظهر أنواع من الزيت النباتي المغشوش في الأسواق السورية، وذلك في وقت فشلت فيه الحكومة بتنفيذ وعودها المتعلقة بتأمين حاجة السوق من مادة الزيت النباتي.

وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عمرو سالم، حذر من انتشار نوع من الزيت النباتي يحمل اسم “ليو“. مشيرا إلى أن ذلك النوع مزور.

ودعا سالم، إلى مقاطعة هذا الزيت وعدم شرائه، وقال في منشور عبر صفحته الشخصية الجمعة: “يوجد في الأسواق زيت نباتي يحمل اسم ليو Lio، نلفت انتباه الإخوة المواطنين إلى أن هذا الزيت مزور ومهرب والعلامة التي عليه مزورة، وننصح بمقاطعته تماما وعدم شرائه“.

الشركة الرباعية للصناعات الزراعية المنتجة لزيوت “بروتينا وتينا” في دمشق، أكدت أن نقص الزيوت في الأسواق السورية يعود إلى شح المواد الأولية وتقييد الاستيراد.

وصرح مدير التسويق في الشركة محمد حسن لـ إذاعة “ميلودي” المحلية، أن “هناك شح كبير بالمواد الأولية الداخلة في صناعة الزيت النباتي وزيت الطعام، إضافة إلى تقييد الاستيراد من قبل وزارة الاقتصاد“.

الجدير ذكره، أنه مع انقضاء عشرة أيام على بدء العملية العسكرية الروسية على أوكرانيا، والتي شنتها في الرابع والعشرين من شهر شباط/فبراير الماضي. فقد فرضت هذه الحرب واقعا جديدا ليس فقط في مجال السياسة الدولية. بل أثرت بشكل كبير على القطاع الاقتصادي في العالم أجمع، ولا سيما سوريا التي تعاني من أزمة اقتصادية خانقة.

للقراءة أو الاستماع: دمشق.. فساد جديد بسبب “البطاقة الذكية” وتوزيع المحروقات

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.