القطاع الصناعي في العراق: هل يمكن للمعامل العراقية كسر احتكار تركيا وإيران؟

القطاع الصناعي في العراق: هل يمكن للمعامل العراقية كسر احتكار تركيا وإيران؟

تطوير القطاع الصناعي في العراق أحد أهم الملفات الاقتصادية في البلد الذي يشهد أزمات متعددة. إذ يعد العراق من الدول المستهلكة، التي تعتمد على الاستيراد من الدول الأخرى، وتأتي تركيا وإيران في مقدمة تلك الدول. وبحسب تقارير وإحصائيات فإن العراق يستورد من السلع ما قيمته تسعة وثلاثين مليار دولار سنويا.

المختصون يرون بأن العراق يمكن أن يصبح من الدول المصنّعة والمنتجة إذا ما وفرت الحكومة العراقية الظروف الملائمة، وعلى رأسها إعادة تأهيل المصانع وتشغيلها، التي توقفت لأسباب متعددة، أهمها تهالك البنى التحتية والإهمال والفساد وغياب الدعم الحكومي، ومجموعة أسباب أخرى مجهولة.

وبالرغم من أن دعم القطاع الصناعي في العراق هو أحد أهم بنود البرنامج الحكومي، المعروف باسم “الورقة البيضاء”، التي أعدتها الحكومة العراقية، واعتبرتها مسارا للنهوض بالاقتصاد العراقي، ووافق عليها مجلس النواب، إلا أن تلك الورقة ظلت حبرا على ورق على ما يبدو، فلا وجود لبوادر حقيقية للنهوض بالواقع الاقتصادي للعراق، المعتمد بنسبة تفوق تسعين بالمئة على المنتجات المستوردة.

“نتائج تطوير القطاع الصناعي لن تظهر إلا بعد سنوات”

مرتضى الصافي، المتحدث باسم وزارة الصناعة العراقية، يقول إن “الوزارة بدأت بتنفيذ خطة موضوعة من قبل مجموعة من المختصين، لدعم القطاع الصناعي في العراق”.

مبينا، في حديثه لموقع”الحل نت”، أنه “خلال العامين الماضيين استطعنا إعادة افتتاح أكثر من عشرين مصنعا ومعملا كانت متوقفة عن العمل لأسباب متعددة. إذ تعرض بعضها للدمار أثناء سيطرة تنظيم داعش على عدد من المحافظات، والبعض الآخر توقف لأسباب إدارية”.

وأضاف أنه “لايمكن أن نلمس النتائج إلا بعد مرور سنوات، لأن الخطة الموضوعة تحتاج لجهود كبيرة، وميزانيات مالية مستمرة، وتعاون من جميع الوزارات والمؤسسات”.

ويؤكد خبراء اقتصاديون أن توقف القطاع الصناعي في العراق انعكس سلبا على الواقع المعيشي والاقتصادي للمواطنين، وسط زيادة في أعداد العاطلين عن العمل وحالات الفقر الشديد.

طهران وأنقرة هما سبب توقف القطاع الصناعي في العراق

أحمد الأنصاري، الخبير المتخصص في الشأن الاقتصادي، يؤكد أن “إيران وتركيا لا تريدان نهضة القطاع الصناعي في العراق إطلاقا”.

ويضيف، في حديثه لموقع “الحل نت”، أن “العراق يعد السوق الرئيسية للبضائع التركية والإيرانية، وبالتالي أحد أهم الموارد لاستحصال العملة الأجنبية للبلدين، وتطوير القطاع الصناعي يعني الحد من استيراد البضائع من الدولتين الجارتين”.

وأوضح أن “إيران حرّكت في وقت سابق الفصائل التابعة لها لحرق المصانع والمعامل العراقية، منعا لتطور القطاع الصناعي. كما تقوم تركيا بشكل يومي باستهداف مواقع وقرى مختلفة في إقليم كردستان العراق، لعرقة الشركات الاستثمارية عن العمل في تلك المناطق”.

ويخلص الخبير الاقتصادي إلى القول: “الخطوة الأولى لتطوير القطاع الصناعي في العراق هي وجود إرادة سياسية قوية لدى الحكومة العراقية، قبل الشروع بأي خطوة لتطوير الصناعة، لأن الأحزاب الموالية لإيران وتركيا لن تسمح بتطوير هذا القطاع أبدا”.

وتعرضت معامل الألبان والمعجون والزيوت في السنوات السابقة لحرائق وعمليات تخريب في مناطق متعددة من جنوب ووسط البلد، الأمر الذي يعده البعض عملية تدمير ممنهجة للقطاع الصناعي في العراق.

وتشير البيانات الحكومية إلى أن البلد كان مزدهرا صناعيا في عقود الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، وكان حجم إنتاج القطاع الصناعي يلبي حاجة السوق المحلية، فضلا عن التصدير إلى الخارج.

وتؤكد مصادر رسمية من داخل وزارة الصناعة العراقية أن “العدد الكلي للمصانع والمعامل في القطاع العام العراقي هو مئتين وثمانية وثمانين مصنعا في كافة المحافظات، من بينها ثلاثة وثمانين متوقفة عن العمل، تتنوع بين القطاعات الدوائية والكيميائية والغذائية والنسيج والألبان وغيرها”.

حكومات معتمدة على ريع النفط

وفي مطلع عام 2020 تعرض العراق لأزمة اقتصادية ومالية خانقة، جراء الانخفاض الكبير في أسعارِ النفط، والتي وصلت لأدنى مستوياتها. فيما دعت الأطراف السياسية المختلفة الحكومة العراقية لضرورة وضع الخطط التي من شأنها تنويع مصادر الدخل، وعلى رأسها تطوير القطاع الصناعي في العراق.

ندى شاكر جودت، النائب في البرلمان العراقي، ترى أن “تطوير القطاع الصناعي في العراق يحتاج لخطة طويلة الأمد، توضع من قبل لجنة عليا مشكّلة من مجلس النواب العراقي، يكون ارتباطها بالمجلس حصرا”.

لافتة، في حديثها لموقع “الحل نت”، إلى أن “أهم أسباب عدم تطوير القطاع الصناعي في البلاد يعود إلى أن كل حكومة تأتي تعمل لفترة محددة فقط، وطوال فترة الحكم يكون اعتمادها على النفط، باعتباره المورد الثابت والدائم”.

وبيّنت أنه “يجب تشكيل مجلس أعلى للصناعة، توضع من خلاله خطة طويلة الأمد، مع ميزانية مالية كبيرة، فضلا عن تشجيع الشركات الاستثمارية، المحلية والدولية، على العمل في البلاد، من خلال تقديم التسهيلات المختلفة لها”.

مقالات قد تهمك: موجة الغلاء في العراق: هل يؤدي الغزو الروسي لأوكرانيا إلى ثورة في المدن العراقية؟


ويشهد العراق أزمة اقتصادية صعبة على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا، تمثلت بارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق في الأسواق العراقية، وخاصة السلع الاستهلاكية، التي يعتمد عليها المواطن العراقي في حياته اليومية.

ومع ارتفاع الأسعار وجّهت دعوات للحكومة العراقية بضرورة إعادة تشغيل المصانع والمعامل المتوقفة، وإنهاء الاحتكار الإيراني والتركي للسوق العراقية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.