كان من المتوقع أن تسيطر روسيا على أوكرانيا في وقت قصير، وفق تصريحات الروس قبل الاجتياح الروسي لأوكرانيا، لكن ها قد مر شهر على هذا الغزو الروسي، ولم يتم السيطرة الكاملة بعد، وفق مخططات الغزو الروسي.

يبدو أن هذه العملية أصعب مما تخيلته روسيا. فقد خاب ظن الروس بأنهم سيحسمون العملية خلال مدة قصيرة، وبحسب آراء المسؤولين الغربيين، ارتكب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “خطأ كارثيا”، وأن الحملة العسكرية عطلت تقدمها، لدرجة أنهم توقعوا أن تغير موسكو استراتيجيتها وتقوم في التركيز على تأمين نقل وإمداد قواتها في مناطق محددة في أوكرانيا، بما في ذلك منطقة دونباس.

إطالة أمد الحرب بسبب الدعم لأوكرانيا

ذكرت صحيفة “التايمز” البريطانية، في تقرير لها قبل أيام، بأن مسؤولون غربيون يعتقدون أن روسيا ستتخلى عن خطط غزوها لأوكرانيا من ثلاثة اتجاهات مختلفة في وقت واحد، وأنها بدلا من ذلك ستركز المساعي على فرض سيطرتها في شرق البلاد.

وأضافت الصحيفة البريطانية على لسان مسؤول غربي، إن “تدابير أوكرانيا البارعة عطَلت خطط روسيا”، وقدرتها على إحكام القواعد الأساسية لتأمين قواتها والسيطرة في حرب كهذه، وزاد على ذلك “خطأ فادح كان في صميم الخطة الروسية، وهو الظن بأن الأوكرانيين لن يقاوموا، والحاصل أن أوكرانيا كانت أشد مقاومة بكثير مما توقع الروس”.

ويرى أيمن سلامة، الأستاذ في القانون الدولي والمستشار القانوني السابق لحلف” الناتو”، أن “الحرب الروسية الأوكرانية من المتوقع أن تطول، إن لم يكن لأسابيع عديدة، فستستمر لعدة أشهر، بسبب العديد من العوامل والمحددات. وأهمها بل وأحسمها هو الدعم العسكري النوعي لأوكرانيا، الذي قامت وتقوم بها الولايات المتحدة والعديد من دول “الناتو”، بأسلحة متطورة ربما لم يستخدم في النزاعات المسلحة التي خاضتها هذه الدول في حروب سابقة مثل حرب العراق عام 2003 والحرب في أفغانستان طوال سنواتها”.

وأردف المستشار القانوني السابق في حلف “الناتو”، لـ “الحل نت”، أن العناصر الاستخباراتية سواء كانت أمريكية أو بريطانية أو ألمانية أو غيرهم، كشفت بشكل صريح أو ضمنيا عن دعمها الاستخباراتي لكييف، وهذه المسألة هي حجر الزاوية في إطالة أمد القتال والأعمال العدائية العسكرية في أوكرانيا.

في السياق ذاته، يرى قادة عسكريون في وزارة الدفاع البريطانية أن “كل يوم ينجح صمود الأوكرانيين فيه، يساوي مقدار أيام من المعاناة للقوات الغازية”، لذا ركزت بريطانيا على إرسال “أسلحة فتاكة” إلى البلاد.

قد يهمك: “فريق النمر” الأميركي لأوكرانيا.. تصعيد جديد ضد روسيا؟

تغيير في الاستراتيجية الروسية

وتوقع مستشار الرئيس الأوكراني، أليكسي أريستوفيتش، أن أوكرانيا يمكن أن تربح الحرب في ما لم يحدث شيء غير عادي. ويمكن طرد القوات الروسية من جميع أنحاء أوكرانيا. وقد تتسبب الإمدادات العسكرية الأمريكية الجديدة في نهاية الحرب.

وبالعودة إلى المستشار القانوني السابق في حلف “الناتو”، فيما إذا استطاعت روسيا المضي في طريق تحقيق أهدافها، حيث قال: “التغيير الروسي في تحديد الأهداف الاستراتيجية، سواء كان ذلك من إطلاق ما يسمى بـ “العملية العسكرية الخاصة”، وفي مفهومها العسكري، أن هذه العملية ستستغرق أياما محدودة فقط وستعود القوات الروسية أدراجها إلى قواعدها بعد تحقيق أهدافهم، لكن هذا لم يحدث. فضلا عن محاولات إسقاط الحكومة السياسية في أوكرانيا”، وفق تعبيره لـ “الحل نت”.

وأضاف المستشار القانوني، “ومؤخرا، تم تحديد الهدف الأهم الآن والمفاجئ للكفة، الذي كشفت عنه الخارجية الروسية أول أمس، هو ما يسمى بتحرير “شرق أوكرانيا”، فكل هذه التغييرات والتبدلات في الموقف الاستراتيجي والغايات الاستراتيجية الروسية من الأعمال العسكرية في الميدان الأوكراني، هذا لا محالة “يؤثر تأثيرا سلبيا” على القيادتين السياسية والعسكرية الروسية”.

أما الحزمة الأخيرة التي أعلنت عنها العديد من الدول، بما في ذلك واشنطن ودول “الناتو” والاتحاد الأوروبي واليابان أيضا، وهي العقوبات الاقتصادية الجديدة ضد روسيا وأفرادا وشركات روسية، وهذه الحزمة الدولية الأخيرة بالتأكيد ستكسر الإرادة السياسية والإرادة العسكرية للجنود الروس في الميدان، كل ذلك من شأنه أن يؤثر على إطالة أمد الحرب في أوكرانيا، في ختام حديث المستشار القانوني السابق في “الناتو” لـ “الحل نت”.

من جهة أخرى، فإن أوكرانيا تحتفظ ببعض أفضل قواتها تدريبا وتجهيزا في منطقة دونباس، لأنها تقاتل الانفصاليين المدعومين من روسيا هناك منذ عام 2014. وتذهب تقديرات الاستخبارات البريطانية إلى أن الهجمات تشتد على هذه القوات الآن من الانفصاليين والقوات الروسية، وزاد عليهم تعزيزات من مرتزقة “فاغنر”، وفقا لتقارير صحفية.

ومنذ الأيام الأولى من بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 شباط/فبراير الماضي، ألقى جنرال روسي كلمة بجنوده قال لهم فيها ما معناه: “إن الحملة على أوكرانيا لنزع سلاحها، ستحقق النصر بساعات”، وفقا لما رصدته عمليات استراق للسمع والبصر كان الجيش الأوكراني يعترض بها اتصالات نظيره الروسي ويتنصت عليها.

ولكن يوم الأربعاء الفائت، لقي هذا الجنرال نفسه ياكوف رازنتسيف، مصرعه بعمر 48 سنة، كسابع جنرال تخسره روسيا بشهر، وفقا لتقارير صحفية غربية.

أما عبارة “ستحقق النصر بساعات” الواردة في كلمته التي ألقاها بالجند، فنشر تفاصيلها جهاز الأمن الأوكراني الأسبوع الماضي في أحد مواقع التواصل.

كما أضاف الجهاز إليها نص مكالمة لجندي روسي محبط، رسم فيها لقائده صورة قاتمة للحياة على خطوط المواجهة، حين أخبره أن وحدته تعرضت لنيران صديقة، وقال: “ريزانتسيف هو المسؤول هنا.. التقينا به مرة واحدة فقط منذ جئنا، أي بعد أربعة أيام من وصولنا. هل تعلم ماذا قال لنا؟ قال “ليس سرا أنه لم يتبق سوى ساعات حتى تنتهي هذه العملية الخاصة.. وما زلنا نعد تلك الساعات” في تهكم واضح من الجندي وشماتة.

والمعروف كسبب رئيسي لكثرة مقتل الجنرالات الروس، وهم 6 من الجيش التقليدي وواحد من القوات الشيشانية الخاصة، فيما أقيل الثامن Vladislav Yershov ووضع رهن الإقامة الجبرية، أن القوات الروسية تحاول رفع الروح المعنوية لجنودها، بالضغط على الجنرالات لينتقل الواحد منهم إلى خط المواجهة، حيث يتعرض لخطر الكمائن الأوكرانية، ويلقى حتفه بفخ منصوب، وفق ما نشرته وسائل الإعلام مؤخرا.

قد يهمك: استفزازات إسرائيلية للروس في سوريا.. هل تدهورت العلاقات؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.