تصاعدت في الآونة الأخيرة دعوات مختلفة من أجل تأمين عودة آمنة للاجئين السوريين في دول جوار سوريا، ولكن مؤخرا وصلت هذه الدعوات إلى حد التجييش لعودتهم، حيث صدرت تصريحات للرئيس اللبناني جدد فيها دعوته لإعادة اللاجئين السوريين، مشيرا إلى أن “لبنان لا يعلم حتى الآن لماذا الدول الغربية تضغط لإبقائهم على أرضه”.

كما قال رئيس إدارة الهجرة في وزارة الداخلية التركية صواش أونلو، يوم أمس السبت، إن بلاده أعدت بيئة “مناسبة وآمنة” في شمالي سوريا ليتمكن السوريون من العودة إلى ديارهم بشكل طوعي، وذلك بعد أن أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو عزم بلاده استضافة مؤتمر لتنسيق عودة اللاجئين السوريين، حسب متابعة “الحل نت”.

هل هناك تمهيد لإعادة اللاجئين؟

في كلمته التي ألقاها خلال جلسة في منتدى الدوحة 2022 حول “دور المجتمع الدولي في إدارة تدفقات اللاجئين: سوريا وما بعدها”، قال صواش أونلو، أنه بفضل سياسة بلاده ” تمكن 500 ألف سوري من العودة طوعاً إلى بلادهم. نوفر أجواء مناسبة في سوريا ونضمن عودة اللاجئين إلى ديارهم”، داعيا إلى زيادة التضامن الدولي من أجل تقليل المشكلات المتعلقة باللاجئين إلى الحد الأدنى.

أما الرئيس اللبناني، ميشال عون، فقد اعتبر خلال دعوته يوم أمس لإعادة اللاجئين السوريين، أن بلاده “تدفع ثمن تداعيات الحرب في سورية”، حيث أن هذه ليست المرة الأولى التي يدعو فيها الرئيس اللبناني لإعادة السوريين إلى بلادهم، في موقف يتناغم مع موقف الحكومة السورية وحليفتها روسيا.

ومن جهة أخرى، قال سالم المسلط، رئيس الإئتلاف السوري المعارض، خلال لقائه قبل يومين مع صحفيين أتراك،” نعمل على تأمين العودة الطوعية للسوريين وتخفيف العبء عن تركيا”، مضيفا أن المناطق التي تسيطر عليها المعارضة غير مهيأة حتى الآن لاستقبال اللاجئين، حيث إنها بحاجة لإدارة مدنية موحدة وتعزيز دور “الحكومة المؤقتة” المعارضة المدعومة من تركيا، لتقوم بهذه المهمة وتكون قادرة على تحسين الأوضاع المعيشية والخدمية، مشيرا إلى أن الائتلاف الوطني موجود بشكل دائم، إضافة إلى أن الأعضاء يقومون بزيارات وجولات ميدانية مستمرة هناك للاطلاع على الأوضاع والاستماع لاحتياجات السكان ومعاناتهم.

وقد أثارت تصريحات المسلط، استياء وسخرية في أوساط السوريين، إذ اعتبروا أنه كممثل لـ “الإئتلاف” المعارض والمدعوم من تركيا، يقوم بالتجييش مع الدول المستضيفة للاجئين من أجل إعادتهم.

ويرى الصحفي، فراس علاوي، في حديثه لموقع “الحل نت”، أن “الائتلاف” لا يبحث عن عودة اللاجئين السوريين إلى المناطق الخاضعة لسيطرة دمشق، أما إذا كان الأمر يتعلق بالمناطق الخاضعة للمعارضة أي شمال سوريا، فالإئتلاف في هذه الحالة لا يستطيع الخروج عما تريده الحكومة التركية، فإذا كان لديها رغبة بإعادة قسم من اللاجئين إلى الشمال السوري، فلا يستطيع الائتلاف أن يعارض ذلك، لارتباط دوائره بالحكومة التركية، مشيرا إلى أن الإئتلاف يروج منذ مدة إلى أنه سينتقل للشمال السوري، واصفا إياها بالمنطقة الآمنة، في حين أنه لا يملك أي مقومات لإعادة اللاجئين أو استقبالهم أو إقامتهم أو حمايتهم.

إقرأ:لماذا تصر لبنان على إعادة اللاجئين السوريين؟

اللاجئين ورقة ضغط

في حديث سابق لموقع “الحل نت”، قال محمد حسن، مدير مركز وصول لحقوق الإنسان، أن المسؤولين في لبنان يضعون تداعيات تفاقم الأزمة الاقتصادية على عاتق استضافته للاجئين السوريين، متناسيين الفشل الذريع في إدارة الأزمات التي تسببتها الحكومات المتعددة السابقة، والذين هم غير قادرين على وضع خطط لانتشال لبنان من الوضع المزري في حكومتهم الحالية.

وأوضح حسن، أن لبنان ينشط في فتح قضية اللاجئين السوريين عند بدء انعقاد المؤتمرات الدولية المتعلقة بسوريا، وقريبا هناك مؤتمر بروكسل “دعم مستقبل سوريا والمنطقة” وهذا يجعل لبنان أكثر نشاطًا في الضغط على اللاجئين السوريين للفت الانتباه لكوارثه، واستجرار استعطاف المجتمع الدولي لمساعدة حكومته، كما أن المساعدات الدولية هي جزء مهم يستند عليه اقتصاد لبنان منذ بدء أزمة اللجوء السورية.

من جهته، يرى فراس علاوي، أن اللاجئين السوريين هم ورقة ضغط سواء عند حكومات الدول المستضيفة للضغط على الدول الداعمة، أو عند معارضات هذه الحكومات تجاهها، لأنهم الحلقة الأضعف فيما يجري حاليا، ولا توجد قوانين تحميهم بشكل كامل، لذلك فإن التصريحات القادمة من دول جوار سوريا حول اللاجئين السوريين هي محاولة للضغط على الدول الداعمة في ظل التراجع الاقتصادي لهذه الدول خاصة بعد جائحة “كورونا”، وأيضا للتخلص من ضغوط المعارضة فيما يخص وجود اللاجئين، وخاصة المعارضة ذات النهج المتشدد حيال موضوع اللجوء.

قد يهمك:عنصرية لبنانية جديدة ضد اللاجئين السوريين.. هذه الأسباب الحقيقية

مخاطر العودة

في تقرير سابق، تطرق موقع “الحل نت” للمخاطر المتعلقة بعودة اللاجئين السوريين، وهناك العديد من الأسباب التي تمنعهم من العودة خاصة إلى مناطق سيطرة الحكومة السورية، ويعتبر العامل الأمني، العامل الأقوى وله التأثير الأكبر في اتخاذ قرار العودة من عدمه، فأجهزة دمشق الأمنية تعتبر أن غالبية من غادروا البلاد من المعارضين، وبالتالي فلا بد من التحقيق مع قسم ممن يعود منهم، كما يمكن أن تحصل عمليات اعتقال وقتل خارج نطاق القانون.

إضافة إلى الخدمة العسكرية الإلزامية التي تنتظر العائدين، حتى وإن حصلوا على تأجيل أولي لمدة 6 أشهر، كما أن الوضع الاقتصادي والبنية التحتية المدمرة، وعدم وجود فرص عمل وانهيار الاقتصاد بشكل عام من أهم الأسباب التي تمنع اللاجئين من العودة.

وسبق أن أشار أشار تقرير منظمة “هيومن رايتس ووتش” تحت عنوان “حياة أشبه بالموت”، والذي يتحدث عن عودة اللاجئين السوريين من الأردن ولبنان، والصادر في تشرين الأول/أكتوبر 2021، إلى أن اللاجئين السوريين الذين عادوا من الأردن ولبنان بين عامي 2017، و2021 ” تعرضوا لانتهاكات حقوقية جسيمة واضطهاد من الحكومة السورية والميليشيات التابعة لها، مثل التعذيب، والقتل خارج نطاق القانون، والاختفاء القسري”، بحسب متابعة “الحل نت”.

إقرأ:توثيق ترحيل مئات اللاجئين السوريين من تركيا خلال فبراير

العديد من العوائق والعقبات تقف في وجه عودة اللاجئين، وسط دعوات بدأتها الحكومة السورية وروسيا منذ العام 2018 من أجل عودتهم وأن الحكومة تقوم بتجهيز بيئة آمنة لذلك، في حين أن كل الوقائع على الأرض تثبت عكس ذلك.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.