عادة ما يكون لليوم الأول من شهر رمضان طقوسه الخاصة، والتي تجلب إلى السوريين في جميع المحافظات والمدن أطباق خاصة بكل محافظة تقريبا في هذا اليوم بالتحديد.

في دمشق على سبيل المثال هناك العديد من المأكولات والحلويات الشعبية التي يقتصر إنتاجها على شهر رمضان أو يزدهر فيه نوعا ما، ومنها: الشاكرية بأنواعها، الكبة اللبنية، الشيشبرك، الأوزي، شيخ المحشي، باشا وعساكره. بالإضافة إلى الأكلات الشعبية مثل: المعروك، قطايف، الناعم، مشروب قمر الدين.

طبخة الشاكرية بـ 40 ألف

اعتاد سكان دمشق على بدء شهر رمضان “بطبخة بيضاء” أي تحوي على اللبن كنوع من الفال الجيد في استقبال رمضان، لكن نظرا لارتفاع الأسعار عموما وخاصة اللحوم بشكل خيالي، يبدو أن هذه الأكلات ستغيب عن مائدة العديد من السوريين في شهر رمضان، خاصة وأن اللحوم الحمراء عنصر أساسي في كل منها.

فتتراوح أسعار لحم هبرة الخروف ما بين 30 – 35 ألف ليرة سورية، في وقت تم تسعيره بالنشرات التموينية بحدود 28 ألف ليرة، بينما يتراوح سعر كيلو غرام لحم العجل ما بين 25 – 30 ألف ليرة، وبحسب أصحاب عدد من المحلات، حتى اليوم ما زال الإقبال على شراء اللحوم ضعيفا ويقتصر على الشراء بالكميات القليلة أي بالأوقيات، بحسب تقرير لموقع “أثر برس” المحلي، اليوم.

أما سعر الفروج الذي يباع الكيلو المذبوح والمنظف منه بـ11 ألف ليرة سورية (بحسب النشرة التموينية)، لكن يباع بسعر أعلى من ذلك، أيضا الإقبال على شرائه ضمن المستوى المقبول.

أما بالنسبة للألبان، فيتراوح سعر الكيلو اليوم بين 2500 – 3000 ليرة سورية، وسعر كيلو الأرز الصيني وصل لنحو 3500 ليرة سورية في حين بلغ سعر كيلو الأرز المصري 4000 ليرة، بحسب الموقع المحلي.

وبحسبة بسيطة وإذا ما اختارت ربة المنزل أن تكون طبخة أول يوم رمضان هي الشاكرية، والتي غالبا ما يطبخونها معظم أهالي العاصمة دمشق في أول يوم من رمضان، (2 كغ لبن بـ60000، كيلو لحم عجل بـ30000، وكيلو الأرز 3500، ونشاء وبهارات وما إلى ذلك..) فلن يكفيها أقل من 40 ألف ليرة سورية لإعداد الطبق الأبيض لأول أيام شهر رمضان، في حين يبلغ متوسط راتب الموظف الحكومي نحو 156 ألف ليرة سورية.

وفي السياق ذاته، قال رئيس لجنة سوق البزورية في الزبلطاني، محمد السيد حسن، في تصريحات صحفية قبل أيام، أن الإقبال على شراء المواد الغذائية من السوق لا تتجاوز نسبتها 5 بالمئة مقارنة بالأسبوع السابق لشهر رمضان الفائت.

وبيّن في حديثه لصحيفة “الوطن” المحلية، أن السوق يعاني حالة جمود غير طبيعية. وسببها ارتفاع أسعار المواد من جهة وعدم توفر بعضها من جهة أخرى. يضاف إلى كل ذلك ضعف القدرة الشرائية لدى المستهلك.

وبحسب الخبراء الاقتصاديين أنه في المرحلة القادمة ستتأثر القطاعات الإنتاجية المعتمدة على الاستيراد من أوكرانيا وروسيا، مبينا أنه “إذا استمرت الحرب طويلا فنحن قادمون على الأسوأ، وإذا توقفت الحرب خلال أسبوع فسنحتاج 6 أشهر حتى نعود للوضع الذي نحن عليه قبل بدء الغزو الروسي لأوكرانيا”.

قد يهمك: قدرة السوريين على الصمود وصلت إلى نقطة الانهيار

مقترح برفع الرواتب

وفي وقت سابق قال الباحث الاقتصادي درازي محي الدين أن السبيل الوحيد لتقبل سياسة رفع الدعم الحكومي والغلاء المعيشي الحاصل في سوريا، هو العمل على رفع الحد الأدنى للأجور وزيادة رواتب الموظفين الذي لا يزال عند أدنى المستويات عالميا. حيث يبلغ متوسط راتب الموظف نحو 35-40 دولارا شهريا في أحسن الأحوال.

ووفق ما نقلت صحيفة “الوطن” المحلية قبل أسابيع عن الباحث الاقتصادي، الذي أوضح أنه يجب على الحكومة رفع رواتب الموظفين لـ 100 دولار شهريا، وهذه الخطوة يجب أن تكون بالتدريج عبر إصلاح كل الرواتب والأجور، لكي تتجاوز 100 دولار “من أجل تحسين القوة الشرائية للمواطن، الأمر الذي يشجع على عودة الاستثمارات” بحسب قوله.

كذلك، أصدرت وزارة الأوقاف السورية، قبل يومين، بيانا بالمقادير الشرعية، والعملة السورية للذهب والفضة، وصدقة الإفطار، وفدية الصيام، وكفارة الصيام اليمين والنذر.
وجاء مقدار كفارة الصوم لغير القادر “فدية إطعام فقير” عن كل يوم 10 آلاف ليرة سورية. مما يعني 30 يوم بـ 300 ألف ليرة سورية.
وهذا يعني اعتراف مباشر من وزارة الأوقاف السورية بأن تكلفة طعام شخص واحد فقط لشهر كامل هو 300 ألف. فهل يوجد موظف في مؤسسات الدولة راتبه 300 ألف ليرة في الشهر الواحد؟، وهذا يشير أيضا إلى أن الحكومة السورية تدرك تمام الإدراك أن راتب الموظف في أدنى المستويات وبالكاد يكفيه لبضعة أيام، لكن يبدو أنها عاجزة في رفع رواتب الموظفين أكثر من الراتب الحالي الذي يبلغ متوسط الرواتب نحو 156 ألف ليرة سورية.

وقال برنامج الأغذية العالمي “WFB” في تقرير له في آذار/مارس الفائت، مع دخول النزاع في سوريا في عامه الحادي عشر، تواجه الأسر في جميع أنحاء البلاد مستويات غير مسبوقة من الفقر وانعدام الأمن الغذائي. يكافح المزيد من السوريين اليوم أكثر من أي وقت مضى لوضع الطعام على موائدهم.

ووفق تقارير أممية، أصدرت الشهر الفائت أن ما يقارب نحو 12.4 مليون سوري يعانون حاليا من انعدام الأمن الغذائي. وهذه زيادة قدرها 4.5 مليونا في العام الماضي 2021، وحده وأعلى رقم تم تسجيله على الإطلاق.

وقد أدى النزاع، والنزوح، والانكماش الاقتصادي الحاد، وانخفاض قيمة الليرة السورية أمام القطع الأجنبي إلى زيادة الضغوط على الأسر التي تكافح الآن من أجل تغطية تكاليف توفير الاحتياجات والسلع الأساسية.

قد يهمك: اللحوم الحمراء تفوق طاقة الميسورين في سوريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.