تعد ظاهرة الفانتازيا التاريخية في الدراما السورية خطا دراميا خاصا اكتسب بصمته بقلم الكاتب الدرامي هاني السعدي منذ عقد التسعينات في القرن الفائت حيث كانت البداية في غضب الصحراء في العام 1989، مع المخرج هيثم حقي، والبركان في العام 1990، من إخراج محمد عزيزية، والجوارح في عام 1994، مع المخرج نجدة أنزور، والقلاع من تأليف حاتم علي في العام 1995، من إخراج مأمون البني، والموت القادم من الشرق، الكواسر، والفوارس من تأليف هاني السعدي، ومن إخراج نجدة أنزور على التوالي في الأعوام 1997، 1998، 1999.

في العام الجاري 2022، تعود الفانتازيا التاريخية على يد كاتبها هاني السعدي، مع المخرج سامي جنادي، من خلال مسلسل “فرسان الظلام – ذئاب الليل”. وبطولة عدد من الفنانين السوريين من بينهم، سلوم حداد، نادين خوري، مهيار خضور ولجين إسماعيل.

الفنان مهيار خضور، تحدث إلى “الحل نت” قائلا:” أجسد شخصية أبو الدهماء الشريرة في فرسان الظلام، ويكمن الشر بداخل هذه الشخصية عميقا، لكن يحدث معها موقف له علاقة بقصة حب، فتتغير طريقة حياتها بناءا على هذا الموقف، ونكتشف جانب آخر في شخصية أبو الدهماء كعاشق يذوب العشق صلابة هذه الشخصية من زعيم عصابة إلى الولهان المتيم، وهذه أول تجربة لي في الفانتازيا التاريخية”.

المخرج سامي جنادي خريج المعهد العالي للفنون المسرحية- قسم الآداب المسرحية في العمل الدرامي” فرسان الظلام، ذئاب الليل”. يتحدث من جانبه لـ”الحل نت” عن عودة الفانتازيا التاريخية، من خلال حضور “الحل نت” يوم تصوير في المدينة التي بنيت لهذا العمل. إذ سألنا المخرج سامي جنادي، ما هي حكاية العمل؟، فقال خلال حديثه لـ”الحل نت” بأن الحكاية تستند بشكل عام إلى ذات المفردات التي تقوم عليها الحياة (صراع الخير والشر، والحب والكره)، في ظل مدينة يتناهبها الخير والشر بعلاقات إنسانية موزعة.

“لقد حاولنا قدر الإمكان أن لا تكون هذه التناقضات واضحة كثيرا، ما بين أن هذا الشرير حبا بالشر أو لغاية الشر، وبالتالي وجه واحد، أو لون واحد( أسود)، أو هذا الخير، فدائما الألوان ممزوجة، والمقصود أنه داخل الشر ستجد حبا يكاد يكون مطلق، وداخل الخير أيضا ستجد رسالة من رماد أو لون أسود”.

س* من هي الشخصيات التي تجسد هذا الصراع بين الخير والشر؟

ج- من هذه الشخصيات” النهشل “، وهو من أسماء الذئب، وشخصية أبو الدهماء، بالإضافة إلى وجود شخصيات أخرى في حانة اللصوص.

س* من هي الشخصيات التي تقع بالحب؟

ج- شخصية” زيد، لجين إسماعيل”، أساسية لها وجه إنساني عميق، أو الجانب الأكثر بياضا من الشخصيات الأخرى التي ذكرناها، والتي تحمل قيم الشر. يقع في حب فتاة أحبها من قبله أبو الدهماء، وبناء على هذه العلاقة يكتمل مثلث الصراع المعروف بتاريخ الدراما، وينشأ صراع فيه عنف بسبب الحب،” كلا يحب على طريقته”.

س* صراع الحب فقط هو أساس الصراع في فرسان الظلام؟

ج- أعتقد أن مفهوم الحب يعكس كل أوجه الحياة، بمختلف أشكالها “الاقتصادية، السياسية الخ…”، والظاهر هو الحب، لكن عمليا هي تفاصيل الحياة ذاتها موجودة ضمن كتلة مفهوم الحب.

س* الكومبارس في حانة اللصوص عددهم كبير قسم منهم على طاولات الحانة، والآخرين في خلفية المشهد، كيف يتم تنظيم حركة الكومبارس في المشاهد الكبيرة والعميقة في اللقطات البصرية في العمل الدرامي؟

ج- غالبا يحكمها طبيعة المشهد كنص، والمكان تاليا، نحن في حانة اللصوص يكون الجو المحيط بالمشهد يتواءم مع طبيعة المكان ووظيفته، حركة الممثل والتشكيلات الحركية أو ما يسمى (بالميزانسين)، غالبا يحكمها بنية المشهد، بمعنى كمخرج مقدار ما يفهم بنية المشهد، وقدرة الممثل على تبني الحالة على أساسها يتم تموضع الممثل وحركته بالمكان.

س* كل نص درامي يحمل سمات الحكاية الخاصة به، كيف يمكن معاصرة نص ذي بنية درامية فانتازية؟

ج- الشكل العام البصري قد يأخذ صيغة زمانية ما، فمشاهد اليوم لا يمكن إلا أن يقرأ المحتوى والمضمون بما يناسب زماننا بغض النظر عن الشكل البصري الذي نقدم فيه هذا المحتوى والمضمون النصي للجغرافيا والتاريخ، “طبيعي قراءة الفعل من خلال المرجعية الواقعية اليومي لوعي المشاهد للحظة”.

من جانبه الفنان لجين إسماعيل، قال عن شخصية “زيد” لـ”الحل نت”: “هذه الشخصية مهمة جدا على الصعيد الإنساني، فهي تتقاطع مع المشاعر اليومية للإنسان العاشق، شخصية بسيطة جدا تمر بأحداث كثيرة، ولها حدثها الخاص في فرسان الظلام الذي يوجد العامل النفسي مما يجعل الموضوع مركبا إلى حد ما، والاختلاف تماما على الصعيد السلوكي بعد الحدث، وبشكل عام الفانتازيا مادة مغرية لأي ممثل لأنها تفتح له مجال للخيال الواسع، وتقديم الاقتراحات، والأستاذ سامي جنادي يرحب بهذه الاقتراحات لتأخذ طريقها بالمعالجة، فتصبح جزء من البنية المشهدية للعمل الدرامي”.

س* هل يمكن أن تحدثنا عن العشق بشخصية زيد؟

ج- زيد يحب فتاة ليست من المدينة، جاءت إليها، ويلتقي بها صدفة، ويتكلم إليها، وبعد فترة قصيرة يحدث أن تتطور المشاعر إلى حدث جلل بالشخصية عبر مشاهدتها لبعض المشاعر الرقيقة الحساسة، والتي تكون عكس المهنة التي يعمل بها (زيد، في مهنة الحداد) يتعامل مع القطع الصلبة، والحديد القاسي، إذ يحاول تليين الحديد، عندها يلتقي بفتاة رقيقة تتحرك مشاعر لم يكن يشعر بها من قبل، هذا الإحساس هو التحول الذي يترجمه إلى حب حقيقي لم يشعر به قبل أن يلتقي بهذه الفتاة، هذه المشاعر تتدفق من النظرة الأولى، هذه الشخصية كانت مغرية جدا بالنسبة لي. لنرى كيف نتعامل معها، أتمنى أن نكون قد أصبنا الهدف.

س* الدراما السورية كانت في حالة تراجع، الآن يشاع أن هناك وضعية جديدة (حالة انتعاش)، هل تعتقد أن ذلك صحيح؟

ج- جانب التراجع دقيق جدا، وأتمنى الخوض فيه بحوار طويل نوضح به الأسباب، أن ما كنا عليه هذا حقيقة، والبوادر الجديدة نحكم عليها عبر النتائج التي هي الأهم، والتي توضح أكثر ماذا يمكننا أن نفعل بالمستقبل، هناك محاولات فردية كثيرة، ومحاولات جماعية كبيرة جدا، لكن” العبرة بالخواتيم”، إذ لم يكن هناك نهاية حقيقية ونهضة حقيقية أشعر أن تلك البوادر لا تزال ضعيفة أو ليست بمكانها، وبالتأكيد هناك خلل معين. البوادر مستمرة وستستمر إلى أن نصل لنتيجة تتخطى النتائج السابقة، لكن إلى الآن لم نصل.

أخيرا يظهر من المدينة التي بنيت من أجل الفانتازيا التاريخية “فرسان الظلام” مقدار البذخ الإنتاجي لكي يكون مقاربا للأعمال التاريخية الدرامية الضخمة، وهذا ما أكده المخرج سامي جنادي، إذ قال: إن “الأستاذ زياد علي، والشركة كانت خير منتج في كافة الجوانب”.

هذا ويشارك في العمل النجوم؛ سلوم حداد، نادين خوري، مهيار خضور، رشا إبراهيم، لجين اسماعيل، علا سعيد، زيناتي قدسية، محمود خليلي، سالي أحمد، حمادة سليم، جبريل عجي، إليانا سعد، سامي نوفل، علاء زهر الدين، فرح الدبيات، غدير سلمان، وسوار الحسن.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة