في إطار صراع الوكالة الذي تديره إيران في عدد من دول المنطقة، تستمر في التركيز على دعم وكلاءها من المليشيات في العراق، لما توفره لها من مكاسب سياسية ضمن دائرة صراعها الدولي والإقليمي، مقدمة مصالحها على مصلحة استقرار العراق.

وتستمر المليشيات المدعومة إيرانيا باحراج الحكومة العراقية في كل مناسبة لصالح طهران، وهذه المرة بعيدا عن استخدام السلاح كما تفعل في كل مرة، إلا أنها وقفت بوجه المشهد السياسي وتركت البلاد يمر في تعطيل دستوري ليس بمصلحة أحد، لا سيما مع تفاقم أزمة الاقتصاد العالمي، وعدم اقرار موازنة البلاد العامة.

للمزيد: العراق.. ما تأثير الميليشيات الإيرانية على النفوذ الاقتصادي الصيني؟

إرباك متعمد

وعملت أذرع إيران من خلال شركائها السياسيين على إرباك العملية السياسية، لما شعرت به من مرحلة جديدة، قد لا يكون لهم فيها تأثيرا، وتحسبا لتضرر مصالحهم على أقل تقدير، وذلك من خلال اصرار الكرد والسنة، وكتلة “التيار الصدري” عن الشيعة في الذهاب نحو حكومة أغلبية من دون مشاركتهم فيها.

وإن تشكيل حكومة بعيدة عن تأثير إيران ونفوذها، يعني أن الأخيرة ستمر في أسوأ ضائقاتها في التسعة عشر عاما الأخيرات، لما تمتع به من نفوذ داخل العراق، استطاعت من خلاله تمويل مشاريعها عبر موارد العراق التي تسيطر عليها أذرعها، فضلا لما توفره لها من ساحة مناورة ضد خصومها عبر النشاطات الإرهابية التي تعتمدها إيران في الضغط.

وفي هذا الشأن، قال المحلل السياسي عادل العنزي لموقع “الحل نت”، إن “طهران تمر بمرحلة صعبة على مدى أخر سنتين في العراق، على أقل تقدير، بسبب ما تواجهه من رفض شعبي، وافتضاح سياستها بشكل تام، والتي كانت تعمل فيها من خلال حجج واهية بايهام الجماهير لتمرير مشاريعها”.

وأضاف أن “النظام الإيراني ماهر في إدارة صراعاته التي طالما كانت عبر الوكلاء الذين تدعمهم في البلدن، والعراق تحديدا، إلا أن تأثيره تراجع”، لافتا في الوقت ذاته، إلى أنه “على الرغم من ذلك التراجع لكن التأثير مازال يمثل تحديا في العراق، ولعل تعطل تشكيل الحكومة مؤخرا وعلى مدى 5 أشهر برغبة المليشيات وأذرعهم السياسية خير دليل على ذلك”.

كما أن “التخلص من ذلك النفوذ، يحتاج إلى موقف وطني حقيقي، يضمن استمرار مشروع ابعادهم عن مراكز السلطة التي يتحكمون من خلالها بمقدرات البلاد والعباد”، مؤكدا أنهم “من دون سلطة سيفقدون حضورهم في المشهد السياسي بمدة ليس بالكبيرة”.

العنزي لفت إلى أن “فقدان الأحزاب السياسية والمليشيات الموالية لإيران، تأثيرها السياسي يعني أن ذلك سينعكس بشكل كبير على مصلحة طهران، وقد يؤثر حتى على مستوى تواجدها في المنطقة بشكل عام”.

للمزيد: العراق.. الميليشيات الموالية لإيران تقتل ضباطاً يحاربون الفساد

استمرار الانسداد السياسي

وفي وقت سابق، فشل مجلس النواب العراقي، بعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، لمرتين، بعد أن فشل في عقدها في السابع من شباط/فبراير الماضي أول مرة، لعدم حضور النصاب الكامل.

وأدى تأخر انتخاب رئيس الجمهورية في العراق، إلى تأخر تشكيل الحكومة، إذ أن أهمية انتخاب رئيسا جديدا، يكمن في تمهيده في تكليف مرشح “الكتلة الأكبر” عددا في البرلمان بتشكيل الحكومة، بحسب الدستور.

ويستمر الخلاف السياسي في العراق، حول تمسك التحالف الثلاثي (يضم الكتلة الصدرية الأكثر عددا نيابيا، وتحالف السيادة الذي يضم جميع القوى السنية بـ67 مقعدا، والحزب الديمقراطي الكردستاني 31 مقعدا، بمشروع تشكيل حكومة “أغلبية”.

فيما يصر “الإطار التنسيقي”، يضم أبرز القوى الشيعية المدعومة إيرانيا بـ(81 مقعدا)، ما عدا “التيار الصدري” الذي يمثل الكتلة النيابية الأكبر عددا بـ(73 مقعدا)، بأن تكون حكومة “توافقية”، يشترك الجميع فيها، وهذا ما لم يقتنع به زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، حتى الآن.

بالمقابل، يستمر الخلاف بين الحزب “الديمقراطي” (31 مقعدا)، وحزب “الاتحاد الوطني الكردستاني” بـ(17 مقعدا)، المقرب من إيران والمنخرط ضم تحالف “الإطار”، حول أحقية منصب رئاسة الجمهورية الذي يشغله الاتحاد منذ ثلاث دورات رئاسية، فيما يحاول الديمقراطي الحصول عليه هذه المرة كاستحقاق انتخابي يمثله بأكبر كتلة نيابية كردية.

ومع عدم توصل الطرفين إلى تفاهمات، أمهل مقتدى الصدر، قوى “الإطار” مدة قوامها 39 يوما، تبدأ من اليوم الأول من شهر رمضان وحتى التاسع من شهر شوال، للتحالف والتفاوض نحو تشكيل الحكومة، بشرط عدم اشتراك “التيار الصدري” فيها.

للمزيد: هكذا تستغل إيران العراق كمكب لمنتجاتها وإنعاش اقتصادها

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة