الأغلبية كانت تتفق على أن حزب “البيت الوطني”، هو أبرز قوى “انتفاضة تشرين” في العراق، وكانت ترى فيه المشروع الذي سينتصر للانتفاضة سياسيا، لكن النتيجة انهيار بعد أقل من عام على تأسيسه لا أكثر.

ما دفع بالتشرينيين والكثير من العراقيين إلى تعليق آمالهم بمشروع “البيت الوطني”، أن قياذاته خرجت من رحم الاحتجاج، وأمانته العامة من ذي قار، التي كانت أقوى المحافظات العراقية احتجاجا في “تشرين”.

اندلعت “انتفاضة تشرين” في تشرين الأول/ أكتوبر 2019، واستمرت 5 أشهر ونصف حتى 15 آذار/ مارس 2020، ثم خفّت حدتها نتيجة القمع المفرط لها من قبل حكومة عادل عبد المهدي السابقة والميليشيات، إضافة إلى تفشي وباء “كورونا”.

خرجت الانتفاضة ضد الفساد السياسي والمالي، وضد البطالة ونقص الخدمات وسوء الواقع المعيشي، وضد التدخل الإيراني في الشأن العراقي، وبعد انتهائها، توجه العديد من متظاهريها نحو العمل السياسي.

كان “البيت الوطني”، من بين عدة قوى تأسست من رحم “تشرين”، لكن ما مبزه عن بقية تلك القوى، هو أن قياداته هي الأكثر ظهورا ومعرفة طيلة فترة “انتفاضة تشرين”.

حسين الغرابي، هو الأمين العام للحزب عند تأسيسه، ومعه عدة أسماء من ناشطين بارزين كانوا في الأمانة العامة للحزب، ومنهم مهتدى أبو الجود وحسين محمود وغيرهم.

مع تأسيس الحزب ومرور الوقت أكثر فأكثر، كان التشجيع للحزب يزداد شعبيا، خصوصا وأن أموال تأسيس الحزب جلبت من خلال التبرعات من المتظاهرين، حتى أن أحد المتظاهرين باع دراجته النارية وتبرع بأموالها إلى “البيت الوطني”.

للقراءة أو الاستماع: مُقاطعون للانتخابات.. “البيت الوطني” يصر على خيار “المعارضة السياسية” بالعراق

فجأة وقبيل الانتخابات المبكرة التي جرت في 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2021، أعلن “البيت الوطني” مقاطعته للانتخابات وعدم مشاركته فيها، بسبب انتشار السلاح المنفلت وعدم محاسبة قتلة المتظاهرين، وفق الحزب.

طمع أمين الحزب بالمال السياسي

بعد ذلك بدأت التخبطات تسود الموقف داخل أعضاء “البيت الوطني”، فضلا عن انسحابات متتالية للعديد من أعضاء الحزب، ناهيك عن اتهام أمين الحزب حسين الغرابي بعقد صففة سياسية للمجيء بمحافظ جديد إلى ذي قار، واتهامات أخرى بتلقي الحزب للرشاوى المالية.

آخر تلك التخبطات، كان فتح لجنة تحقيق من داخل “البيت الوطني” مع الغرابي لعدة قضايا، في وقت سبق الغرابي تلك اللجنة بيومين بانسحابه من منصبه كأمين عام للحزب، وقررت اللجنة تجميد عضويته هو وعدد من أعضاء “البيت الوطني” موقتا.

إزاء كل ذلك، تراجعت شعبية الحزب من قبل جمهور “تشرين”، وصار الغضب هو السائد تجاه “البيت الوطني”؛ لأنه أطاح بحلم الانتفاضة، وتاجر بدماء ضحايا “تشرين” من أجل المال والمصلحة الخاصة، بحسب كثير من ناشطي الانتفاضة.

اليوم، لا مصداقية بأي حديث من أي عضو في “البيت الوطني” لدى الشارع التشريني، وصورة الغرابي ومن معه باتت مشوهة، ولا أمل بإصلاح “البيت الوطني”، فما الذي أدى إلى انهيار أحد أهم قوى “تشرين”؟

أسباب كثيرة وراء الانهيار، بحسب الباحثة السياسية ريم الجاف، “منها الطمع بالجاه الشخصي وبالثروة المالية الخاصة، التي سيطرت على عقل أمين الحزب حسين الغرابي”.

وتقول الجاف لـ “الحل نت”، إن الغرابي هو أساس انهيار مشروع ملايين العراقيين، لا مشروع “البيت الوطني” فقط، بعد أن أصبح ورقة بيد السلطة، على حد تعبيرها.

https://twitter.com/SulaimanALF1970/status/1474491263168630787?t=h1CsBW1dA66P6It_vzwsjg&s=19

وتوضح الجاف، أن الغرابي كان يجتمع بجلسات خاصة مع مستشاري الحكومة العراقية، وكانوا يرفدونه بأموال طائلة لتنفيذ أجندتهم، حسب مصادرها الخاصة.

وتبين، أن الكثير من أعضاء “البيت الوطني” خُدعوا بالغرابي، وبعد معرفتهم بالجلسات الخاصة والأموال التي يتلقاها من الحكومة ومن رئيس الجمهورية برهم صالح، قرّروا الانسحاب من “البيت الوطني”.

انعدام الخبرة ولغة التخوين

عدد من المنسحبين من “البيت الوطني”، نشروا عبر حساباتهم الخاصة بموقع “فيسبوك” سبب انسحابهم، وأغلبهم قالوا إن استئثار حسين الغرابي بسلطة الشخص الأوحد على الحزب، وطاعته للحكومة، وراء انسحاباتهم.

وبحسب مصادر “الحل نت” الخاصة، فإن انسحاب “البيت الوطني” من الانتخابات المبكرة الأخيرة، جاء بعد لقاء الغرابي في صبيحة يوم الانسحاب بمستشاري حكومة الكاظمي.

وفق المصادر، فإن مستشاري الحكومة سلّموا الغرابي أكثر من 10 ملايين دولار دفعة واحدة من أجل الانسحاب من الانتخابات، ليعلن الغرابي عصر ذلك اليوم، مقاطعة حزبه للانتخابات المبكرة.

ليس المال السياسي وحده وراء انهيار “البيت الوطني”، بحسب الجاف، بل انعدام الحنكة السياسية لأعضاء وقيادات الحزب، هي سبب آخر؛ لأنهم لا يمتلكون الخبرة بالعمل السياسي، فقد أتوا من الاحتجاج إلى السياسة مباشرة، دون إشراكهم لشخصيات كفوءة معهم لترشدهم نحو العمل السياسي الصحيح.

وتضيف، أن انعدام الخبرة والكفاءة والحنكة السياسية، ظهرت عندما تقرب “البيت الوطني” من “الحزب الشيوعي”، وصارت مواقفه تتناغم مع “الشيوعي” الذي قاطع الانتخابات المبكرة هو الآخر.

للقراءة أو الاستماع: السيستاني يقترب من قوى “تشرين”: صفعة جديدة للولائيين؟

وتتابع الجاف، بأن الشارع ينفر من “الحزب الشيوعي” ولا يطيقه منذ تحالفه عام 2018 مع “التيار الصدري”، وزاد الغضب تجاهه عندما هاجم “انتفاضة تشرين” في بدايتها وخوّنها، قبل العودة عن تخوينه لاحقا.

وتكمل الجاف، بأن تقارب “البيت الةطني” مع “الحزب الشيوعي” وكثرة لقاءاته به، أدت إلى خفض مقبولية الحزب لدى الشارع، وذلك غلط جسيم، كان على الحزب عدم ارتكابه، على حد تعبيرها.

وتشير إلى أن القشة التي قصمت “البيت الوطني”، هي لغة التخوين التي اتبعتها أمانة الحزب تجاه من بات ينسحب من “البيت الوطني”، ما أدى إلى فضح المنسحبين لأساليب أمين الحزب وقياداته، وتلك كانت النهاية الفعلية للمشروع قبل أن يلج بالعملية السياسية العراقية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.