تعرضت روسيا لواحدة من أكبر خسائرها في العتاد منذ بداية غزوها لأوكرانيا عبر إصابة “موسكفا” السفينة الرئيسية في أسطولها في البحر الأسود في انفجار ذخائر حسب موسكو وفي ضربات صاروخية حسب كييف.

وقالت وزارة الدفاع الروسية، أنه بسبب حريق انفجرت ذخائر على متن السفينة، وتم إجلاء الطاقم بالكامل، موضحة أن التحقيق جار لمعرفة أسباب هذا الحريق، فيما أكدت السلطات الأوكرانية أن السفينة الحربية “موسكفا” أصيبت بصواريخ. وقال الحاكم الأوكراني لمنطقة أوديسا جنوب ماكسيم مارتشينكو إن صواريخ نبتون التي تحمي البحر الأسود سببت أضرارا جسيمة لهذه السفينة الروسية، حسب تقارير صحفية.

وحسب تقرير لقناة الجزيرة، فإن مصادر عسكرية أوكرانية تحدثت عن أن الجيش الأوكراني استخدم طائرات بيرقدار التركية الصنع في إرباك طراد الصواريخ الروسي موسكفا، قبل أن تتم مهاجمته بالصواريخ من طراز نيبتون الأوكرانية الصنع.

ومنذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، برزت طائرات بيرقدار التركية المسيرة كسلاح نوعي وأحد خيارات الردع التي استخدمتها كييف لصد حشود موسكو، المتوزعة على عدة جبهات، ويعتبر هذا الطراز من الطائرات التي استخدمت لأول مرة، في تشرين الأول/ أكتوبر 2021، لضرب الانفصاليين الموالين لروسيا في منطقة دونباس “عوامل ثمينة” في العلاقات الناشئة بين كييف وأنقرة، حسب تقارير صحفية.

حقيقة استهداف السفينة موسكفا

تباين في المعلومات الصادرة عن كل من موسكو وكييف بشأن ما حدث للسفينة الروسية، بالإضافة لتقرير الجزيرة بأن طائرات البيرقدار استخدمت لإرباك السفينة، فيما لم تظهر الأقمار الصناعية أي صور للحادث، ولم يصدر عن الدول الغربية أي تعليق يؤكد إحدى الروايتين.

ويرى الباحث في الشأن الروسي، طه عبد الواحد، في حديثه لـ”الحل نت”، أن المعلومات التي تتحدث عن دور طائرات بيرقدار التركية في استهداف السفينة غير دقيقة، ولم يتم التأكد منها حتى الآن.

أما الكاتب السياسي، صدام الجاسر، فيعتقد في حديثه لـ”الحل نت”، أن السفينة الروسية قُصفت بصواريخ غربية وليست أوكرانية، فبعد زيارة رئيس الوزراء البريطاني مؤخرا إلى كييف، تعهد مع الغرب باستمرار دعم أوكرانيا بالسلاح، ما أثار غضب روسيا التي هددت بقصف قوافل السلاح القادمة لأوكرانيا.

ولذلك جاء الرد الغربي كرسالة موجهة لبوتين شخصيا، من خلال استهداف أوكرانيا للسفينة موسكفا، التي تعتبرها روسيا من أفضل أسلحتها البحرية.

قد يهمك:“رجال القوة” الروس.. الدائرة المقربة من بوتين

حساسية في العلاقات الروسية- التركية

يقول الباحث في الشأن الروسي، ديمتري بريجع، لـ”الحل نت”، أن قيام تركيا بتزويد أوكرانيا بطائرات بيرقدار يستفز روسيا بعض الشيء، والحكومة الروسية لا ترحب بهذه الخطوة التركية، لذلك يمكن القول أن العلاقات بين الطرفين ليست في أفضل أحوالها، ولكن ما يحدث بشكل عام لن يجعل العلاقة سلبية بين الطرفين.

من جهته، قال صدام الجاسر، أن طائرات بيرقدار تم بيعها لأوكرانيا قبل الغزو الروسي لأوكرانيا، لذلك لن يكون لها أي تأثير سلبي على العلاقات الروسية- التركية، وما يمكن أن تعمله روسيا هو الطلب من تركيا عدم تزويد أوكرانيا بأنظمة جديدة من هذه الطائرات، أو بقطع غيار أو برامج لها.

وأوضح الجاسم، أنه من الخطأ الاعتقاد بأن هناك توتر سيحصل بين تركيا وروسيا، بل العكس سيغض الروس الطرف عن استخدام الأوكرانيين للطائرات التركية المسيرة.

إقرأ:“فريق النمر” الأميركي لأوكرانيا.. تصعيد جديد ضد روسيا؟

العلاقات الروسية- التركية إلى أين؟

من الواضح أن العلاقات الروسية- التركية أعمق بكثير من أن تتأثر نتيجة للغزو الروسي لأوكرانيا، ودعم تركيا لأوكرانيا بطائرات مسيرة، وهناك العديد من المصالح الاقتصادية والاستراتيجية بين البلدين تجعل كل منهما يفضل استمرار السياسة الحالة والمتعلقة بأوكرانيا كما هي.

ويرى بريجع، أن الأتراك يستفيدون من الاستثمارات الروسية، وهناك الكثير من رجال الأعمال الروس ذهبوا للاستثمار في تركيا، بالإضافة لتحول البنوك التركية لوجهة جديدة لإيداع الأموال لرجال الأعمال الروس، لذلك فالدولتان لا تريدان خسارة بعضهما

أما طه عبد الواحد، فيرى أنه طالما بقي سيناريو المواجهات العسكرية ضمن حدود أوكرانيا، فإنه لن يؤثر ولا بأي شكل على طبيعة العلاقات التركية-الروسية، روسيا تمارس سياستها التي ترى أنها تخدم مصالحها الوطنية، وتركيا كذلك تفعل، وكلاهما مهتم باستمرار العلاقات بصيغتها الطبيعية، بل وحتى في تطويرها لاسيما في تلك المجالات التي تشهد تعاونا من نوع خاص بين البلدين، مثل صادرات الغاز إلى تركيا، وكذلك عبر تركيا إلى أوروبا، وفي مشروع بناء محطات الطاقة النووية، وفي مجال صادرات المواد الغذائية، لاسيما الخضار والفواكه من تركيا للسوق الروسية، وبالطبع هناك السياحة، حيث يعتمد هذا القطاع في تركيا بشكل كبير على تدفق السياح الروس.

من جهته يرى الجاسر، أن الروس الآن لن يخاطروا بحليف كتركيا، فهم يريدون بيع النفط لأصدقائهم بأي شكل وأي سعر، وتركيا هي أحد أهم حلفاء روسيا على الإطلاق حيث تزودها بالكثير من الخضار والمواد الغذائية، وسيزداد التبادل التجاري بين البلدين في المرحلة القادمة.

ويؤكد أن الجانبان الروسي والتركي يفضلان أن يبقى كل على موقفه، وأن يمارس السياسة التي تناسبه، دون الذهاب إلى توتير العلاقات الثنائية، أو القطيعة، أو المواجهة. بالنسبة لموسكو وأنقرة هذا أمر مهم.

وأضاف أنه مع كل التباينات في المواقف بينهما، تظهر نتيجة هذا النهج في بناء العلاقات من خلال تنسيقهما حول ملفات حساسة بينها الأزمة السورية، والأزمة حول قره باغ بين أرمينيا وأذربيجان، ولا يجوز تجاهل رفض تركيا العضو في الناتو الانضمام إلى العقوبات الأمريكية والأوروبية ضد روسيا، رغم إدانتها الحرب الروسية في أوكرانيا، ورغم أنها كانت أول من قدم الدعم العسكري لأوكرانيا.

قد يهمك:خسائر روسيا في أوكرانيا.. ما علاقة تركيا؟
 وختم عبد الواحد، على الجانب الرسمي الروسي، لا نسمع أي ادانات أو شجب لهذه السياسة التركية، ما يعني أن موسكو مرتاحة لهذا الشكل من العلاقات، وإن كانت تفضل بالطبع أن تغير أنقرة موقفها حيال عدد ليس بقليل من القضايا، ليكون أقرب إلى الموقف الروسي، أو على الأقل، ألا يتعارض معها جذريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة