“قرقيعان وقرقيعان.. بين قصير ورميضان”، بهذه الكلمات يستقبل الأطفال بمحافظة البصرة أقصى جنوب العراق، النصف من شهر رمضان، مرددين أنشودتهم الشعبية وهم يرتدون ملابسا خاصة.

حيث اعتادت المدينة القريبة من دول الخليج من حيث العادات والتقاليد، على إحياء يوم الخامس عشر من رمضان بفعالية “قريقعان” التي تتفرد بها إلى جانب دول الخليج، من دون محافظات العراق الأخرى.

أقرأ/ي أيضا: “الدولة العميقة”.. دراما عراقية تحاول تجسيد الواقع السياسي

القرقيعان وذكريات الأجداد

احتفالية “القرقيعان” عادة تراثية يعرفها البصريون، وتشبه ما هو موجود في دول الخليج ويتحراها الأطفال منتصف رمضان ويتذكر بها الكبار ذكريات الزمن الجميل.

وعلى الرغم من أن الحداثة والتحولات الاجتماعية التي عاشها العراق في آخر عقدين نتيجة أحداث عدة، إلا أن “القرقيعان” ظلت عادة وتقليد شعبي يحتفظ به أهالي البصرة، حيث يملئ الأطفال الأحياء في ليالي منتصف رمضان وتوزع عليهم الحلوى بعد ترديد أنشودة القرقيعان، وذلك بعد صلاة العشاء.

واعتادت العوائل البصرية، أن تلبس الأطفال ملابس الزي العربي التقليدية، “دشداشة” أو “الجلابية” وطاقية على الرأس، وفي يده كيس ملون مشابه للطاقية التي يرتديها، من القماش تقوم الأمهات بخياطته لأبنائها خصيصا لهذه المناسبة، ومنهم من يعلقها في رقبته، أما البنات الصغار يلبسن الفساتين الشعبية أو كيس قماش نفس لون الفستان، ويلفون على البيوت ويطرقون الأبواب وأهل البيت يعطونهم حلوى ومكسرات.

ويقول أحمد الراجحي (37 عاما)، من أهالي البصرة، لموقع “الحل نت”، إن “القرقيعان جزء من الموروث الشعبي لمحافظة البصرة وأهلها الذين يحاولون جاهدين الحفاظ على جزء مما تبقى من عادات وتقاليد الزمن الجميل بعد أن دثرت الحداثة كل شيء”.

ويضيف أن “هذا التقليد لم يتفق على جذور ظهوره في أول مرة، فهناك من يقول أنه يعود لما قبل ظهور الإسلام، وهناك من ينسبه لذكرى ولادة الإمام الحسن سبط رسول الله محمد والإمام الثاني عند الشيعة”.

ويعد القرقيعان، “فرصة لغرس العادات والتقاليد في تعاليم الأطفال للحفاظ على هوية المدينة وأهلها، فضلا عن ما يسهم فيه من تعليمهم مد يد العون ومساعدة الآخرين، ولهذا تجد أهالي البصرة الأصلاء يحافظون على هذا الموروث”، بحسب الراجحي.

https://twitter.com/7serc1/status/1515482337387106305?s=21&t=PruOEnj0IZOmjgmsZOzQdg

أقرأ/ي أيضا: لم يحدث منذ ربع قرن.. رمضان سيحل مرتين بهذا العام

معنى القرقيعان؟

للقرقيعان، أكثر من معنى، منها أن القرقيعان أتت من كلمة «قرة العين» والمقصود “قرة عين النبي محمد”، ومنهم من يقول إن الاسم مأخوذ من اللغة العربية “قرع الباب”، إذ كان الأطفال قديما يقرعون الأبواب للحصول على هديتهم، وهناك من يعيد أصل الكلمة إلى “قرة العين” تعبيرا عن شعور الصائمين بالفرح لانتصاف شهر رمضان.

وفي احتفال “القرقيعان” تبدأ محال الحلويات والمكسرات بالتحضير والاستعداد لليوم الرمضاني المميز منذ وقت مبكر، لتلبية طلبات المواطنين الذين ما زالوا مهتمين بالحفاظ على هذه العادة التراثية، وشراء القرقيعان إما بالكيلو ثم تعبئته، أو بعبوات مغلفة وجاهزة.

وبالرغم من أنه مؤخرا، تراجعت فكرة اللف في الشوارع، وأصبح عدد الأطفال الذين يجوبون الشوارع بشكل محدود، إلا أن المناسبة بقيت محافظة على نفسها داخل بيوت العوائل البصرية.

أقرأ/ي أيضا: دراما رمضان العراق: انتعاشة أم نكسة؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.