على الرغم من تردي الأوضاع الاقتصادية في سوريا، إلا أن المواطنين لا يدخرون جهدا في البحث عن أي وسيلة تمكنهم من العيش، حيث باتت رحلة البحث عن العمل في سوريا صعبة جدا، ومحفوفة بالعديد من المشاكل و الشروط المجحفة بحق طالبي العمل، سواء كانوا من أصحاب الاختصاصات أم لا.

وخلال الأعوام الأخيرة حدثت ارتفاعات كبيرة شملت مختلف الأسعار، غير أن الأجور والرواتب للموظفين وخاصة في القطاع الخاص لا تزال شبه ثابتة وغير قادرة على مجاراة ما يجري من ارتفاع للأسعار.

استغلال لحد الاستعباد

في سياق العمل في القطاع الخاص، وأجوره وساعات العمل، نقلت صحيفة “الوطن” المحلية، اليوم الاثنين، تجارب مواطنين يتعرضون للاستغلال من قبل أرباب عملهم، حيث نقلت عن إحدى الموظفات في شركة للحوالات وصفها للعمل بأنه استعباد، حيث تعمل لمدة 8 ساعات يوميا، مع وقت إضافي في بعض الأحيان دون أي تعويضات، فيما لا يتجاوز راتبها الشهري 90 ألف ليرة.

ولا تنحصر هذه الأعمال على القطاع الخاص داخل سوريا، إذ وصلت إلى الشركات الخارجية التي تطلب أعمالا على الإنترنت من المنزل، حيث يتم العمل لساعات طويلة أيضا وبراتب لا يتجاوز 100 ألف ليرة، مع عطلة ليوم واحد في الأسبوع.

ومن جهة ثانية، يرفض معظم أصحاب العمل رفع الأجور للعمال أو الموظفين، معللين أن الزيادة في الراتب تؤثر على رأس المال خاصة لدى التجار.

قد يهمك:هل يصل الحد الأدنى للرواتب بسوريا إلى 900 ألف؟

قانون العمل حبر على ورق

تعتبر قوانين العمل في معظم الدول مهمة جدا لما فيها من حماية لحقوق العمال، ورعاية مصالحهم ابتداء من تحصيل حقوقهم بشكل رضائي ووصولا للمحاكم الإدارية والعمالية في بعض الحالات.

وفي هذا الجانب، نقلت “الوطن” عن مدير العمل في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل محمود دمراني، أن الوزارة تعمل على حماية حقوق العمال الخاضعين لأحكام قانون العمل رقم (17) لعام 2010 وحصولهم على الأجر الذي يستحقونه مقابل ساعات العمل، وضمان حق العامل في الراحة الأسبوعية والإجازات السنوية والعطل والمناسبات الرسمية، إضافة إلى الضمان الاجتماعي المتمثل في التسجيل لدى فرع المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية.

وأضاف دمراني أن المادة 72 من قانون العمل نصت على أنه يحدد الأجر في عقد العمل الفردي، أو بالاستناد لاتفاق العمل الجماعي، أو للنظام الأساسي للعمل في المنشأة، أما إذا لم يحدد الأجر بأي من هذه الطرق استحق العامل الحد الأدنى للأجر في المهنة أو الحرفة ذات العلاقة، موضحا أنه يجب على صاحب العمل أن يشترك عن العامل بالتأمينات الاجتماعية وفق الأجر الحقيقي الذي يحصل عليه العامل وليس وفق الحد الأدنى العام للأجور وإلا اعتبر مخالفا لأحكام قانوني العمل والتأمينات الاجتماعية.

وأشار دمراني إلى أنه لاحظ في معرض عمله أن نسبة عظمى من الأجور في العقود التي ترد إليه للتسجيل في التأمينات الاجتماعية تتراوح بين 150-200 ألف ليرة، وهذا يعتبر أجرا جيدا، لافتا إلى أنه في كثير من الأحيان يتم تحديد أجر قليل في بداية العمل قد لا يتجاوز بكثير الحد الأدنى للأجور ويسجل في العقد، مع إعطاء وعود للعامل بزيادته بشكل تدريجي خلال العمل.

ويستطيع العامل الشكوى في حال عدم الالتزام، مبينا أن قانون العمل يشير إلى أن عمال القطاع الخاص الحق في الزيادة الدورية للأجور مرة كل سنتين بنسبة 9 بالمئة كحد أدنى والترفيع الدوري تبعاً لجهودهم المبذولة في العمل.

ولكن وفي الواقع فإن ما ينص عليه قانون العمل لا يتجاوز حدود الورق المدون فيه حسب مختصين، فخلال السنوات السابقة، لم تعد القوانين تطبق كما في السابق، وذلك نتيجة لاستشراء الفساد خاصة في المؤسسات التي تعنى بشؤون العمال وموظفي القطاع الخاص.

وحسب متابعة “الحل نت”، فإن الجهات المسؤولة في مديريات العمل لا تقوم بعملها بشكل جيد، خاصة في وضع حد للمخالفين لقانون العمل من أصحاب العمل، وتحرير مخالفات بحقهم، بسبب انتشار الرشاوى التي باتت السبيل لحل أي خلاف مع الجهات الحكومية.

إقرأ:دمشق.. مقترح بزيادة رواتب الموظفين إلى 100 دولار شهريا

أسباب تدني الرواتب

وفي سياق متصل، نقلت “الوطن”، عن الأستاذ الجامعي في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق شفيق عربش، أن  الظروف الاقتصادية وارتفاع أسعار المواد الأولية وأجور الشحن وما إلى ذلك ليس لها أي تأثير على تدني رواتب الموظفين في القطاعات الإنتاجية، لكون أرباب العمل حمّلوا جميع التكاليف وارتفاع الأسعار والرسوم والضرائب على سعر المنتج الأخير.

وأضاف عربش، أن قانون العمل الأساسي في الدولة من أسوأ القوانين التي صدرت في سورية، لأنه جاء لمصلحة أرباب العمل على حساب العامل، إضافة إلى أنه قتل الحافز عند العاملين في الدولة، لكونه يعامل جميع الموظفين سوية مقابل راتب موحد، سواء كان هذا العامل يعمل أم لا، إضافة إلى عدم وجود توصيف وظيفي ولا منافسة للحصول على المراتب الأعلى في الوظيفة، واصفا مشروع الإصلاح الإداري الذي تتحدث عنه وزارة التنمية الإدارية بـ”مجرد كلام” وخاصة أن الجهات العامة هي أول من تخترقه.

قد يهمك:مطالبات برفع رواتب السوريين لمعالجة إلغاء الدعم الحكومي

ومن الجدير بالذكر أن يتم رفع وتحديد الأجور في القطاعين الخاص والعام بشكل يتناسب مع الأوضاع الاقتصادية الحالية، بسبب التفاوت الكبير بين الدخل والاحتياجات،واستمرار الوضع بهذا الشكل سيؤدي إلى مزيد من الفساد والمحسوبيات.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.