مع بقاء أيام على عيد الفطر، الذي يوافق نهاية شهر رمضان، ينشغل الناس بالتحضير للاحتفال بالعيد الذي يستمر ثلاثة أيام. وفي سوريا، يندفع الناس إلى الأسواق العامة ومراكز التسوق لشراء ملابس وهدايا العيد الجديدة للاحتفال بهذه المناسبة، خاصة خلال العشر أيام الأخيرة من شهر رمضان.

ولكن الأمور مختلفة في الوقت الحالي في سوريا، البلد الفقير الذي مزقته الحرب وانتكاسات الاقتصاد، حيث يشتكي معظم الناس بمرارة من الارتفاع الصاروخي في أسعار السلع، وخاصة الملابس. حيث أدى ارتفاع أسعار الملابس لإفساد فرحة العيد.

لباس العيد غير ممكن

أكدت صحف محلية، أن إقبال العائلات السورية هذه الأيام على شراء كسوة العيد رافقه زيادة في الأسعار وصلت إلى 40 بالمئة، وبحسب استطلاع أجرته صحيفة “الوطن” المحلية، اليوم الأحد، لرصد واقع سوق الملابس، حيث أثر تراجع الليرة وصعود الدولار على أسعار الملابس في سوريا.

وأبلغ مواطنون الصحيفة، أنه لشراء كسوة العيد للصغار بلغ سعرها 100 ألف ليرة على الأقل، فطقم الجينز أو الكتان يتراوح سعره بين 60 و75 ألف ليرة، والأحذية ما بين 30 و45 ألف ليرة، فيما قال آخرون إن سعر البلوزة القطنية يتراوح بين 30 و40 ألف ليرة.

وصرحت أم لطفلين، أن تكاليف هذا العام “لاذعة”، وأن قلة من الأفراد فقط سيتمكنون من شراء كسوة العيد لأطفالهم. وتابعت قائلة: “جولتي بسوق ابن رشد كانت سببا كفيلا بامتناعي عن شراء ألبسة العيد لطفليّ”.

وبحسب أم تحدثت لذات الصحيفة، فإن تكلفة ملابس الأطفال هذا العام أكثر من العام الماضي، وهي تزداد كل عام. وأضافت أنها تجولت في العديد من المتاجر في أسواق حماة، منها “الدباغة وابن رشد وساحة العاصي”، لكنها اختارت عدم شراء ملابس لطفليها لأن الأموال التي كانت لديها لم تكن كافية لذلك.

بينما قال أحد السكان، إن بعض البائعين غير ملتزمين بسعر الإعلان المعلق على الملابس أو الأحذية، فالسعر المعلن عنه وسعر البيع هما شيئان مختلفان. وأوضح أنه جادل أحد الباعة في ذلك، وأرغمه على التقيد بالسعر المدون على بنطال لطفله الصغير 38 ألف ليرة، بدلاً من السعر الذي طلبه وهو 48 ألف ليرة، وذلك بعد أن هدده بالتموين.

للقراءة أو الاستماع: قفزة جديدة في أسعار الألبسة بسوريا

التموين يتهرب من المسؤولية

وبحسب ما نقلته الصحيفة، فقد ارتفعت الأسعار هذا العام بنسبة 40 بالمئة مقارنة بالعام السابق. وأن الشراء والبيع في موسم عيد الميلاد يقتصر على عدد قليل من الأشخاص الذين يتمتعون بوضع مالي أفضل من المتوسط​​، وكذلك أولئك الذين لديهم ابن أو شقيق في الخارج يرسل إليهم التحويلات المالية.

الباعة في سوق الملابس، يقرون أن المغتربين هم المحرك الحقيقي لأعمالهم، مضيفين أن ارتفاع الأسعار يعود إلى تكاليف الإنتاج ورسوم الشحن، وأن مصانع الألبسة في حماة وحلب ودمشق رفعت أسعارها لمواكبة ارتفاع تكاليف المواد والإنتاج، وكذلك متطلبات العمل، مثل الطاقة البديلة.

وأشار بعضهم، إلى أن تكلفة طقم الولادة قد يتراوح من 50 ألف ليرة سورية إلى 200 ألف ليرة، اعتمادا على النوع والعلامة التجارية.

ورداً على الأسئلة حول الأسعار ودور الرقابة في ضبطها، قال رئيس دائرة الأسعار في مديرية التجارة الداخلية بحماة أحمد حوراني، إن أسعار ملابس الأطفال تخضع للقرار الوزاري رقم 1201 لعام 2019. والذي ينص على أن المنتج يقدم فواتير التكلفة من المواد الخام والعمليات التي تخضع لمسؤوليته، والتي يتم التصديق عليها من قبل المديرية.

وأوضح أن المديرية ليس لها رأي في تسعيرها ولا تتدخل إلا إذا كان هناك سؤال أو شكوى، وفي هذه الحالة تأخذ حماية المستهلك عينة وتحللها، وتتخذ لجنة خاصة قرارا، ويكون المنتج مخالفا إذا ثبت أنه ينتهك المرسوم 8 لعام 2021.

من جانبه بيّن مدير التجارة الداخلية، رياض زيود، إنه تم تنفيذ عدة عمليات ضبط بحق البائعين والتجار المخالفين منذ بداية الشهر الجاري. وأوضح أن من تلك الضبوط 72 مخالفة، والمشمولون بها بسبب عدم الإعلان عن الأسعار – ومنها ألبسة – وحيازة فواتير. ولفت إلى أنه تم اتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.

للقراءة أو الاستماع: “البالة” تقترب من أسعار الألبسة الجديدة في اللاذقية

غلاء في سوق الجديد والبالة

 ارتفاع أسعار الألبسة هذا العام، يبدو أنه سيحرم الكثير من الأطفال السوريين من فرحة العيد، حيث شهدت معظم أسعار الألبسة قفزات كبيرة، تزامنا مع انخفاض الطلب على الألبسة الجديدة واتجاه الناس إلى “أسواق البالة” التي شملها ارتفاع الأسعار هي الأخرى.

رئيس القطاع النسيجي وعضو غرفة التجارة في دمشق وريفها مهند دعدوش، اعتبر في تصريح أمس السبت، أن موسم الألبسة الحالي في سوريا، هو الأضعف في البلاد منذ 30 عاما، وذلك بالنظر إلى حركة السوق خلال 20 يوم من شهر رمضان، حيث سجلت نسب البيع تراجعا واضحا نتيجة ضعف القدرة الشرائية للمواطنين.

وأكد دعودش خروج العديد من الصناعيين ومنتجي الألبسة من سوق العمل، وذلك نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج، حيث ارتفعت أسعار الطاقة والضرائب بمقدار 8 – 9 أضعاف، الأمر الذي أثر على بعض الصناعيين وأدى لخروج نسبة منهم من سوق العمل.

ونتيجة لارتفاع أسعار الألبسة، وانخفاض القوة الشرائية للأهالي، ظهرت خلال السنوات الماضية ما يسمى بـ“أسواق البالة“، وهي أسواق شعبية لبيع الألبسة المستوردة المستعملة، بأسعار رخيصة نوعا ما.

يتراوح سعر شراء قميص في البالة، ما بين 5 و15 ألف ليرة سورية. بينما يمكن شراء السراويل والسترات ما بين 10000 و25000 ألف ليرة سورية. وبالنسبة لشراء الأحذية فيتراوح المبلغ ما بين 25 إلى أكثر من 100000 ليرة سورية.

الجدير ذكره، أن ارتفاع تكلفة الألياف الاصطناعية، التي تتنافس مباشرة مع القطن، جاء بعد الارتفاع الهائل في أسعار النفط. فمع اقتراب سعر الذهب الأسود من أعلى مستوى له منذ سبع سنوات، ارتفع الطلب على المنسوجات. حيث إن التجار لجؤوا إلى تخزينها لحماية أنفسهم من التكاليف الباهظة التي يتوقعون رؤيتها قريبا.

للقراءة أو الاستماع: ألبسة “ستوك” تملىء الأسواق السورية

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.