لم يصدر حتى الآن أي بيان رسمي من البنك الدولي، يفيد من خلاله تجميد مشروع نقل الغاز والكهرباء إلى لبنان عبر سوريا، إلا أن صحيفة لبنانية أشارت وفق مصادرها بأن “البنك الدولي” متجه إلى تجميد هذا المشروع لحاجته إلى دراسة الجدوى السياسية له.

صحيفة “الأخبار” اللبنانية، نشرت في الـ 21 من نيسان/أبريل الجاري، تقريرا يتحدث عن قرار يعطل الصفقة، “رغم ما تشيعه السفيرة الأمريكية في بيروت، دوروثي شيا، عن مساعي بلادها لتحقيق الاستقرار في لبنان ومساعدته على تجاوز أزمته الاقتصادية، والترويج عن قرب إقرار صفقات جر الغاز المصري واستجرار الكهرباء الأردنية”.

وذكرت الصحيفة أن قرارا سياسيا مفاجئا صدر عن “البنك الدولي” قبل أيام، من شأنه تعطيل صفقة نقل الغاز المصري واستجرار الكهرباء الأردنية إلى لبنان عبر سوريا، ما يثير التساؤلات حول احتمال الإغلاق النهائي لملف هذا المشروع بوجه بيروت ودمشق دون تفعيله، ما قد يعني أن مخطط دمشق من أجل إعادة تعويم نفسها اقتصاديا وسياسيا سيكون مصيره الفشل، وبأن الاستفادة الاقتصادية التي كانت تنتظرها دمشق باتت مُعلّقة إلى أجل غير مسمى.

ترتيبات لم تجد نفعا؟

سبق القرار غير الرسمي البنك الدولي”، زيارة قام بها وزير الطاقة اللبناني وليد فياض، إلى القاهرة قبل أيام، وأنجز الترتيبات النهائية للاتفاق مع الجانب المصري على استجرار نحو 650 مليون متر مكعب من الغاز عبر الأراضي السورية، ونجح في تجاوز عقبات في النصوص ما يسهل على الجانب المصري الموافقة من دون تحفظات، علما أن مصر والأردن تشترطان وجود موافقة مسبقة من وزارة الخزانة الأميركية لعدم شمول شركات البلدين بعقوبات قانون “قصير”.

من جانبه قال وزير الطاقة اللبناني وليد فياض في تعليقه على تجميد “البنك الدولي”، لتمويل المشروع أنه تفاجأ من عدم موافقة البنك التي جاءت تحت عنوان دراسة الجدوى السياسية للمشروع، لاسيما أن خطة الكهرباء استجابت للشروط التي طالب بها البنك، وفقا لموقع “الشرق”.

وأضاف وزير الطاقة أن ورقة الضمانات الأميركية التي ستعطى لمصر لتجنب عقوبات قانون “قيصر” تؤكد على ضرورة الحصول على التمويل.

الباحث السياسي، صدام الجاسر رأى خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن مشروع نقل الغاز والكهرباء عبر سوريا منذ بدايته مشروع سياسي بالدرجة الأولى، واقتصادي بشكل ثانوي، وبأن أهم أهدافه تعويم حكومة دمشق بطريقة كان يفترض أن تكون عربية وانتشالها من الحضن الإيراني، لكن يبدو أن هذه الطريقة فشلت، والأمور لم تكن بالسهولة التي تخيلها البعض، بحسب تعبيره.

ويضيف الجاسر، “هناك نقطة ثانية، وهي المصريين اتخذوا موقفا مخالفا تقريبا للموقف الأميركي من الغزو الروسي لأوكرانيا، فقد تحفظت مصر على فرض العقوبات على روسيا، كما لم تقطع علاقاتها مع موسكو، لذلك يبدو أن مصر أيضا مستهدفة من قرار البنك الدولي، لوضع حد لجهودها بأن يكون لها دور على المستوى العربي خاصة في سوريا”.

قد يهمك:الكهرباء الأردنية تصل سوريا في شهر آذار.. ماذا عن الغاز المصري؟

دمشق خارج نطاق الفائدة من المشروع؟

وزير الطاقة اللبناني، كان قد أشار في تصريحاته الصحفية أنه لا يعرف ما معنى الجدوى السياسية التي يتحدث عنها “البنك الدولي” والتي هي حجة لهذا التأخير، مشيرا إلى أنه على تواصل مستمر مع إدارة البنك الدولي والسفيرة الأميركية دوروثي شيا، والسفيرة الفرنسية آن غريو، ومع إدارة البنك الدولي في المنطقة، “الكرة الآن في ملعبهم لبدء مرحلة المفاوضات الرسمية التي هي مرحلة أساسية للتمويل”، مضيفا أنه أنه لم يتبلغ رسميا من البنك الدولي أن هناك تأخيرا.

ومن جهة ثانية وخلال سعي كل من مصر والأردن للحصول على إعفاء من وزارة الخزانة الأميركية، اشترطت الأخيرة قبل منح الإعفاء ما يلي، الموافقة على التمويل من البنك الدولي لضمان سير العملية وطريقة دفع الأموال، و عدم السماح للحكومة السورية بالحصول على أي مبالغ بالعملة الصعبة واقتصار حصتها على كمية عينية من المواد المستجرة، سواء كانت من الغاز المصري أو الكهرباء الأردنية، و ضمانة لبنانية باحترام الاتفاق وعدم إخضاعه لحسابات سياسية في لبنان.

ونتيجة للقرار الأخير للبنك الدولي، فإن مخطط دمشق من أجل إعادة تعويم نفسها اقتصاديا وسياسيا سيكون مصيره الفشل، كما أن الاستفادة الاقتصادية التي كانت تنتظرها دمشق باتت في مهب الريح.

وحسب صدام الجاسر، فإن دمشق ستتأثر بشكل كبير بالقرار، فسوريا منهكة اقتصاديا وبحاجة لأي مورد اقتصادي مهما كان حجمه، ومن الناحية السياسية سيتأثر التعويم العربي لحكومة دمشق بهذا القرار، “المشروع يبدو أنه سيتم تجميده لمدة غير محددة بعد”.

إقرأ:السلطات السورية تحاول تعويم نفسها سياسياً عبر “خط الغاز” العربي!

لم تنجح دمشق التي كانت تأمل بتمرير المشروع، بالاستفادة منه وإن كان على شكل طاقة كهربائية، حيث يبدو أنه بات كل شيء يرتبط بالحلول السياسية المتوقفة في المنطقة، ابتداء من التوصل لحل سياسي في سوريا، ووصولا إلى توافق سياسي لبناني ينهي هيمنة “حزب الله” ومن خلفه إيران على الدولة اللبنانية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.