وفقا لوكالة الأمم المتحدة للاجئين، يعيش أكثر من 98 بالمئة من اللاجئين السوريين في تركيا خارج المخيمات في ظل ظروف صعبة ومحفوفة بالمخاطر في كثير من الأحيان، حيث تستضيف تركيا أكثر من أربعة ملايين لاجئ، بما في ذلك أكثر من ثلاثة ملايين سوري، يخضع وجودهم بشكل متزايد للتدقيق العام، إذ تلقي شخصيات الطيف السياسي باللوم عليهم في الأزمة الاقتصادية في البلاد.

مؤخرا، وبسبب قرب الانتخابات التركية، والتي غالبا ما يكون اللاجئين هم وقودها، تعتزم تركيا إعادة 1.5 مليون لاجئ إلى بلادهم من خلال تحسين العلاقات مع دمشق، في غضون 15-20 شهرا.

التماس دعم دمشق

وفقا لموقع “الجريدة التركية”، فإن السلطات في أنقرة تعمل على تسريع مبادرات العودة الآمنة للاجئين. لا سيما وأن الدولة التركية تروج إلى أنها أحرزت تقدم كبير في مشاريع البناء الصناعي المنظمة في مناطق عمليات “درع الفرات” و”نبع السلام” و”غصن الزيتون” في شمال غربي سوريا.

ووفقا للتقرير الذي نشرته الجريدة، اليوم الاثنين، واطلع عليه “الحل نت”، فإنه تم إجراء تحليلات ميدانية لـ 200 ألف منزل بتمويل من قطر، فيما تواصل المحادثات مع دمشق، لا سيما بشأن اللاجئين حيث يريد الجانب التركي، دعما من دمشق في هذا الصدد.

وبدا المطلب الأساسي لتركيا في حركة المحادثات الدبلوماسية التي بدأت مع دمشق، هو تجديد سجلات السكان والسجلات العقارية الرسمية على أساس ما قبل عام 2011. لأنه خلال السنوات السابقة، صودرت منازل وأراضي مئات الآلاف من السوريين، وهذا الوضع، إلى جانب المخاوف الأمنية، هو أكبر عقبة أمام العودة.

وبالتوازي مع ذلك، هناك مطلب آخر لتركيا وهو تحديث السجلات السكانية في الرقة ودير الزور وحمص ودمشق واللاذقية وحماة وطرطوس والحسكة، واستبدال التركيبة السكانية التي يتم محاولة تغييرها في إطار الوحدة السورية، ولا سيما منطقة إدلب.

للقراءة أو الاستماع: تنسيق استخباراتي تركي سوري.. أنقرة باعت ملف اللاجئين؟

خطة العودة التركية

وطبقا لما نشرته الجريدة، فإن تركيا تعتزم إعادة 700 ألف، تحت ضمانات الحياة الآمنة وعودة الممتلكات الخاصة، وسيتبع ذلك التعاون الاقتصادي، حيث في هذه المرحلة، ستفتح تركيا ممرات تجارية وإنسانية من خطوط إدلب وحلب واللاذقية والحسكة وحماة، وستفعل قنوات التبادل التجاري وعودة اللاجئين.

الصحيفة استشهدت بحديث رئيس حركة “تركمان سوريا الديمقراطية”، عبد الكريم آغا، والذي قال إن آلاف السوريين في تركيا وأوروبا والأردن ولبنان يريدون العودة إلى بلادهم، إذا كانت تركيا هي الضامن لعدم تعرضهم للتعذيب وإعادة ممتلكاتهم.

فيما ذكر آخر سفير لتركيا في دمشق، عمر أونهون، بأن قضية اللاجئين أصبحت أهم أجندة السياسة الداخلية، ولخص النقطة التي تم التوصل إليها على النحو التالي: “عانت كل من تركيا وسوريا من أضرار جسيمة من هذه العملية الحربية، وأعتقد أن باب العودة إلى ما قبل 2011 لا يزال مفتوحا لكلا البلدين”.

وأوضح أونهون، أنه ذلك ربما لا يكون بنفس الكثافة في البداية، لكن كلا الجانبين يحتاج إلى بعضهما البعض. ولا يوجد خاسر واحد في هذه الأزمة. والاستقرار في مصلحة الجميع من جميع النواحي. والسلامة هي العامل الأول في هذه المرحلة. وإذا تم استيفاء الحد الأدنى من الظروف المعيشية للاجئين السوريين، فسيعود الناس بشكل كبير إذا تم إقناعهم بأنهم لن يتعرضوا للمضايقة أو القتل أو السجن.

للقراءة أو الاستماع: مسؤولون أتراك ينشرون مغالطات بحق اللاجئين السوريين بتركيا

اللاجئون السوريّون في تركيا.. ملف مساومة

تشير الأدبيات الحديثة حول تأثير اللاجئين على السلوك الانتخابي في البلدان المضيفة، إلى أن وجود اللاجئين ومن ضمنهم السوريين يتسبب في تراجع الدعم للأحزاب الحاكمة وزيادة أصوات الحركات المعارضة داخل البلاد، وهذا ما قد يحدث مع تركيا خلال الانتخابات المقبلة بعد حوالي عام من الآن.

فعلى مدار السنوات الماضية، يستغل مسؤولون وشخصيات تركية باستمرار ملف اللاجئين السوريين في تركيا تحقيقا لمصالحهم، بينما تنتشر عشرات الادعاءات التي لا أساس لها من الصحة بحق السوريين في البلاد.

ورغم التوضيحات المتواصلة التي يُعلن عنها من قبل الدوائر الحكومية التركية، إلا أن العديد من المسؤولين يواصلون التصريح بمعلومات مضللة كأعداد مواليد السوريين في ولاية هاتاي أو عدد السوريين الحاصلين على الجنسية أو مواضيع أخرى.

ومن آخر المغالطات التي نشرت عن اللاجئين السوريين في تركيا، ما صدر عن رئيس بلدية هاتاي، لطفي سافاش، حيث زعم، أن “من كل أربعة مواليد جدد في ولاية هاتاي، هناك ثلاثة سوريين، وفي حال لم يتم اتخاذ إجراء حول ذلك، سيتم تسليم البلدية للسوريين بعد مرور سنوات”.

ومع تكرار العديد من الادعاءات بحق اللاجئين السوريين في تركيا من قبل مسؤولين وشخصيات تركية، يبدو أن هناك اتجاه مستقر في التعامل مع ملف اللاجئين السوريين والذي بات يغذي خطاب الكراهية خلال السنوات الأخيرة.

ومؤخرا، تحولت قضية اللاجئين السوريين إلى ورقة مساومة بين حزب “العدالة والتنمية” الذي يتزعمه الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وأحزاب المعارضة قبل الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقرر إجراؤها في حزيران/يونيو 2023، لا سيما بعد تصريحات ‏وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، الأربعاء الفائت، والتي أفاد فيها، بوجود تواصل استخباراتي بين أنقرة ودمشق، حيث اعتبر أن ذلك سيكون لبحث عدة ملفات منها عودة اللاجئين، مشيرا إلى إمكانية تطوير هذا التواصل. ومؤكدا أنهم بدأوا مرحلة جديدة لإعادة السوريين إلى بلادهم بشكل طوعي وآمن، بالتعاون بين 4 دول هي تركيا والأردن والعراق ولبنان.

يذكر أن عدد اللاجئين السوريين المسجلين تحت بند “الحماية المؤقتة” في تركيا، وصل إلى 3 ملايين و710 آلاف، في حين وصل عدد السوريين من حاملي إقامات العمل والدراسة إلى مليون و207 آلاف، وذلك وفق إحصائية صرح بها وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، منتصف أيلول/سبتمبر الماضي.

للقراءة أو الاستماع: بسبب “إجازات العيد”.. سوريون في تركيا يتعرضون للاستغلال

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.