تزداد حياة السوريين صعوبة مع ارتفاع أسعار المواد الأساسية، وتعددت أسباب هذا الغلاء، الذي بدا غير عادي منذ بداية العام الجاري، خاصة في بداية شباط/فبراير الماضي، عندما سحبت الحكومة الدعم عن شريحة واسعة من المواطنين، تلاها الغزو الروسي لأوكرانيا، حتى ارتفعت الأسعار بشكل جنوني في الأسواق، وذلك ما أدى لازدياد نسب الفقر بشكل غير مسبوق.

الفقر أكثر من 90 بالمئة

تشير الأرقام الصادرة عن منظمات الأمم المتحدة ووكالاتها الرئيسية، والتي تُجمع بحسب تقاريرها الدورية وتصريحات مسؤوليها على أن نسبة انتشار الفقر في سوريا تزيد اليوم على 90 بالمئة، وهي نسبة تمّ استنتاجها إما من خلال الخلاصات المبنية على خط الفقر الأممي البالغ 1.90 دولار للفرد في اليوم، أو من خلال نتائج مسوح الأمن الغذائي للأسر السورية، والتي نفذت بالتعاون مع الحكومة السورية، وآخرها كان في عام 2020، بحسب موقع “الجمل” المحلي.

وبحسب الموقع، تشير التقديرات غير الرسمية إلى أن معدل انتشار الفقر اليوم في سوريا يُراوح ما بين 90 و95 بالمئة، وذلك استنادا إلى الارتفاع غير المسبوق في معدل التضخم خلال عامي 2020 و2021 والأشهر الأولى من العام الحالي، وفشل السياسات الحكومية في إنعاش العجلة الإنتاجية للبلاد بالشكل والمستوى المطلوبين.

ووفق مراكز بحثية مختصة، فإن الحديث عن انتشار الفقر بين أكثر من 90 بالمئة من السوريين، أمر موضوعي حسب بعض مؤشرات الوضع الراهن والمتعلّقة بحصة الفرد المتحققة من الاحتياجات الغذائية وغير الغذائية، حيث تُظهر النتائج الرسمية لمسح الأمن الغذائي الذي جرى نهاية عام 2020، أن 8.3بالمئة من الأسر تعاني من انعدام شديد في أمنها الغذائي، و47.2 بالمئة تعاني من انعدام متوسّط، و39.4 بالمئة تتمتع بأمن غذائي مقبول، لكنها معرضة لانعدام أمنها مع أي صدمة، وهناك فقط 5.1 بالمئة من الأسر تم تصنيفها على أنها آمنة غذائيا.

قد يهمك:ازدياد عدد شرائح الفقراء في سوريا

الفقر ازداد تدريجيا في سوريا

بدأت الحكومة تدريجيا برفع الدعم عن بعض المواد، منذ منتصف العام الماضي، عندما توالت قرارات رفع أسعار مختلف السلع والخدمات، حتى وصلت إلى قرار إلغاء الدعم الذي صدر في مطلع شباط/فبراير الماضي والذي أدى إلى إفقار شريحة واسعة من السوريين.

وأدى هذا القرار إلى القضاء على الطبقة المتوسطة في المجتمع السوري، وتحويلها إلى طبقة فقيرة جائعة تبحث عن “لقمة الخبز”، فبات من يملك سيارة أو محل تجاري بسيط يعيش منه، تم سحب الدعم منه، سيضطر هذا المواطن إلى شراء الخبز والمواد الأساسية بأسعار فلكية، سيحوله ذلك إلى مواطن فقير معدوم شأنه شأن من لا يملك شيء، بحسب مختصين لـ”الحل نت”.

وكان مدير التخطيط والتعاون الدولي في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، محمود الكوا، قال لمواقع محلية في وقت سابق من الشهر الفائت، إنه في ظل ارتفاع الأسعار وتدهور الواقع المعيشي في البلاد، فإن الشرائح التي تحتاج إلى دعم أهلي قد ازداد بالتأكيد، لذلك فقد أصبح من كان يعيش على خط الفقر تحت هذا الخط.

إقرأ:سوريا.. الفقر يهاجم الأسلاك الكهربائية

عجز حكومي

أدى النزاع، والنزوح، والانكماش الاقتصادي الحاد، وانخفاض قيمة الليرة السورية أمام القطع الأجنبي إلى زيادة الضغوط على الأسر التي تكافح الآن من أجل تغطية تكاليف توفير الاحتياجات والسلع الأساسية.

وبحسب مختصين، فإن حكومة دمشق في ظل الظروف الراهنة لا يمكن لها فعليا مواجهة خطر الأزمة الغذائية، فقد باتت قضية عجز الحكومة معروفة للجميع، من حيث مواجهة الأزمات الاقتصادية العالمية أو حتى المحلية، وعجزها في ضبط الأسواق ولو جزئيا، ومهزلة التدخل الإيجابي التي تغنت بها الحكومة بعقد عشرات الاجتماعات وإصدار قرارات لم تخرج من إطار “بيع الشعارات والأوهام” للمواطنين، حتى الأسعار تتزايد يوما بعد يوم.

وقال برنامج الأغذية العالمي في تقرير له في آذار/مارس الفائت، إنه ومع دخول النزاع في سوريا في عامه الحادي عشر، تواجه الأسر في جميع أنحاء البلاد مستويات غير مسبوقة من الفقر وانعدام الأمن الغذائي، حيث يكافح المزيد من السوريين اليوم أكثر من أي وقت مضى لوضع الطعام على موائدهم، وفق متابعة “الحل نت”.

قد يهمك:الفقر والجوع يقتربان أكثر من السوريين بعد إلغاء الدعم

ووفق تقارير أممية، أصدرت الشهر الفائت أن ما يقارب نحو 12.4 مليون سوري يعانون حاليا من انعدام الأمن الغذائي. وهذه زيادة قدرها 4.5 مليونا في العام الماضي 2021، وحده وأعلى رقم تم تسجيله على الإطلاق.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.