يبدو أن مزاولة الجلسات الأخيرة لمحاكمة حميد نوري، مساعد القاضي السابق في سجن “جوهردشت” والمتهم بالتورط في قتل السجناء السياسيين الإيرانيين، في العاصمة السويدية ستوكهولم، تصعد الأزمة بين إيران والسويد على خلفية المحاكمة.

وبالتزامن مع الجلسة الـ92 لمحاكمة حميد نوري، والمخصصة للاستماع إلى آخر دفاع لمحاميه، نقلت وكالة أنباء “إيسنا” الإيرانية عن “مصادر مطلعة” قولها إن إعدام أحمد رضا جلالي، الباحث الإيراني-السويدي، وُضع على جدول الأعمال و”سيتم تنفيذه في 21 أيار/مايو على أبعد تقدير”، بتهمة التجسس.

الضغط على إيران

وكالة أنباء “إيسنا” الإيرانية، أشارت في تقريرها، نقلا عن بعض المحللين السياسيين، إلى أن محاكمة حميد نوري في السويد، قولهم: إن “إقامة محاكمة صورية له في ذلك البلد كان هدفها الضغط على الحكومة الإيرانية للإفراج عن أحمد رضا جلالي”.

واعتقل جلالي وهو طبيب وباحث في طب الكوارث في عام 2016 خلال زيارة أكاديمية لإيران، وحُكم عليه بالإعدام بتهمة التجسس لصالح جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد)، وفقا لوكالة “رويترز”.

وخلال محاكمة أمس الثلاثاء، أشار محامو حميد نوري إلى “تناقضات” في روايات السجناء ومذكراتهم التي أثيرت في جلسات الاستماع السابقة للمحاكمة، وفق وسائل إعلام إيرانية.وزعم محامو حميد نوري أنه في بعض هذه الشهادات، تم في البداية ذكر أسماء ناصريان (محمد مقيسه) أو لشكري (داود لشكري، المساعد الأمني لسجن جوهردشت)، ولكن بعد إلقاء القبض على حميد نوري، حل اسمه محل الأسماء السابقة.

ودخلت محاكمة حميد نوري الأسبوع الماضي المرحلة النهائية لعرض الدفاع الأخير للمدعي العام ومحامي المدعين والشهود، من جهة، ومحامي المتهم من جهة أخرى، وفي وقت سابق، طالب المدعي العام، ليندوف كارلسون، بالحكم على حميد نوري بالسجن مدى الحياة، وهو طلب كرره محامو المدعين، وفقا لموقع “إيران انترناشيونال”.

وفي دفاعه الأخير عن لائحة الاتهام، اتهم المدعي العام حميد نوري مرة أخرى بارتكاب “جرائم حرب وجرائم قتل مع سبق الإصرار”.

https://twitter.com/Free_Syria_Iran/status/1521734840911114241?s=20&t=Dg_1i_r36RuAXCC0Iev46Q

في المقابل، في جلسة الثلاثاء الفائت، قال محامو حميد نوري بأن المحكمة غير مختصة وأن الاشتباك بين منظمة مجاهدي خلق والنظام الإيراني كان نزاعا داخليا ولا يمكن مقاضاته في السويد، إلا أن القاضي الذي يرأس الجلسة، رفض طلب محامي حميد نوري بإعادة المحاكمة والإحالة إلى محكمة في إيران.

وحميد نوري، الذي اعتقل في 9 تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، لدى وصوله مطار ستوكهولم، وصف جميع الأحداث التي أحاطت بمقتل سجناء سياسيين في الثمانينيات، وكذلك التهم الموجهة إليه، بأنها “مسرحية” و”قصة مليئة بالإثارة والخيال والوهم وبأنها فارغة ومزورة وغير موثقة”.

قد يهمك: “الحرس الثوري” الإيراني يستعين بعصابات المخدرات لتنفيذ اغتيالات بأوروبا

زيادة التوترات بين إيران والسويد

وازداد التوتر بين إيران والسويد في الأيام الأخيرة مع مثول حميد نوري، ممثل ادعاء العام الإيراني السابق، أمام القضاء السويدي بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب والقتل، على خلفية الإعدامات الجماعية السرية التي طالت آلاف المعارضين للنظام في عام 1988، بناء على مرسوما من المرشد الإيراني الأول (الخميني).

https://twitter.com/Free_Syria_Iran/status/1521819697884323841?s=20&t=Dg_1i_r36RuAXCC0Iev46Q

وأعلنت وزارة الخارجية الإيرانية، مساء الأحد الفائت، استدعاء السفير السويدي لدى إيران ماتياس لينتز، على خلفية محاكمة المدعي العام السابق في طهران حميد نوري، وقالت إن المحكمة “غير قانونية” مطالبة بالإفراج عن نوري.

ووصف البيان الصادر عن الخارجية الإيرانية، التهم الموجهة ضد نوري بأنها ”باطلة وملفقة“، مشيرا إلى أن ”المحاكمة التي تقام في السويد غير شرعية تماما، وتأتي تحت تأثير أفعال وتحريضات كاذبة من مجموعة منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة؛ الأمر الذي يخلق جوا معاديا للجمهورية الإسلامية“.

ودعا بيان الخارجية الإيرانية إلى ما وصفه ”إنهاء العرض السياسي للمحكمة السويدية والإفراج عن حميد نوري المواطن الإيراني المسجون في البلاد“.

ولم يصدر أي تعليق من الحكومة السويدية. ويمكن للمحاكم السويدية محاكمة شخص بتهم مثل القتل أو جرائم الحرب، بغض النظر عن مكان ارتكاب الجرائم، بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية.

وكانت وزارة الخارجية السويدية، حذرت رعاياها من السفر إلى إيران في الأسبوع الماضي، وذلك بسبب “الوضع الأمني”، ودعت مواطنيها إلى الامتناع عن ”الرحلات غير الضرورية إلى إيران“.

ولم يصدر الحكم النهائي لحميد نوري بعد وستستمر محاكمته في الأيام المقبلة مع عرض دفاعه النهائي من قبل محاميه.

إيران تستغل الحكومات الغربية بـ “تهم التجسس”

هذا وتطول قائمة المواطنين الأجانب ومزدوجي الجنسية الذين اعتقلتهم إيران بتهمة التجسس. وتتهم منظمات حقوقية طهران باستخدامهم كأدوات للحصول على تنازلات من الحكومات الغربية، وفق تقارير صحفية.

يذكر أنه في آذار/مارس الماضي، أطلقت إيران سراح المعتقلين الإيرانيين البريطانيين نازنين زاغاري- راتكليف وأنوشه آشوري، عقب التوصل إلى تسوية لدين قديم يبلغ 400 مليون جنيه إسترليني (467 مليون يورو) رفضت لندن تسديده منذ الإطاحة بشاه إيران عام 1979.

كذلك، وفي 2016 اعتقلت زاغاري، وهي مديرة مشروع في مؤسسة “تومسون رويترز”، فرع الأعمال الخيرية لوكالة الأنباء التي تحمل الاسم نفسه، في طهران أثناء زيارة لأسرتها بعد أن اتُهمت بالتآمر لقلب النظام في إيران.

أما آشوري فهو مهندس متقاعد، وقد أوقفته إيران في 2017 وحكم عليه بالسجن عشر سنوات بعد إدانته بتهمة التجسس لحساب إسرائيل، بحسب تقارير صحفية.

وأعلنت منظمتان غير حكوميتان، إيرانية وفرنسية، في نهاية نيسان/أبريل، أن الإعدامات في إيران تضاعفت بعد انتخاب الرئيس المحافظ المتشدد، إبراهيم رئيسي، مشيرتين إلى أن السجل شهد ارتفاعا كبيرا في تطبيق العقوبة بنسبة 25 بالمئة في عام 2021، حيث جرى إعدام عدد متزايد من أبناء القوميات والنساء. وحضت المجموعة الدولية على جعل هذا الأمر “أولوية” في أي مفاوضات مع طهران، وفق تقارير صحفية.

قد يهمك: إيران.. من بين أسوأ ثلاث دول في العالم من حيث حرية الصحافة

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة