لا تزال شوارع وساحات في دمشق، أبرزها منطقة جسر الرئيس في البرامكة، وساحة العباسيين المحاذية لكراجات العباسيين، تغص بالمئات من أهالي المعتقلين، حيث ينتظر الأهالي منذ مساء يوم الإثنين الفائت خروج أبنائهم من سجون الحكومة وخاصة سجن صيدنايا العسكري، وذلك بعد العفو الذي أصدره الرئيس السوري بشار الأسد في 30 نيسان/أبريل الفائت، بموجب المرسوم رقم 7 لعام 2022، والذي شمل العديد من القضايا والتهم المرتبطة بالإرهاب.

من جهتها دعت الداخلية السورية، يوم أمس الثلاثاء، أهالي المعتقلين لعدم الانتظار تحت “جسر الرئيس” وسط دمشق، مؤكدة أنها لم تخصص مكانا لتجمع المفرج عنهم بموجب مرسوم العفو الأخير، وذلك بعد مشاهد زحام لذوي المعتقلين، مشيرة إلى أن عددا كبيرا من المفرج عنهم، غادر السجن مستقلا سيارة أجرة أو من خلال وسيلة ثانية، وأن الوزارة لم تخصص أي مكان محدد لتجميع المفرج عنهم ممن شملهم العفو.

الإفراج في الظلام

على غير العادة التي درجت عليها السلطات السورية، بتجميع المعتقلين المنوي الإفراج عنهم وتصويرهم ونشر قوائم بأسمائهم، بدأت السلطات يوم الأحد بعمليات إفراج عن عشرات المعتقلين من السجون المركزية، وسجن صيدنايا العسكري، وتميزت هذه الإفراجات أنها بعد حلول الظلام.

وقامت الأجهزة الأمنية بنقل المعتقلين المفرج عنهم وتركهم في الشوارع والساحات في دمشق، بعد أن أبلغوهم أنهم خرجوا بمكرمة من “سيد الوطن” بحسب تعبيرهم، ولم يتم تقديم أي مساعدة مالية أو من أي نوع تمكن المفرج عنهم من الرجوع لمناطقهم، كما لم يصل عدد من المفرج عنهم حتى الآن إلى مناطقهم بسبب التهجير الذي تعرضت له المدن والتدمير، وهو ما يعتبر واقعا جديدا لهم خاصة أولئك الذين قضوا سنوات طويلة في السجون.

إقرأ:عفو “الجرائم الإرهابية” في سوريا.. من يشمل وما أهدافه؟

أعداد المفرج عنهم غير معروفة

قال معاون وزير العدل، نزار صدقني، يوم الإثنين الفائت أنه، “لا يوجد حتى الآن رقم معين لعدد من تم إطلاق سراحهم، لوجود أكثر من جهة تعمل بالتنفيذ، ولكن مع انتهاء العمل به ستكون هناك إحصائية”.

ولم تصدر وزارة العدل أو أي جهة رسمية معلومات واضحة عن المعتقلين المفرج عنهم أو حتى أعدادهم، كما لم يتم الإعلان عن مراكز الإفراج، وأكدت مصادر عدة في العاصمة دمشق على أن كثيرا من الفروع الأمنية ليس لديها معلومات، بل تنتظر قوائم تصلها بالأسماء المقرر الإفراج عنها، بحسب مواقع محلية.

وحتى الآن لا تزال أعداد المفرج عنهم غير واضحة، إذ بدأت العديد من الصفحات والناشطين بنشر قوائم مختلفة من الأسماء لمعتقلين، غير أنها غير دقيقة حيث أن هناك العديد من هذه الأسماء لمعتقلين إما أفرج عنهم خلال سنوات سابقة، أو قضوا خلال فترة احتجازهم، بحسب ما أكد ناشطون لـ”الحل نت”.

قد يهمك:تجريم التعذيب في سوريا.. أغراض سياسية لقرار غير حقيقي؟

تلاعب بأهالي المعتقلين

حذر ناشطون من أن الطريقة التي تنتهجها السلطات السورية بالإفراج عن المعتقلين تنطوي على الكثير من التلاعب بأهالي المعتقلين ومشاعرهم على درجة كبيرة، حيث بات هذا واضحا من خلال الصور التي نُشرت خلال الأيام الثلاثة الماضية لهم وهم يفترشون الطرق والساحات، ويتراكضون خلف أي سيارة للشرطة العسكرية على أمل أن يكون أحد أبنائهم من بين المفرج عنهم.

أبو محمد العلي، من درعا، وهو والد لمعتقل قال لـ”الحل نت”، أن ابنه معتقل منذ العام 2012 في سجن صيدنايا، ومنذ سمع بخبر الإفراج قرر التوجه إلى دمشق والانتظار مع بقية الأهالي، مضيفا أن العفو خلق نوعا من الفرح بإمكانية أن يرى ابنه من جديد، ولكن في نفس الوقت هناك ترقب وخوف من عدم رؤيته.

أما عبدالله السعيد، وهو والد لأحد المعتقلين، فقال لـ”الحل نت”، أن طريقة الإفراج عن المعتقلين غامضة وتسبب الكثير من الألم، وطالب كوالد لمعتقل بأن تقوم السلطات بتوفير معلومات كافية للمعتقلين المنوي الإفراج عنهم ونشر قوائم بذلك بدلا من ترك الأهالي يتخبطون في شوارع دمشق دون أن يكون لديهم أي تفاصيل.

إقرأ:الطبيب السوري علاء موسى يواجه السجن المؤبد في ألمانيا

العفو فتح باب الابتزاز

مع صدور العفو الرئاسي، وبدء الإفراج عن المعتقلين بالطريقة التي تتم حتى الآن، فُتح من جديد باب الابتزاز والاحتيال على أهالي المعتقلين.

فحسب متابعة “الحل نت”، بدأت العديد من صفحات فيسبوك وتلغرام بالطلب من أهالي المعتقلين تزويدهم بمعلومات عن أبنائهم ممن لم يخرجوا، أو من لا يعرفون عنهم شيئا.

وبحسب معلومات خاصة بـ”الحل نت”، فإن معظم هذه الصفحات تقوم بتلقي المعلومات، ومن ثم تكون هذه الخطوة الأولى لاستجرار أهالي المعتقلين إلى فخ دفع الأموال مقابل الحصول على أي معلومة عن ابنهم، حيث ترتبط العديد من هذه الصفحات بضباط أو عناصر من الأمن يقومون بتسريب جزء بسيط يدل على المعتقلين من أجل إتمام عمليات الاحتيال.

وقد دفع أهالي المعتقلين مبالغ طائلة خلال السنوات الماضية في رحلة البحث عن أبنائهم، قدرت بنحو مليار دولار وفق تقرير سابق لرابطة معتقلي سجن صيدنايا.

قد يهمك:الأسد يمنح عفوا عاما.. هل يعود الفارون للخدمة الإلزامية؟

من الجدير بالذكر، أنه وبناء على المرسوم رقم 7، يجب أن يتم الإفراج عن عدد كبير من المعتقلين ممن تنطبق عليهم أحكام قانون الإرهاب رقم 19 لعام 2012، ولكن يبقى تكييف هذا المرسوم خاضعا لمحكمة الإرهاب والأجهزة الأمنية التي تسيطر على الملفات الخاصة بالمعتقلين، مع إغفال المرسوم عن المحكمة الميدانية العسكرية والتي تعتبر الأخطر وتسببت بإعدام آلاف المعتقلين في سجن صيدنايا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.