يأمل المواطنون أن تنخفض الأسعار في الأسواق بعد انتهاء شهر رمضان، لكن لا يبدو أن ذلك ممكن، خاصة وأن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أعلنت قبل يومين أن الوزارة لن تلجأ إلى التسعير الجبري، لكنها ستسعر بشكل عادل، مما يشير إلى أن الأسعار لن تنخفض حتى بعد انتهاء شهر رمضان والعيد أيضا.

يأتي هذا الغلاء الفاحش وسط تدني رواتب ومداخيل السوريين، إذ لم يعد ينفع ربع الراتب لشراء وجبة إفطار لا تتجاوز الخضار بعد أن لامس سعر كيلو البندورة عتبة الـ5000 ليرة سورية، ولا يوجد خيار لشرائها “بالحبة” أيضا، بالإضافة إلى فقدان واحتكار العديد من السلع في صالات السورية للتجارة، وفي الأسواق أيضا، بينما يتوفر كل شيء من الخضار والمواد الغذائية في السوق السوداء وعلى مرأى لجان الرقابة والتموين الحكومية، دون أن تقوم الأخيرة بوضع حد لهذا الاحتكار والاستغلال الذي يحصل من قبل التجار ومن يقفون وراءهم.

تصريحات “رنانة”

فيما ناشد المواطنون، سواء عبر وسائل الإعلام أو عبر صفحات التواصل الاجتماعي، الحكومة السورية التدخل ووضع حد لضبط الأسعار أو رفع رواتب الموظفين بما يتناسب مع الواقع المعيشي، جاءت تصريحات الكثير من المسؤولين والتجار ونصائحهم بالاستغناء عن الخضار الأساسية، كالبندورة والحشائش، معتبرينها مجرد “كماليات”، بحسب وسائل الإعلام المحلية.

وفي سياق متصل، تأتي تصريحات “رنانة” من وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بتوفير السلع وملاحقة كبار التجار المحتكرين وإغلاق مستودعاتهم، بينما الواقع الملموس ينبئ بمزيد من الغلاء وخنق المواطن تارة تلو الأخرى، نجد أن جيوب الجهات المسؤولة باتت شبه فارغة من الحلول الحقيقية والكثير من التسويف الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، بحسب موقع “سيرياستيبس” المحلي، يوم أمس.

كذلك، قال وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، عمرو سالم، خلال المجلس العام لاتحاد نقابات العمال، منذ بضعة أيام، بحجة التمسك بالقانون الناظم لعمل الوزارة، والذي يحصر واجبها بتوفير السلع فقط في الأسواق، في حين مسؤولية ضبط الأسعار “لا حياة لمن تنادي”، في حين ينتظر المواطنون أن يتم تبّنيه من أي جهة مسؤولة ذات سلطة رادعة لحيتان الأسواق ووضع حلول مجدية بعيدة عن التصريحات “الوهمية”.

وفي ذات السياق، صرحت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في وقت سابق عبر بيان لها، أن “موضوع الأسعار يشغل الحكومة والمواطن ووزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بشكل خاص”.

وكعلاج لارتفاع الأسعار، قالت الوزارة في البيان الذي اطلع عليه “الحل نت”، قبل يومين، أنه تم مؤخرا صياغة عبارة التسعير الإجباري أو التسعير الجبري، وهذا يعني أن الوزارة تحدد سعرا أقل، وتجبر المصنعين والتجار على استخدامه بغض النظر عن التكلفة.

وإذا تم تنفيذ هذا الموضوع، فسيؤدي ذلك إلى كارثة فادحة في فقدان المواد من الأسواق، لأن أي شخص مجبر على البيع بخسارة سيخفي المواد أو يتوقف عن التعامل بها، وبذلك ستصبح الأسواق فارغة، مما يؤدي إلى أزمة غذاء هائلة.

وذكرت الوزارة، أن جميع السلع التي ينتجها المزارعون لها أسعار يتم تحديدها حسب الموسم والمطر والطقس، وهي عرضة للجفاف أو الصقيع أو الأوبئة، فضلا عن إمكانية توفر الوقود والطاقة والموارد الأخرى، مما يؤثر على كمية العناصر المتاحة في السوق.

وإذا تُرك المزارع يتعرض لخسارة، لأنه سوف يتخلى في النهاية عن الزراعة، يجب على الوزارة، بالتعاون مع أصحاب المصلحة الآخرين، توفير مواد من مصادر غير محلية تكون شبه شاملة.

ومن ناحية أخرى، نوهت الوزارة في بيانها، أنه لا يمكن تسعير المواد المستوردة بأقل من التكلفة، لأن من يقوم باستيرادها سيتوقف عن ذلك، في إشارة إلى أن الأسعار ستبقى كما هي ومن المحتمل أن يرتفع أكثر في الأيام القادمة.

قد يهمك: شراء الفرح بأرخص الأسعار في حلب

غياب الرقابة والتموين

قبل حلول عيد الفطر بأيام، بدلا من انخفاض الأسعار أو صرف الحكومة مبلغا من المال لتلبية احتياجات المواطنين من مستلزمات العيد، إلا أن ذلك جاء مثل “نكتة” بالنسبة للموطنين الذين سخروا من قيمة مبلغ المنحة الحكومية، حيث أنفقت الحكومة 75 ألف ليرة سورية لكل موظف حكومي، أي بما يعادل نحو 18 دولارا، وسط ارتفاعات مضاعفة شهدتها الأسواق آنذاك، ما فرض أعباء مالية إضافية على الناس.

بدوره، قال الخبير الاقتصادي إسماعيل مهنا، إن هناك العديد من الحلول والخطط والمقترحات من قبل خبراء اقتصاديين على طاولة الجهات المسؤولة، لكن صدها بمبررات غير منطقية يقف في طريق تطبيقها على أرض الواقع، بحسب موقع “سيرياستيبس” المحلي.

وشدد الخبير الاقتصادي على ضرورة تعويض فاقد القدرة الشرائية للدخل دوريا وتنشيط عجلة الاقتصاد في ظل أوضاع اقتصادية متعثرة في وجه الجميع لأسباب يشوبها الكثير من الضبابية، فإطلاق العجلة الاقتصادية يجب أن يبدأ بخلق طلب على المنتجات والذي – إن وُجد – يكون في حدوده الدنيا، لعدم وجود مقدرة شرائية للدخل، متسائلا عن تمسك الجهات المسؤولة وإصرارها بإطلاق تصريحات كإبر بنج واهمة لا تستطيع أن تخرج المواطن من عنق زجاجة سوء الوضع المعيشي، على حد وصفه للموقع الإعلامي.

أما بالنسبة لدور الرقابة والتموين، “نجد اختفاء دوريات حماية المستهلك والتي على ما يبدو بدأت في عطلتها مبكرا. وفي محاولة للتواصل “معهم” لمعرفة حجم ضبوط المخالفين والتي يجب أن تكون تجاوزت الحد المعتاد، أغلقت الأبواب في وجهنا تحت ذريعة ضرورة التواصل مع المكتب الصحفي الذي بدوره أجّل طلبنا لفترة ما بعد العيد، لتبقى أرقام الضبوط المخيفة في شهر رمضان وقبيل العيد طي الكتمان ومحجوبة عن الرؤية لأسباب خارج التغطية الإعلامية!”، وفقا لموقع “سيرياستيبس” المحلي.

يبدو أنه لم تعد تجد الإجراءات التي تدعي الحكومة القيام بها كتسيير دوريات لمراقبة الأسواق وتحرير ضبوط بحق المخالفين نفعا، كما أنها لم تؤثر في الأسعار مطلقا، فالأسعار لا تزال في صعود بشكل يومي، وهذا ما جعل المواطنين في حالة تساؤل وتشكيك حول دور الحكومة الموافق ضمنا على ما يجري.

قد يهمك: بعد الزيت.. الكمون السوري لأعلى سعر منذ 5 أعوام

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.