باتت اليوم تكلفة صالات العزاء في العاصمة دمشق في اليوم الواحد تقدر بأكثر من مليون ليرة سورية، حيث تسجل أرقاما قياسية غير مسبوقة، ناهيك عن أسعار المقابر في المدينة والتي وصلت إلى مبالغ ضخمة لا يستطيع معظم الناس تحملها.

في حين تشهد سوريا تدهورا اقتصاديا وموجة غلاء غير مسبوقة، حيث وصلت أسعار المواد الغذائية والخضروات والفواكه والحلويات إلى مستويات “خيالية”، تفوق قدرة معظم السوريين اليوم، إذ تجاوز سعر كيلوغرام واحد من إحدى أصناف الحلويات راتب موظف حكومي، فضلا عن غلاء منتجات الطاقة مثل الغاز والمازوت والبنزين.

تكلفة “التعزية” و”القبور”

أثناء عقد مجلس محافظة دمشق اليوم الأحد أولى جلساته للدورة العادية، والثالثة للعام الحالي برئاسة خالد الحرح رئيس المجلس، تناولت طروحات أعضاء المجلس حول ارتفاع أسعار صالات وقاعات التعزية في البلاد إلى أكثر من مليون ليرة سورية.

وأضافوا بأن “أسعار المشافي الخاصة وبعض المطاعم تتجه نحو أرقام “خيالية” وعدم وجود لائحة أسعار واضحة، وأشار أحد الأعضاء إلى أن سعر صحن الفتوش بلغ 9700 ليرة سورية وبلغ سعر صحن الجرجير 9600 في أحد المطاعم”، وفقا لصحيفة “تشرين” المحلية اليوم.

من جانبه، بيّن عضو المجلس عمار كلعو، أن هناك غيابا للرقابة على المشافي الخاصة وأن المريض يدخل المشفى ويعالج جسديا وفيزيولوجيا لكنه يخرج مريض نفسيا بسبب “ارتفاع الأسعار”.

بدوره، مدير صحة دمشق سامر شحرور، أشار إلى أن “المراكز الصحية تعاني من نقص كوادر وتقدم خدماتها ضمن الإمكانات”، من جانبه دعا أعضاء المجلس إلى “ضبط أسعار صالات التعازي التي وصلت أجرة حجز الصالة إلى ما يقارب 3 ملايين ليرة لمدة ثلاثة أيام.

وبحسب مصادر محلية، أكدت لموقع “الحل نت”، بأن أجور قاعات التعزية، “تختلف بحسب السعة والمنطقة والمستلزمات وتبعاتها، فبعض الصالات تتقاضى في اليوم الواحد نحو مليون ونصف المليون ليرة سورية وربما أكثر من ذلك، وتشمل كل مستلزمات القاعة من ضيافة القهوة وغيرها كأجرة القارئ ومختلف التجهيزات”.

وأضافت المصادر في حديث لـ “الحل نت”، “مع العلم أن هناك قاعات بأجور أقل، لكنها لا تشمل الضيافة مثل القهوة المرة وغيرها من الخدمات مثل الكهرباء وغيرها، خاصة وأن أسعار المازوت في السوق السوداء غالي الثمن وبالتالي زيادة التكلفة لأن القاعة بحاجة لتشغيل مولدة الكهرباء، وكذلك المشروبات الساخنة الذي يحتاج بالضرورة إلى الغاز، وتكلفة جرة الغاز في السوق السوداء اليوم تتجاوز الـ 200 ألف ليرة سورية”.

أما عن أسعار القبور في العاصمة دمشق خلال الفترة الحالية، فقد وصلت إلى نحو 17 مليون ليرة سورية، وهو مبلغ تعجز عن توفيره معظم العوائل السورية اليوم، حيث تضطر إلى البحث خارج العاصمة عن قبور بأسعار تتناسب مع أحوالهم الاقتصادية.

قد يهمك: سوريا.. بلدة من 8 آلاف نسمة تعيش كليا على المساعدات

ظاهرة “التسول”

أما على صعيد انتشار ظاهرة “التسول” ومشغّلي الأطفال، زعم رئيس المجلس خالد الحرح أن المحافظة تعمل على حلها بالتعاون مع الجهات المعنية لوضع ضوابط واستصدار قانون مناسب لمعالجة الظاهرة، وفقا لصحيفة “تشرين” اليوم الأحد.

نتيجة للواقع المعيشي السيء دفع بعض السوريين والسوريات ممن ليس لديهم معيل أو عمل إلى ممارسة مهنة التسول، فبات لا سبيل لهم سوى هذه المهنة. حيث ازداد وجودهم في شوارع المدن السورية في الآونة الأخيرة بشكل كبير، وخاصة من فئة الأطفال والنساء وكبار السن.

حيث نشر موقع “المشهد” المحلي، تقريرا، قبل أسابيع، يتحدث فيه عن انتشار ظاهرة التسول بشكل فاحش في محافظة اللاذقية، وأن هذه الظاهرة لها أهلها ومعتمديها لمناطق محددة ممنوع التعدي على قطاعها، باستثمار رابح لحاجة البعض واستغلال الآخرين، ووصف الموقع المحلي مهنة التسول بـ “من لا يخشى مد يده ويتفنن في الاستجداء والتعاطف”، وأن صاحب الحاجة الحقيقية “عفيف لا يمد يده”، وأن “غلة” المتسول يتراوح بين 100 إلى 150 ألف ليرة سورية.

الموقع المحلي تطرق في تقريره لانتشار ظاهرة التسول وقام بإلقاء اللوم على المتسولين وأنهم يكسبون مبالغ كبيرة يوميا (هذا في حال المقارنة مع رواتب موظفي الحكومة السورية)، لكنه لم يتطرق إلى أسباب انتشار هذه الظاهرة ودوافع الناس على امتهان هذه المهنة ولم يأخذ آراء المتسولين وظروفهم.

وبحسب مختصين، فإن ظاهرة التسول باتت منتشرة بشكل كبير خلال السنوات الماضية في سوريا، ورغم تفعيل مكاتب مكافحة التسول في مختلف المحافظات السورية، فإن ظاهرة تسول الأطفال والنساء وكبار السن تنامت إلى حد كبير في الأشهر الأخيرة؛ بسبب الفقر وغلاء المعيشة وتدني مستوى الليرة السورية مقابل العملة الأجنبية من جهة، ومن جهة أخرى عدم توافر الأوراق الثبوتية لعدد كبير من الأطفال؛ بسبب فقدانهم الأب، وبالطبع ذلك يحرمهم من الحصول على بعض المساعدات من قبل الجمعيات والمنظمات الإنسانية الخاصة التي تقدم المساعدات الغذائية، وغيرها من حاجات الإنسان الأخرى كالأدوية والألبسة، حتى ولو بنسبة قليلة.

كذلك، وفي ظل الفوضى الأمنية والتهاون القضائي في المؤسسات الحكومية في هذه القضايا، اندفعت بعض العصابات والمافيات لاستغلال عدد كبير من الأطفال الذين ليس لديهم معيل أو مسؤول، عبر تشغيلهم في مهنة التسول، مقابل إعطاء الطفل أو الطفلة مبالغ ضئيلة جدا وتأمين أكله وإقامته ونومه.

ويعاني معظم السوريين وخاصة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية، من ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة وضعف القدرة الشرائية وسط  تدني الرواتب في القطاعين العام والخاص.

قد يهمك: احتياجات أطفال سوريا تبلغ أرقاما قياسية

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.