مشاهد التوغل التركي في العراق عادت مجددا لتشغل وسائل الإعلام المحلية والعالمية، ففي تكرارٍ للمشهد المعتاد، أعلن وزير الدفاع التركي خلوصي آكار عن عملية عسكرية تركية داخل الأراضي العراقية، وتحديدا في مناطق جبل متين والعمادية في محافظة دهوك.

وتعد العملية الأخيرة واحدة من بين أكبر العمليات العسكرية التي قامت بها تركيا داخل الأراضي العراقية، بهدف ملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني.

فيما يؤكد كثير من السكان المحليين أنه لا وجود لعناصر حزب العمال في المناطق التي يتوغل بها الجيش التركي.

ويأتي التوغل التركي في العراق بالتزامن مع زيارة قام بها مسرور بارزاني، رئيس حكومة إقليم كردستان، إلى أنقرة، بهدف عقد اتفاقيات اقتصادية، أبرزها بيع غاز الإقليم لتركيا.

ويرى كثير من المراقبين أن العملية التركية الأخيرة تختلف عن سابقاتها نوعيا، ولا تستهدف فقط إقليم كردستان كالعادة، فما أبرز ما يميز التوغل التركي الحالي؟

الاتحاد الوطني: “التوغل التركي في العراق محاولة للسيطرة على المناطق السنية”

غياث سورجي، عضو الاتحاد الوطني الكردستاني، وهو ثاني أكبر الأحزاب في إقليم كردستان، يؤكد أن “التوغل التركي في العراق أسفر عن سقوط عديد من الضحايا في صفوف المدنيين، فضلا عن تهجير مئات العوائل، وهدم عشرات من المنازل”.

مبينا، في حديثه لموقع “الحل نت”، أن “الهدف من العمليات التركية هو التوسع الاستراتيجي داخل العراق، إضافة إلى تعزيز تواجد القواعد العسكرية التركية في إقليم كردستان، التي يبلغ عددها رسميا حوالي مئتي قاعدة”.

وأشار إلى أن “هذه العمليات تحمل رسائل عديدة، توجهها تركيا للحكومة العراقية، مفادها إصرار أنقرة على تنفيذ مصالحها وأجندتها في المنطقة، فهي تحاول السيطرة والاستحواذ على إقليم كردستان، وكذلك جميع المناطق ذات الأغلبية السنية في شمال وغرب العراق”.

حزب العمال: “هدف التوغل التركي هو كركوك ونينوى وليس كردستان”

كاوه شيخ موس، عضو حزب العمال الكردستاني، يرى أن “الهدف من التوغل التركي في العراق ليس التقدم داخل مناطق إقليم كردستان فحسب، بل الوصول إلى محافظتي نينوى وكركوك”.

ويضيف، في حديثه لموقع “الحل نت”، أن “تركيا تريد التمدد إلى هاتين المحافظتين، وتعتبر العملية الأخيرة خطوة أولى للوصول إليهما، ولديها سيناريو خاص لتحقيق هذا الهدف”.

موضحا أن “السيناريو يشمل نشر عناصر تنظيم داعش على الشريط الحدودي العراقي مع سوريا، لكي تحدث أضطرابات أمنية، لإشغال القوات الأمنية العراقية، وبعدها يقوم الجيش التركي بالتوغل داخل أراضي محافظة نينوى”.

ولفت إلى أن “هناك جهات تقوم بتقديم المساعدة لتركيا لتنفيذ خططها، وأبرز تلك الجهات الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، والأطراف السنية العراقية التي تتصدر المشهد السياسي”.

مقالات قد تهمك: الدور التركي بالسياسة العراقية: هل أصبحت القوى السياسية السُنيّة “ولائية” لأنقرة؟

الديمقراطي الكردستاني: “مسؤولية التوغل تقع على عاتق حزب العمال”

موقع “الحل نت” تواصل مع مناف حسن، عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، لمعرفة موقف الحزب من الاتهامات الموجهة إليه، بتسهيل التوغل التركي في العراق،  فأكد بحسم “عدم وجود أي تنسيق بين تركيا والحزب الديمقراطي الكردستاني، بشأن العملية العسكرية الأخيرة”.

مضيفا أن “ان حزب العمال الكردستاني محظور في تركيا، وينبغي أن يصفي حساباته مع حكومة أنقرة بعيدا عن الاراضي العراقية”.

وتستند تركيا، بحسب عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، إلى “اتفاقية مع النظام العراقي السابق، عُقدت في ثمانينيات القرن الماضي، تسمح لها بملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني إلى نحو عشرة كيلومترات داخل الحدود العراقية”. منوها إلى أن “أعضاء حزب العمال متواجدون في سنجار، التابعة لمحافظة نينوى، ويستلمون رواتبهم من الحكومة الاتحادية العراقية، ما يدفع تركيا إلى توسيع توغلها في العراق”.

ويرى حسن أن “تواجد حزب العمال الكردستاني هو سبب تمركز قواعد عسكرية تركية على الأراضي العراقية، وتهجير سكان أكثر من ثمانمئة قرية، وتعريض المنطقة للخراب والدمار”.

مختتما حديثه بالقول: “لكل هذه الأسباب ترفض حكومة إقليم كردستان وجود حزب العمال الكردستاني التركي على أراضيها، وتحمله مسؤولية التوغل التركي في العراق. مع العلم أن توسيع الأتراك لنطاق تدخلهم يستغل ضعف موقف الحكومة العراقية الاتحادية، التي تُنتهك سيادتها”.

دعوات للرد على التوغل التركي

السياسي والكاتب العراقي علي فضل الله، انتقد موقف الحكومة العراقية من التوغل التركي في العراق، داعيا إلى “طرد السفير التركي من بغداد، وسحب السفير العراقي من أنقرة، باعتبار هذا خطوة أولى، ردا على العمليات التركية في مناطق إقليم كردستان”.

مؤكدا، في حديثه لموقع “الحل نت”، أن “على الحكومة العراقية عدم الاكتفاء ببيانات التنديد والاستنكار، التي لاتلقي لها تركيا بالا. فهناك خطوات حاسمة يجب القيام بها، من بينها وقف التعامل الاقتصادي مع أنقرة، وإيقاف الاستثمارات التركية، وتقديم شكوى في مجلس الأمن ضد تركيا، فضلا عن غلق المنافذ الحدودية بين البلدين”.

وأشار إلى أن “تركيا تعتمد على العراق بشكل كبير من الناحية الاقتصادية، وذلك لكثرة البضائع التركية التي تدخل الأراضي العراقية، وأيضا وجود عدد كبير من الشركات التركية، التي تستثمر بملايين الدولارات في العراق. وإيقاف التعامل الاقتصادي يعني ضربة موجعة لأنقرة، وسيجعلها تخسر المليارات”.

وتسبب التوغل التركي الأخير في العراق بنزوح أكثر من خمسمئة عائلة من قراها، باتجاه مركز ناحية كاني ماسي بقضاء العمادية في محافظة دهوك.

وكانت قاعدة زيلكان التركية، الواقعة بناحية بعشيقة شرقي مدينة الموصل، قد تعرضت لقصف بالصواريخ، لم تُعرف خسائره البشرية والمادية. في الوقت الذي يطالب فيه كثير من النواب والسياسيين العراقيين بضرورة تشريع البرلمان العراقي قانونا يعتبر القوات التركية قوة احتلال، وتواجدها على الأراضي العراقية غير شرعي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.