الدور التركي بالسياسة العراقية: هل أصبحت القوى السياسية السُنيّة “ولائية” لأنقرة؟

الدور التركي بالسياسة العراقية: هل أصبحت القوى السياسية السُنيّة “ولائية” لأنقرة؟

يثير الدور التركي بالسياسة العراقية، الكثير من التساؤلات مؤخرا. إذ لم يغب التدخل الخارجي عن مشهد تشكيل الحكومة العراقية الجديدة. وإضافة إلى إيران، المستمرة بتحركاتها مع عدد من الأطراف الشيعية. دخلت تركيا على خط الأزمة، من خلال تبنيها القوى السنية.
ويرى مراقبون أن الأطراف العالمية والإقليمية سيكون لها الدور الأكبر في رسم خارطة التحالفات والتفاهمات بين الكتل والقوى السياسية العراقية خلال المرحلة المقبلة.
ومع أن هنالك إجماعا على أن الدورين الأميركي والإيراني هما الأكبر، إلا أنه يتم الحديث مؤخرا عن ازدياد الدور التركي بالسياسة العراقية، خاصة بعد لقاء محمد الحلبوسي، رئيس البرلمان العراقي، رفقة خميس الخنجر، رئيس تحالف السيادة، مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بحضور هاكان فيدان، رئيس جهاز المخابرات التركية. لـ”بحث تعزيز العلاقات بين بغداد وأنقرة، وتبادل المعلومات الاستخبارية لمكافحة الإرهاب”. بحسب ما ذكره بيان صحافي صادر عن مكتب رئيس البرلمان العراقي.
اللقاء أحدث ضجة في مواقع التواصل الاجتماعي والأوساط السياسية أيضا، التي اعتبرت حضور رئيس جهاز المخابرات التركية في لقاء سياسي، تعبيرا عن مدى الهيمنة التركية على قرار القوى السنية في البلاد، وهو ما ينكره أنصار تلك القوى.

الدور التركي بالسياسة العراقية وترتيب البيت السني الداخلي

مصدر سياسي مطلع كشف لـ”الحل نت” عن أسباب زيارة الحلبوسي والخنجر لتركيا، وعلاقتها مع الدور التركي بالسياسة العراقية.
المصدر، الذي فضّل عدم نشر اسمه، قال إن “المباحثات تمحورت بشكل أساسي حول منصب وزارة الدفاع في الحكومة العراقية. فقد شهدت الأيام المنصرمة  تزايد الخلافات داخل البيت السني، لاختيار شخصية مناسبة للمنصب، الذي جرى العرف أن يكون من المكون السني”.
هذه الخلافات، بحسب المصدر، “دفعت القوى السنية لطرق باب أنقرة، لإيجاد حلول لها. فقد سبق لأردوغان أن رعى اتفاقا لحل الإشكاليات التي حصلت بين الحلبوسي والخنجر، وجمعهما في تحالفِ واحد. انبثق منه ترشيح الحلبوسي لدورة ثانية لرئاسة البرلمان العراقي”.

تحالف السيادة: الدور التركي بالسياسة العراقية مشروع وضروري

ولمعرفة تطورات الدور التركي بالسياسة العراقية، التقى موقع “الحل نت” مع يحيى المحمدي، النائب في البرلمان العراقي عن تحالف “السيادة”، الذي يتزعمه خميس الخنجر، فأكد أن التحالف “يسعى لتكوين علاقات مميزة مع جميع دول الجوار، وعلى رأسها تركيا”.
مشددا على أنه “كما من حق الآخرين إقامة أفضل العلاقات مع إيران والدول الأخرى، فإن تحالف السيادة يسعى لخدمة مصالح ناخبيه، والمكون السني، الذي تعرض خلال السنوات الماضية لشتى أنواع الظلم والتهميش”.
وتابع أن “زيارة الحلبوسي والخنجر إلى تركيا طبيعية، مثلما تقوم زعامات الكتل السياسية من مختلف المكونات بزيارات سرية وعلنية إلى جميع الدول، وتسعى لإقامة أفضل العلاقات، وتتلقى شتى أشكال الدعم. ومن حقنا أن نسعى لتمتين علاقاتنا مع جميع الدول، وعلى رأسها تركيا، التي لها مصالح واسعة في العراق”.

القوى الكردية: مشروع تركي خطير للسيطرة على محافظتين عراقيتين

إلا أن بقية القوى ترى تعاظم الدور التركي بالسياسة العراقية من منظور مختلف. إذ يقول غياث السورجي، القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني، إن “تركيا لديها مشروع خطير، يهدف للهيمنة على محافظتي نينوى وكركوك”.
لافتا، في حديثه لموقع “الحل نت”، أن “تركيا تحاول الهيمنة على القرار السني في البلاد. والتدخّل في المحافظات السنية، بهدف تحقيق أطماعها، للسيطرة على محافظتي نينوى وكركوك. وهو الحلم المنشود لأردوغان”.
لكن القيادي الكردي يشير إلى أن “المشروع التركي لن ينجح بدون مساعدة من قوى سياسية عراقية، وهذا ما يحصل حاليا”.
وقبل أيام أكد روزبار تولهلدان، عضو لجنة العلاقات في حزب العمال الكردستاني، أن “الجيش التركي يقوم بحفر الأنفاق على الحدود البرية مع العراق، من جهة إقليم كردستان، وذلك تمهيدا للوصول إلى قضاء سنجار، التابع لمحافظة نينوى”. ما يثير مخاوف القوى الكردية من أبعاد تطور الدور التركي بالسياسة العراقية

الإطار التنسيقي: الدور التركي بالسياسة العراقية هو للهيمنة على القرار السني

من جهته  أكد محمود الحيالي، عضو الإطار التنسيقي الموالي لإيران، أن “زيارة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي إلى تركيا هي امتداد لمشروع أنقرة، الذي أوجد تحالف السيادة من الأساس”.
وأضاف، في تصريحات صحافية، أن “زيارة الحلبوسي إلى تركيا لم تكن رسمية، وإنما كانت زيارة خاصة. وتهدف لإكمال المشروع التركي، الذي يريد الهيمنة على المناطق المحررة في العراق”.
زاعما أن “تركيا هي من أوجد تحالف السيادة، الذي يضم الخنجر والحلبوسي. ونجحت بإنهاء الخلافات والمشاكل التي كانت بينهما قبل الانتخابات البرلمانية، التي جرت في العام الماضي”.
وكان الخنجر قد أعلن، قبيل عقد الجلسة الافتتاحية للبرلمان العراقي بدورته الجديدة، عن تشكيل تحالف سياسي مع حزب تقدم، الذي يتزعمه محمد الحلبوسي، باسم تحالف السيادة. على أن يكون الخنجر زعيما للتحالف، والحلبوسي رئيسا للبرلمان. وهو المنصب المخصص للمكون السني، وفقا للعرف السياسي السائد. ولكن هذا التحالف الجديد دفع البعض للحديث عن تزايد الدور التركي بالسياسة العراقية.
ولعبت أنقرة دورا محوريا في جمع أقطاب البيت السني في العراق. كما ترعى حاليا، بحسب مصادر مختلفة، اتفاقا يهدف لتقاسم المناصب المخصصة للسنة، ومن بينها مناصب وزارة الدفاع، وديوان الوقف السني، ومنصب محافظ نينوى.

رسالة تركية إلى طهران: رئيس المخابرات مواز لقائد فيلق القدس

خالد الجبوري، عضو مجلس عشائر جنوب الموصل، يؤكد أن “اللقاء الأخير، الذي جمع أردوغان بالحلبوسي والخنجر. بحضور رئيس جهاز المخابرات التركي، هو رسالة من أنقرة لطهران”.
موضحا، في حديثه لـ”الحل نت”، أن “أنقرة تريد، بعد تزايد الدور التركي بالسياسة العراقية، إيصال رسالة إلى إيران، مفادها أن مرحلة تقاسم الأدوار قد بدأت. ولايمكن اختزال المشهد السياسي في العراق بطهران فقط. وأنها قادرة على جعل القرار السني مرهونا بتركيا حصرا”.

مقالات قد تهمك: التحالفات السياسية للصدر: ما نوع السلطة التي سيشكلها الصدريون وسط الصراع الطائفي؟


مؤكدا أن “حضور رئيس المخابرات التركية في اللقاء هو رسالة بأنه سيكون الشخص الموازي لاسماعيل قاآني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني “.
مختتما حديثه بالقول: “أنقرة بدأت بمشروع الهيمنة على المحافظات السنية، إذ تُختزل جميع المشاريع الاستثمارية في محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين بالشركات التركية حصرا، وهذا يشير إلى مدى تصاعد الدور التركي بالسياسة العراقية”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.