لا تزال الكهرباء تشكل الهاجس الأكبر للسوريين في البلاد، من حيث ساعات التقنين الطويلة والانقطاع شبه الدائم من حين لآخر بسبب الأعطال المتكررة على شبكة الكهرباء، فضلا عن التفاوت المستمر في قيمة فواتيرها، والذي يميل إلى الارتفاع بشكل غير متناسب مع قيمة الصرف.

في هذا الصدد، بدلا من أن تخفف الحكومة السورية أحد أكبر معاناة المواطنين في البلاد، على العكس من ذلك، فإنها تزيد الأمر سوءا وتضيق الحياة على المواطنين يوما بعد يوم. حيث تعتزم حكومة دمشق قريبا برفع الدعم عن الكهرباء، وفق تقارير صحفية محلية يوم أمس.

الكهرباء “سلعة مستباحة” للمواطنين

خلال فعاليات المؤتمر الأول للاستثمار في قطاع الكهرباء والطاقات المتجددة، يوم أمس، قال وزير الكهرباء غسان الزامل في كلمة له، “أنه وطالما أن الدعم المخصص للكهرباء مهول وكبير بهذا الحجم سيكون هناك عدم توجه وقدرة لرفع كفاءة الطاقة”، وبرر ذلك بـ”انخفاض قيمة هذه الكهرباء ما جعلها سلعة مستباحة من قبل كل القطاعات المنزلية والصناعية”.

وأضاف الزامل لموقع “الاقتصادي” المحلي، إن “وزارة الكهرباء تسعى لتركيب العدادات مسبقة الدفع وأن هذه الخطوة مدرجة ضمن خطط الوزارة لكن تطبيقها ليس بالأمر السهل”، مبينا أن “تكلفة تبديل جميع العدادات الموجودة حاليا ستكون مرتفعة جدا، إضافة إلى صعوبة استيراد هذه العدادات كغيرها من تجهيزات قطاع الكهرباء بسبب العقوبات الدولية”.

وأوضح الزامل أن “الفاقد الكهربائي كان سابقا بين 19-18 بالمئة وارتفع الآن إلى حوالي 26 بالمئة وقد يكون أكثر، وهناك صعوبات كبيرة في تخفيض الفاقد الكهربائي سواء التجاري الذي يحدث نتيجة السرقات، أو الفاقد الفني الذي يحدث بسبب الضياعات التي تحدث على الشبكة”، وفق وصفه أثناء حديثه للموقع المحلي.

وفي وقت سابق قال مدير عام المؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء في وزارة الكهرباء فواز الظاهر، لوسائل الإعلام المحلية، إن “تكاليف الإنتاج سببت عجزا لدى الوزارة في ظل تمسك الحكومة بسياسة الدعم للكهرباء”، مبينا أن “تكلفة إنتاج الكيلو واط الساعي الواحد هي 400 ليرة سورية، وكان وسطي بيعه للمشتركين قبل زيادة التعرفة 13 ليرة سورية أي خسارة 387 ليرة في كل كيلو”، وفق زعمه.

قد يهمك: وعود جديدة تطلقها الحكومة لتحسين الكهرباء والواقع المعيشي.. هل تصدقها؟

الحكومة تتخلى عن المواطنين

وبالرغم من ادعاء الحكومة بأنها تخسر نتيجة دعمها للكهرباء، إلا أنها لا توفر الكهرباء إلا ساعات قليلة خلال اليوم الواحد، حيث تصل ساعات التقنين في بعض المناطق إلى 22 ساعة يوميا مقابل ساعتين تغذية فقط، فضلا عن قيامها برفع تسعيرة الكهرباء.

فقد أظهرت فواتير استهلاك الكهرباء في العاصمة دمشق، الارتفاع الكبير الذي طرأ على فواتيرها، لاسيما في الدورة الأخيرة التي شملت شهري كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير من العام الجاري، حيث وصلت فواتير الكهرباء الصادرة في دورتها الأخيرة، إلى مبالغ تجاوزت 20 ألف ليرة سورية، بعد أن كانت لا تتجاوز مبلغ 3 آلاف ليرة سورية في الدورات الصادرة، بحسب موقع “صوت العاصمة” قبل يومين.

ووفق الموقع، فإن بعض الفواتير وصلت إلى مبالغ كبيرة جدا، تراوحت بين 50 و70 ألف ليرة سورية للاشتراك المنزلي، مضيفا إلى أنها في مناطق تُقطع فيها الكهرباء لساعات طويلة، فيما لم يحصل المشتركون على أي نتيجة من تقديم اعتراضات لمؤسسة الكهرباء، وأن المؤسسة اكتفت بتقسيم الفاتورة على أشهر تحت بند “الشرائح”.

وفي نيسان/أبريل الفائت، صدرت فواتير كهرباء بتسعيرة جديدة، على الرغم من التقنين لساعات تكون معها الكهرباء نادرة معظم الأحيان، وبينت هذه الفواتير أن معظم المستهلكين الذين استهلكوا 1500 كيلو واط، وصلت قيم فواتيرهم بعد التعرفة الجديدة لحدود 16 ألف ليرة بدل من 6100 حسب التعرفة السابقة، في حين من استهلك ألفي كيلو واط بلغت قيمة فاتورته 77500 ليرة بدلا من 12 ألف حسب التعرفة السابقة، في حين وصلت قيمة الفاتورة ذات الاستهلاك 2500 كيلو واط إلى 130 ألف ليرة بدلا من 18 ألف ليرة، وفق متابعة “الحل نت”.

وتأتي الزيادة بحسب قسم التخطيط في وزارة الكهرباء على الشريحة الرابعة والخامسة التي تصل فيها قيم الكيلو لحدود 150 ليرة لأن أصحاب هذه الشريحة ليسوا من ضمن الشرائح المستهدفة من الوزارة في الدعم، لأنهم يمثلون شريحة عالية الاستهلاك ورغم ذلك يشملهم الدعم عبر استهلاكهم الذي يقع ضمن الشرائح الأولى مثل الشريحة الأولى التي تعرفتها 2 ليرة، وأن الرسوم التي ترافق فاتورة الكهرباء تعود لوزارتي المالية والإدارة المحلية بمعدل 21 بالمئة من قيم الفاتورة تتوزع على نحو 10,5 بالمئة لوزارة المالية ونحو 11 بالمئة لوزارة الإدارة المحلية وهي ترتفع وتنخفض حسب قيمة الفاتورة، بحسب متابعة “الحل نت”.

الكهرباء متوفرة للمسؤولين

وبينما تعتزم الحكومة للقيام برفع الدعم عن قطاع الكهرباء، فإن هناك خطوطا معفية من التقنين تذهب إلى مناطق المسؤولين الحكوميين وأصحاب السلطة بشكل علني.

إذ طالب عضو مجلس الشعب سهيل سلام خضر، بإلغاء كافة الخطوط الخاصة المعفاة من التقنين، والإبقاء فقط على الخطوط العامة وذات الطابع الإنتاجي، متهما وزارة الكهرباء بالفساد وتقديم خطوط معفاة من التقنين لبعض الجهات والشركات مقابل مبالغ مالية تدفع بشكل غير قانوني.

وقال خضر في رسالة وجهها لرئيس مجلس الشعب ونشر نسخة منها عبر صفحته على منصة “فيسبوك” أواخر الشهر الفائت: “إن فكرة الخطوط المعفاة ابتُدِعَتْ يوم كان التقنين (3ب3) وكانت آثارها على المواطن قليلة جدا، وقد شُكلت لجنة لهذا الغرض تُعفي من تشاء وترفض ما تشاء والميزان هو من يدفع أكثر وإلا كيف تُعفى منشأة سياحية وتُرفض أخرى؟”.

وأكد خضر أن “هناك مئات الخطوط المعفاة من التقنين على مستوى القطر. وحاليا وبعد أن أصبح التقنين(1ب6) فإن استمرار وجود.. هذه اللجنة وهذه الإعفاءات للمنشآت الخاصة هو جريمة بحق المواطن”.

يذكر أن الحكومة السورية قدمت خلال السنوات الماضية عشرات الوعود بتحسين واقع التيار الكهربائي، إلا أن ما حصل كان العكس ومع تقدم الوقت تزيد ساعات التقنين في سوريا، كما وتخطط الحكومة حاليا برفع الدعم عن الكهرباء، وبالتالي زيادة معاناة المواطنين أكثر، خاصة وأن السكان يمرون بأزمة معيشية خانقة، لا تتحمل المزيد من المآسي.

قد يهمك: سوريا.. ارتفاع في فواتير الكهرباء وتغير آلية دفع فواتير الهاتف

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.