لم يمضي الفصل التشريعي الأول من مجلس النواب العراقي بعد، ولم تكتمل حتى إجراءات تشكيل الحكومة التي من المفترض أن تكون نتيجة طبيعة لحراك شعبي كان قد اجتاح البلاد في أواخر 2019، وأفرز عدد من الحركات السياسية الناشئة، التي برزت منها حركة “امتداد” ممثلة عن جزء من المحتجين، إلا أنها سريعا ما انغمرت في التخبطات السياسية.

وكانت “امتداد”، التي فازت في الانتخابات التشريعة المبكرة التي أجريت في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر 2021، بـ9 مقاعد نيابية، قد حملت نفسها منذ اللحظة الأول التي قررت فيها خوض غمار الانتخابات وسط معارضة أغلب القوى التي انبثقت من ساحات الاحتجاج، أكثر مما تحتمله حركة سياسية ناشئة وبمثل المشهد السياسي في العراق، وفق مراقبين.

https://twitter.com/saifsalahalhety/status/1527249316976508928?s=21&t=r2CEy1TLGZ7JN3_QZG4doQ

اقرأ/ي أيضا: العراق.. إعفاء أمين عام ورئيس كتلة “حركة امتداد” 

اضطراب سريع

وسريعا ما انعكس ذلك على استقرار الحركة التي قطعت وعودا بأن تبقى على عهد المحتجين، ومدافعة عن حقوقهم، وممثلة عن مطالبهم، إلا أن ذلك لم يدم طويلا حتى بدأت الانشقاقات الداخلية تعصف بالحركة التي وصفت لحظة فوزها بالضد النوعي وحجر الأساس لمشهد سياسي جديد في عراق لا مكان فيه للقوى التقليدية، التي يتهمها المحتجون بالفساد والتسبب بقتل المتظاهرين في احتجاجات “تشرين”.

وبرر المنشقون أسباب خروجهم عن الحركة وإدانتهم لها ولرأيسها في أكثر من مرة، بسبب خروج الحركة عن ميثاقها الذي قطعته مع الجماهير، وانخراطها في غمار العمل السياسي الذي حتم عليها الجلوس مع بعض القوى التقليدية، وانحيازها في الجلسة الأولى لانتخاب رئيسا لمجلس النواب إلى جانب محمد الحلبوسي المتحالف مع زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر الذي يتهمه بعض من المحتجين بتورط أتباعه بمقتل عدد من المحتجين، وتصويت عدد من أعضاء الحركة لصالحه.

وبالرغم من أن الانشقاقات جاءت في الصف الأول وغالبا الثاني من أعضاء الحركة، إلا أنه لم يتوقع أن تطال أعضاء الحركة الفائزون بعضوية مجلس النواب، حتى أعلن أول أمس الخميس، 5 أعضاء منهم الانسحاب من الحركة، وعزا المنحسبون أسباب ذلك لخروج الحركة عن مبادئ “تشرين” بإشارة للحركة الاحتجاجية، وتفرد أمينها علاء الركابي بقرار الحركة المصيرية، بحسب وثيقة تلقاها موقع “الحل نت”.

ليس ذلك فحسب، بل أن تحالف الحركة مع كتلة “الجيل الجديد” الكردية التي تشوبها تهم فساد، قد أثار الشكوك حول مصير الحركة منذ اللحظة الأولى لفوزها، ما استدعى الوقف بجدية على مسار الحركة التي اعتقد فيها طيفا واسعا من العراقيين الخلاص من حقبة طغمة الفساد التي تسيدت المشهد منذ العام 2003، ومناقشة ما إذا كانت قادرة على استكمال طريقها والإيفاء بوعودها؟

من الوضاح جدا أن “الحركة قد أساءت تقدير العمل السياسي، ما دفعها لتبني برنامج صعب التحقق، لتظهر أمام مسؤولية مضاعفة أمام جماهيرها الذين صوتوا لها في الانتخابات، والأسوأ أمام السواد الأعظم من العراقيين المناهضين للعملية السياسية ولم ينتخبوا، الذي كان من المفترض أن يمثل نجاح امتداد لهم حافزا لأن يلتفوا حولها ويضاعفون من حظوظها في المستقبل”، كما يرى المهتم في الشأن السياسي العراقي علي سوادي.

ويقول في حديث لموقع “الحل نت”، أن “من الجيد الجماهير العراقية تتمتع بذاكرة أنية لا تطاول في مواقفها، بالتالي أن حركة امتداد إذا ما تداركت موافقها والتصدع الحاصل في صفوفها سريعا وإعادة رسم خارطتها الداخلية، فمن الممكن أن تفقد قيمتها وهذا يعني ضياع فرصة تاريخية في تغيير المشهد العراقي المتداعي”.

ويضيف أن “امتداد صدمت بالتوقعات وتقديراتها للمواقف، فهي حيث كان أعضاءها محتجين في ساحات التظاهر، لم يتمكون من أن يفصلوا بين كونهم ناشطين ومشاريعا سياسية واعدة، بالتالي هذا ما دفع لأن يكون وضع امتداد على شكلها الحالي”.

اقرأ/ي أيضا: أهم قوى “تشرين”: ما مصير “حركة امتداد”؟

فرصة نادرة

ومن جانب آخر، أن “قلة الخبرة، وحداثة التجربة أيضا له أثرا في ذلك، خصوصا وأن المشهد العراقي بظل تسيد القوى التقليدية التي تملك المال والسلاح والمناصب السلطوية التنفيذية، تكون فيه الفرص نادرة ولا تحتمل الرهانات والمجازفات العبثية، بل تحتاج إلى من يملكون الرؤية والشجاعة، ونفس المطاولة، والحنكة السياسية التي تمكنهم من العمل بشكل واقعي بعيدا من أن يضعوا أنفسهم في سباقات خاسرة”، وفقا لسوادي.

وفي سياق تحركات الحركة لتدارك ما يحدث داخلها، كشف أعضاء في “امتداد”، يوم أمس الجمعة تفاصيل محضر الاجتماع أشار إلى قرار إعفاء الأمين العام للحركة النائب علاء الركابي.  

فقد قررت حركة “امتداد”، إعفاء الأمين العام للحركة علاء الركابي، ورئيس الكتلة البرلمانية محمد نوري عزيز، بالإضافة الى التصويت على “حزمة إصلاحات”.

وأشارت وثيقة اطلع عليها “الحل نت”، إلى أن القرار صدر عن الأمانة العامة، الأربعاء 18 أيار/مايو، بناء على طلب مقدم من عضو الأمانة أمير صباح مظلوم.

بالمقابل، قال الأمين العام لحركة امتداد علاء الركابي، اليوم السبت، في بث مباشر على حسابه عبر فيسبوك، إن الحركة ستتحول إلى مارد يبتلع الأحزاب الحاكمة.

وأضاف أن “امتداد جاءت شوكة في عيون الأحزاب، ومن الطبيعي أن يتم استهدافها لأن امتداد تتحول في وقت من الأوقات إلى “مارد” يبتلع هذه الاحزاب ويزيحها من السلطة بطريقة سلمية وان طال الزمن”.
  


ولفت إلى أن “الاحزاب تسخر كل إمكانياتها لضرب امتداد يوميا وصناعة رأي عام لهدف ابتزاز الحركة”، مشيرا إلى أن “الحركة لن تسلك الأساليب النجسة في العملية السياسية، كما تسلكها الأحزاب”.  
  
الركابي أكد: “سنجعل أي فاسد في امتداد عبرة لمن يعتبر، وذلك بعد اكتمال التحقيق حول شبهات”، ملوحا بـ “حل حركة امتداد خلال شهرين!”.

اقرأ/ي أيضا: استقالات جماعية من “حركة امتداد” التشرينية

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.