تعود مشكلة السياسة النقدية في سوريا إلى الواجهة، بعد الحديث عن احتمالية طرح عملة ورقية جديدة قيمة عشرة آلاف ليرة، وذلك في ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية، وصعوبة التعامل النقدي اليومي بسبب فقدان العملة السورية لقيمتها أمام السلع والخدمات في البلاد.

وبعد دعوات عدة من قبل خبراء اقتصاديين، أعلن البنك المركزي في سوريا، أن لا نية له في إصدار أو طباعة فئة نقدية جديدة في المرحلة الراهنة.

وقال مدير مديرية الخزينة في البنك المركزي إياد بلال، في تصريحات لإذاعة “المدينة إف إم” الخميس إن: كافة الأنباء المتداولة حول طباعة عملة ورقية من فئة 10 آلاف، “هي آراء اقتصادية لخبراء، وغير مستندة إلى أي نية أو فكرة مطروحة من قبل بنك سوريا المركزي حول طباعة أو إصدار أي فئة جديدة من الأوراق النقدية“.

هل تحل الأزمة؟

وكان رئيس هيئة الأوراق والأسواق المالية في سوريا عابد فضيلة، اعتبر الثلاثاء أن طباعة عملة ورقية من فئة العشرة آلاف، يمكن له أن يكون حلا للتضخم وسيساهم في تخفيف ضغط التعامل النقدي، الناتج عن انهيار قيمة العملة المحلية أمام السلع والخدمات.

قد يهمك: المخابر تخاف من الدولار وتحاليل زواج السوريين بـ100 ألف

وطالب فضيلة خلال لقاء عبر إذاعة “المدينة ” حكومة دمشق، برفع الرواتب ودعم عملية الإنتاج بما يحقق نسبة طلب أعلى وبالتالي انخفاض بالتكاليف، وتراجع في أسعار السلع بدون أن يخسر المنتج.

ويعود الحديث عن طباعة فئة جديدة من العملة السورية إلى العام الماضي، وسط تحذيرات متزايدة من هذه الخطوة، والتي اعتبرتها مصادر اقتصادية في دمشق واحدة من الحلول المقترحة بقوة للمناقشة على طاولة الحكومة في دمشق. خاصة وأن المصرف المركزي السوري يمول تجار الأزمات بتحويلات المغتربين، ويتجنب العقوبات من خلال خلق مجموعة متشابكة من الشركات الوهمية.

وفي مطلع العام 2021، كان المصرف المركزي قد طرح ورقة نقدية جديدة من فئة خمسة آلاف ليرة سورية، وكان حينها سعر الصرف يبلغ 2910 ليرة سورية  للدولار الواحد.

وقال في بيان حينها، إن العملة النقدية مطبوعة منذ عامين، وجاء طرحها “تلبية لتوقعات احتياجات التداول الفعلية من الأوراق النقدية، وبما يضمن تسهيل في المعاملات النقدية وتخفيض تكاليفها ومساهمتها بمواجهة آثار التضخم التي حدثت خلال السنوات الماضية“.

التضخم عام 2020

المكتب المركزي للإحصاء في سوريا، أصدر تقريرا قبل أيام أكد خلاله أن التضخم السنوي لجميع السلع، في العام 2020 بلغ 163.1 بالمئة مقارنة مع العام 2019.

وبحسب التقرير الذي نشرت صحيفة “الوطن” المحلية نسخة منه، “فقد بلغ أكبر تضخم سنوي في العام 2020 مقارنة بالعام 2019 في قطاع المطاعم والفنادق حيث بلغ 526.2 بالمئة، يليه المياه المعدنية، والمشروبات المرطبة، وأنواع عصير الفواكه بتضخم سنوي وصل إلى 249.4، جاء بعدها السلع والخدمات المستعملة في عمليات الصيانة المنزلية بتضخم سنوي بلغ 230.3، ثم المشروبات غير الكحولية بتضخم سنوي 224.9″.

وبرأي الباحث الاقتصادي والأكاديمي، الدكتور يحيى السيد عمر، أن انهيار العملة السورية بين عامي 2019 و2020، شكل العامل الأهم لارتفاع أسعار السلع في الأسواق السورية، حيث أن قيمة التضخم في أسعار السلع المستوردة يفوق نظيره في السلع المحلية، وذلك كون السلع المستوردة تتأثر بتضخمين، الأول هو التضخم العالمي، والثاني التضخم المحلي.

وقال السيد عمر في حديث سابق لـ“الحل نت“: لا بد من التوضيح أن البيانات المذكورة تخص المقارنة بين عامي 2020 و 2019، وهذه الفترة شهدت أول تدهور حاد في الليرة السورية، ففي مطلع عام 2019 كانت قيمة الليرة تعادل 490 ليرة للدولار الواحد، بينما في نهاية عام 2020 كانت 3000 ليرة للدولار.

ويؤكد الباحث الاقتصادي أن الخيارات أمام حكومة دمشق، لمواجهة الأزمة الاقتصادية “محدودة للغاية“، وذلك في ظل العقوبات الدولية والفساد الإداري والاقتصادي والتضخم العالمي وتعطل الإنتاج وسيطرة ميليشيات الحرب.

وحول ذلك يضيف: “تعتمد حكومة النظام بشكل رئيس على التمويل بالعجز، وهو ما يفافم من أزمة التضخم، فالحل الأفضل حاليا تحفيز الإنتاج الزراعي، كونه الخطوة الوحيدة المتاحة، إلا أنه وحتى الآن لم تقم حكومة النظام بخطوات ملموسة في هذا المجال“.

الفقر أكثر من 90 بالمئة

تشير الأرقام الصادرة عن منظمات الأمم المتحدة ووكالاتها الرئيسية، والتي تُجمع بحسب تقاريرها الدورية وتصريحات مسؤوليها على أن نسبة انتشار الفقر في سوريا تزيد اليوم على 90 بالمئة، وهي نسبة تمّ استنتاجها إما من خلال الخلاصات المبنية على خط الفقر الأممي البالغ 1.90 دولار للفرد في اليوم، أو من خلال نتائج مسوح الأمن الغذائي للأسر السورية، والتي نفذت بالتعاون مع الحكومة السورية، وآخرها كان في عام 2020، بحسب موقع “الجمل” المحلي.

وبحسب الموقع، تشير التقديرات غير الرسمية إلى أن معدل انتشار الفقر اليوم في سوريا يُراوح ما بين 90 و95 بالمئة، وذلك استنادا إلى الارتفاع غير المسبوق في معدل التضخم خلال عامي 2020 و2021 والأشهر الأولى من العام الحالي، وفشل السياسات الحكومية في إنعاش العجلة الإنتاجية للبلاد بالشكل والمستوى المطلوبين.

قد يهمك: الإنترنت يُخيف التُجّار في سوريا.. ما الأسباب؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.