مع ارتفاع أسعار جميع الأمور المعيشية في سوريا، لا بد أن تشمل حتى الأمور الترفيهية أو الأشياء التي يمكن للإنسان الاستغناء عنها في أوقات الشدة، إذ لا يغيب عن مسامع كل مقبل على الزواج، الاستفسارات حول تكاليف فرقة العراضة الشامية التي سيختارها وإن كانت ستحوي مبارزة بالسيف والترس أم ستقتصر على مظاهر الرقص وضرب الطبول والأجواء الحماسية. وبالطبع الغلاء طال هذا الطقس أيضا، حيث باتت تصل حاليا تكاليف زفة العريس نحو نصف مليون ليرة سورية.

“زفة العريس” حسب القدرات المادية

اعتادت أحياء دمشق القديمة وبعض المناطق الأخرى على وجود فرق العراضة التي تشارك في مختلف المناسبات، وجرت العادة في العرس الدمشقي أن ترافق العريس بكامل تفاصيل عرسه لتشجع أصدقاءه والأفراد على المشاركة في أجواء الزفاف، إضافة إلى تواجدها في مناسبات أخرى مثل افتتاح محال أو استقبال شخص عزيز أو حتى أعياد ميلاد أو حفل تخرج.

وأضاف أبو محمد، أحد أعضاء فرقة عراضة شامية لموقع “أثر برس” المحلي، يوم أمس السبت، عن المتغيرات التي طرأت على هذا الطقس خلال فترة السنوات الماضية، فيقول: “قبل عام 2011 كنا نستقدم الخيل والحمام للعراضات ونستخدم الألعاب النارية لنزيد من الجو الحماسي، أما اليوم هذه الإضافات باتت بناء على طلب العريس، إن وجدت”.
وأردف أبو محمد في حديثه للموقع المحلي، حول تكلفة العراضة، إذ إن تكلفة زفة العريس فقط يبلغ 250 ألف ليرة سورية، أما في حال طلب العريس زفة مع تلبيسة فيكلف 350 ألف، ويزداد السعر في حال تم طلب كرنفال ومولوية ودخول للصالة.

ووفق الموقع المحلي، فإنه بشكل عام تتألف فرقة العراضة من عدد من الأعضاء يختلف بين فرقة وأخرى لكن الحد الأدنى يكون أكثر من 10 أشخاص، وتتألف من “القائد” وهو رئيس الفرقة الذي يقوم بالوصف (ترديد الأغاني) ولديه مساعد يمكن أن ينشأ بينهما نوع من التنافس في الغناء أو الشعر إضافة إلى أعضاء يلعبون بالسيف والترس أما باقي الأشخاص فمهمتهم التصفيق وترديد الأهازيج، كما يتشابه زي كل فرقة وأخرى خاصة أنه مستوحى من اللباس الدمشقي القديم.

لا زواج بدون تقرير طبي

عملية تثبيت الزواج في سوريا، من المعاملات القانونية والإدارية البسيطة، من حيث الأوراق المطلوبة، وآلية تثبيت العقد في المحاكم الشرعية، ورسوم بسيطة تدفع في المالية، ولكن الحكومة تعمل من خلال بعض القرارات على زيادة الأعباء المالية على المواطنين حتى في أبسط معاملاتهم الحكومية ومنها الزواج.

حيث أن التقرير الطبي الذي يثبت خلو الخاطبين من الأمراض السارية أحد الأوراق المطلوبة في تثبيت عقد الزواج، لكنه في السابق لم يكن ملزما، كما لم يكن قادرا في حال عدم وجوده على تعطيل عقد الزواج.

وقد أصدر وزير العدل، أحمد السيد، تعميما على كافة قضاة المحاكم الشرعية قبل أيام، يقضي بعدم إجراء المعاملات الخاصة بعقد الزواج ما لم يكن مرفقا بها التقرير الطبي والتحاليل اللازمة، الصادرة عن مخبر وعيادة ما قبل الزواج في نقابة الأطباء، وذلك حرصا على الصحة العام.

وحول آخر قرار برفع تكلفة التقرير الطبي الخاص بالزواج عام 2020، بلغت هذه التكلفة 55 ألف ليرة، بعد أن كانت 15 ألف ليرة قبل ذلك، بينما تتجاوز اليوم في المراكز المخبرية الخاصة الـ100 ألف ليرة، حيث تبرر نقابة الأطباء ارتفاع التكاليف نتيجة لارتفاع أسعار المواد المستخدمة في هذه التحاليل، بحسب متابعة “الحل نت”.

قد يهمك: لا زواج دون تقرير طبي بسوريا.. “تشليح” للمواطن بحجة الصحة؟

حالات الزواج والطلاق

القاضي الشرعي الثالث في دمشق خالد جندية أكد ارتفاع نسبة تعدد الزوجات في سوريا، حيث كانت تشكل 30 بالمئة، من مجمل عقود الزواج، موضحا أنه بسبب الحرب وهجرة الشباب وقلتهم، أصبحت بعض النساء تتقبل فكرة الزواج الثاني على حد تعبيره.

وقال جندية في تصريحات نقلتها إذاعة “شام إف إم” قبل أسابيع إن: “نسب الطلاق والزواج متقاربة في السنوات الأخيرة، ولكن هناك ازدياد بنسب الطلاق عما كانت سابقا، وذلك لعدة أسباب منها الوضع الاقتصادي المعيشي الحالي، حيث حالة الفقر تؤدي لوقوع الخلافات وبالتالي ينتهي الأمر بالطلاق، إلى جانب أسباب شخصية أخرى تتعلق بفارق العمر بين الزوجين، أو التقارب العمري، أو قلة الانسجام والتفاهم“.

وكشف جندية عن آخر إحصائيات الزواج والطلاق في دمشق وأضاف: “عام 2020 سجلت 30 ألف حالة زواج و10 آلاف حالة طلاق، أما في عام 2019 تم تسجيل 26 ألف حالة زواج و9500 حالة طلاق“، مؤكدا أن حالات الزواج أكبر من حالات الطلاق“.
وسجلت البلاد مؤخرا ارتفاعا غير مسبوق في معدلات الطلاق، وكشف القاضي الشرعي الأول في اللاذقية، أحمد قيراطة، عن تسجيل حالة طلاق خارجة عن المألوف في المحافظة، مطلع العام الجاري.

وأكد قيراطة ارتفاع معدلات الطلاق في سوريا خلال السنوات الأخيرة، مرجعا أسبابا إلى “غياب الزوج أو فقدانه والتراجع الأخلاقي في المجتمع، والتفسخ الاجتماعي، وغلاء المعيشة، كل ذلك له تأثير في زيادة حالات طلاق تحصل اليوم في سوريا” حسب قوله.

أغرب حالات “المهور”

مؤخرا، باتت الأحاديث تتداول عن حدوث زيجات في سوريا تجعلك تقف مذهولا من غرابة المهور التي تقدم للعروس أو الشروط التي تطلبها العروس للموافقة على العريس.

حيث حصل زواج منذ نحو شهرين في ريف دمشق حيث اشترطت العروس أن يكون مهرها “نظام طاقة شمسية” وصرحت أنها لن تقبل العريس ما لم يحقق لها شرطها.

وحصل زواج آخر غريب جدا حيث اشترطت العروس أن يتزوج صديقتها معها وقام بكتب كتابه على الفتاتين معا وأحدث هذا الخبر ضجة كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي.

وفي زواج غريب آخر صرح القاضي الشرعي الأول في محافظة اللاذقية أحمد قيراطة، عن حقيقة قيام أحد المواطنين بتسجيل مهر بـ200 مليار ليرة سورية، مؤكدا أنه لم يتدخل بتسجيل أي مهر خلال عمله لأي عقد زواج.

وتختلف صور “المهر” من مجتمع إلى آخر. ففي المجتمع السوري عادة ما يشترط أن يكون “المهر” على شكل شراء كمية من الذهب للعروس، وتختلف كميته حسب قدرة الشاب المادية، وهذه العادة تختلف من محافظة إلى أخرى في سوريا، وفي بعض المحافظات.

ومع ذلك، يبدو أن ارتفاع سعر الذهب إلى أعلى المستويات، إلى جانب غلاء جميع الأمور المعيشية في البلاد، وهو ما يفوق قدرة نسبة كبيرة من الشباب في البلاد اليوم، حيث تقوم العديد من الأسر مؤخرا بتزويج بناتها بتكاليف أقل نتيجة لسوء الأوضاع المعيشية، وهناك آراء تشجع على إلغاء مسألة “المهر” وحصره في شراء “المحابس” فقط للمقبلين على الزواج، نتيجة تدهور الأوضاع الاقتصادية لمعظم السوريين في الداخل وتوخيا لتخفيف أعباء الزواج، وأن لا يكون “المهر” عائقا أمام الزواج.

قد يهمك: تخفيفاً لأعباء الزواج.. هل يختفي “المهر” من المجتمع السوري؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.