من المتوقع أن تتفاقم مشكلة إمدادات السكر في سوريا بسبب الأزمة الحالية في البرازيل، أكبر منتج للسكر على مستوى العالم، ومن ناحية أخرى، لم تتخذ الحكومة السورية أي خطوات في الأشهر الأخيرة لمعالجة التأثير المحتمل لغزو روسيا لأوكرانيا، والذي أدى إلى وقف إمدادات السلال العالمية وضمان امتلاك البلاد لمخزونات كافية من محصول السكر وغيره من السلع الأساسية، الأمر الذي أدى إلى زيادة كبيرة في أسعار السكر.

مكافئة مجزية!

رغم الحاجة الماسة للسكر، إلا أن مكافئة الحكومة السورية لمنتجي الشوندر بعشر ليرات للكيلو، كانت دليل على أن المؤسسات التي تتحكم في الاقتصاد السوري غير مدركة لحجم الأزمة التي تعصف بالمواطنين والمنتجين الزراعين في البلاد.

فبحسب مديرة الهيئة العامة لإدارة وتنمية الغابات في سوريا، أوفى وسوف، فإن المكافأة التي أقرتها رئاسة مجلس الوزراء أمس الخميس للمزارع، والتي قدرت ب 10 آلاف ليرة للطن الواحد من الشمندر الذي ينتجه المزارعون، لا تزال غير كافية بالنسبة لهم مقارنة بتكاليف الإنتاج المرتفعة.

وقالت وسوف، في تصريح لموقع “هاشتاغ” المحلي، إن المهم بالنسبة للمزارع هو الجدوى الاقتصادية للمحصول الذي تنتجه أرضه، لأنه حول تركيزه على زراعة القمح بدلا من المحاصيل الأخرى، حيث أن الحكومة ضاعفت المكافأة عن زراعة القمح.

وأشار وسوف، إلى أن الحكومة إذا كانت تريد محصول الشمندر السكري، فيتعين عليها أن تؤسس جدوى اقتصادية مماثلة للقمح لتشجيع المزارعين على زراعته أيضا، فعند مقارنة محصول الشمندر بمحاصيل أخرى، فهو يدوم طوال العام، مما يعني ضمنا أن دورة رأس المال فيه تقترب من عام كامل، في حين أن المحاصيل الأخرى لا تدوم إلا حوالي نصف عام.

وأوضح وسوف، أن قرار الحكومة بزيادة المكافأة للمزارعين الذين يقومون بزراعة الشمندر يعد قرارا جيدا من حيث المبدأ، نظرا للتكاليف الإنتاجية العالية للمحاصيل خاصة أن المحصول في نهايته حاليا، ويأمل المزارع زيادة المكافأة أكثر في العام التالي.

الشوندر في أيامه الأخيرة

تاريخيا، يعد القطن والسكر أهم محصولين صناعيين في سوريا، فبينما انخفض إنتاج القطن، الذي كان أحد المحاصيل الاستراتيجية الرئيسية في سوريا خلال السنوات السابقة، إلى مستويات تاريخية، فإن الحكومة السورية تجاهلت إنتاج الشمندر السكري تماما، إذ تُظهر الرسوم البيانية لإنتاج المحصولين بين عامي 2000 و 2021، الأثر الكبير الذي حدث للمحصولين بسبب الصراع العسكري، والعوامل المناخية، ونقص الدعم الحكومي.

ووفقا لخبراء زراعيين، تحدثوا سابقا لـ”الحل نت”، فإن زراعة الشمندر السكري في سوريا كانت تساهم في تأمين 400 ألف طن من التفل الرطب وهو مادة علفية منخفضة التكلفة. بالإضافة إلى أوراقه ومخلفاته التي توفر المادة الخام لإنتاج الكحول والخميرة. فضلا عن توفير الكثير فرص عمل لعدد كبير من المواطنين.

العديد من مزارعي الشمندر السكري في منطقة الغاب، أفادوا أن البذور التي حصلوا عليها من البنوك الزراعية لم تنبت حتى الآن، رغم توقيعهم عقودا مع شركة سكر تل سلحب لتسليم محصولهم إليه من أجل إنتاج السكر.

المزارعون ألقوا باللوم في ذلك على البذور رقم 4000 و4001، بدعوى أنها ذات جودة منخفضة ومعدل إنباتها أقل من 10 بالمئة، على الرغم من حقيقة أنها زُرعت في تموز/يوليو من العام الماضي.

من جهته، محمد حسان قطنا وزير الزراعة السوري قال في تصريحات سابقة، إن ما ورد عن البذرة ورداءتها غير صحيح، مؤكدا أن نتائج الفحوصات وحيويتها تستوفي المعايير الفنية، وأن نسبة الإنبات في النوعين المشار إليهما كانت غير صحيحة إنما هي فوق 90 بالمئة.

واتهم قطنا، المزارعين باعتمادهم على مياه الأمطار في الري، وهو ما لم يكن كافيا، بخاصة بعد عدم كفاية الأمطار، مبينا أن المساحة المزروعة بالشمندر بلغت 2872 هكتارا من أصل الخطة 4322 هكتارا، فيما حذر الخبير التنموي أكرم عفيف، من أزمة نقص في مادة السكر في سوريا خلال العام الجاري، وأكد في الوقت ذاته، أن “زراعته تحتضر”.

الجدير ذكره، أن الإحصائيات تشير إلى أنه في عام 2021، بلغ إنتاج الشمندر السكري في سوريا صفر طن. إذ تذبذب إنتاجه بشكل كبير في السنوات الأخيرة، حيث سجل أعلى فترة زيادة خلال الفترة 1971. ثم بدأت المؤشرات في الهبوط حتى عام 2021 منتهيا عند صفر طن.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.